لم تعلن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الثورة الشعبية في سوريا تحولت إلى نزاع مسلح داخلي، حتى منتصف يونيو/ حزيران من عام 2012، ذلك أَن عدة شروط لا بد أن تتحقق، فبعد انشقاق المقدم حسن هرموش، في 10 يونيو/ حزيران 2011، أُعلن، بعدها، بأيام تشكيل ما يسمى “لواء الضباط الأحرار”، وأَصبح هناك أول تشكيل عسكري شبه منظم، يتبع الثورة السورية. تبع ذلك، في نهايات أيلول/ سبتمبر، تشكيل الجيش السوري الحر، بقيادة العقيد رياض الأسعد، ثم إعلان تأسيس المجلس الوطني السوري في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، برئاسة الدكتور برهان غليون، فأصبحت للثورة السورية قيادة سياسية، وبدأت، بعد ذلك، العمليات العسكرية تنتشر وتتوسع، حتى وصلنا إلى عتبة النزاع المسلح الداخلي .
ما يهم، في هذا الاستعراض السريع، أن القانون الدولي لحقوق الإنسان هو الذي كان منطبقاً على الوضع في سوريا ما قبل منتصف يونيو 2012، وكانت انتهاكاتٌ واسعةٌ للقانون الدولي لحقوق الإنسان قد اقترفها النظام السوري، وفقاً لتقارير حقوقية وطنية، وتقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، الصادر في يناير/ كانون الثاني 2012، واتهمت فيه اللجنة الأممية النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في عدة أصناف من الانتهاكات، عبر القتل والتعذيب والعنف الجنسي. وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 28372 شخصاً، بينهم 2483 طفلاً و1889 امرأة، وغيرهم ممن قضوا في مراكز الاحتجاز، وتجاوزت نسبة المدنيين بينهم 97%، وتجاوزت نسبة النساء والأطفال 6% من مجموع الضحايا، وهي نسبة مرتفعة جداً.
اعتباراً من منتصف يونيو 2012، يصبح القانونان الدوليان، الإنساني والعرفي، مطبقين، جنباً إلى جنب، مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يسري في وقت الحرب والسلم، وعندما يوجد بينهما أي تعارض، نلجأ إلى ما يسمى مبدأ “التخصيص”. وهنا، انتقلنا إلى مرحلة جديدة، ومهمة جداً، من أبرز نقاطها أنه يمكننا محاسبة أفراد بأنفسهم على انتهاكاتٍ، ارتكبوها بموجب القانون الجنائي الدولي.