اللغات
متاح بالـ
يقوم النظام السوري خلال الأيام القادمة بإجراء “انتخابات” رئاسية لمحاولة إسباغ شرعية شكلية على نظام الحكم الذي قام –وما زال- على قوة الأجهزة الأمنية والقمعية منذ انقلاب حزب البعث على السلطة في 8 آذار 1963م, فيما يبدو ترويج النظام للتعددية والديمقراطية من خلال الانتخابات الشكلية أشبه بكوميديا سوداء وسط حجم الدمار والمقابر الجماعية وملايين النازحين واللاجئين, ومئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين والمشوّهين, بسياسات النظام السوري الدموية التي ترقى لجرائم إبادة ضد الإنسانية.
أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة تعرف باسم “مسؤولية الحماية” أو “R2P ‘في عام 2005، فعندما تفشل الدول في حماية مواطنها من الإبادات الجماعية، أو التطهير العرقي، أو جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانية، في الحالة السورية فقد تجاوز النظام السوري ذلك فقد قام نظام بشار الأسد بنفسه بشن هجمات ضد الأحياء السكنية في مختلف المدن و البلدات السورية ، وهنا فإن مسؤولية حماية المواطنين السوريين العزل تنتقل إلى المجتمع الدولي الذي يتوجب عليه أن يستجيب لذلك في الوقت المناسب عبر اتخاذ كافة الأجراءات اللازمة ، بالاستناد إلى الفصل السادس والسابع والثامن من ميثاق الأمم المتحدة.
من وجهة نظرنا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن الانتخابات الرئاسية لاتعتبر شرعية نظر للأسباب الرئيسية التالية :
أولا : كيف يكون للانتخابات أدنى شرعية واقعية في وضع تتعذر فيه ممارسة هذه العملية في أكثر من 90% من الأراضي السورية, بسبب القصف المستمر والاشتباكات, أو بسبب أعداد النازحين في الداخل والتي لا تقلّ عن 6.5 مليون نازح, وأعداد اللاجئين في الخارج والتي لا تقلّ عن 3.845 مليون لاجئ, أو بسبب السلطة القمعية التي لا تمنع حق الحرية السياسية فقط على من تحت سلطتها, وإنما قد تمنعهم حق الحياة نفسه لدى أي تمرّد طفيف على السياسات المفروضة.
ثانيا : كيف يكون للانتخابات أدنى شرعية أخلاقية وقانونية تحت سلطة نظام يحتوي على سجلّ حافل من الجرائم ضدّ الإنسانية; حيث يعتقل أكثر 215 آلف سجين بينهم مالايقل عن 85 ألف هم في عداد المختفين قسرياً, قتل 4571 سجيناً تحت التعذيب (حتى لحظة كتابة هذا البيان) من بينهم 92 طفلاً و31 امرأة جميعهم موثقون بالأسماء والتفاصيل, إضافة إلى ممارسات العنف الجنسي التي تعرضت لها أكثر من 7500 امرأة, والتي لا يمكن لنظام سياسي قائم على شرعية القانون لا على شرعية القمع أن يسلكها, هذا كلّه قبل الحديث عن حجم القتلى المرعب ضمن المأساة السورية المستمرة والذي لا يقلّ عن 108527 شخصاً مدنياً, من بينهم 14825طفل و 13293 امرأة, وذلك يعني أنه يقتل في سورية على يد القوات الحكومية كل ساعة 4 مواطنين مدنيين, بمعدل 96 مواطنا يوميا .
ثالثا : كيف يكون للانتخابات أدنى شرعية , بعد ممارسة النظام السوري عدداً هائلاً من جرائم الحرب المدانة حسب الأعراف والقوانين والمواثيق المعمول بها.
ألف : استخدام أسلحة محرمة دولياً:
استخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية لأكثر من 52 مرة أوسعها كان في الهجوم على الغوطتين 21/08/2013م, خلفت هذه الهجمات 1127 قتيلا نسبة 40% منهم نساء و أطفال إضافة إلى إصابة 9260 شخص.
كما استخدم النظام القنابل العنقودية في 9 محافظات سورية شملت عشرات المناطق, وأودت بحياة ما لا يقل عن 137 شخصاً.
باء : القصف العشوائي عديم التمييز عن طريق :
القنابل البرميلية: استخدمت القوات الحكومية بحسب دراسة استقصائية قامت بها الشبكة السورية لحقوق الإنسان شملت مختلف المحافظات السورية أكثر من 5827 برميلا متفجرا أودت بحياة ما لا يقل عن 6275 شخص أكثر بينهم قرابة ال 491 طفل و أكثر من 97 % من الضحايا هم مدنيين و هذا دليل قاطع على أنها أسلحة عشوائية تهدف إلى القتل و القتل فقط.
أحدثت تلك البراميل المتفجرة أثرا تدميرياً واسعا تسبب في دمار و تضرر ما لا يقل عن 5630 مبنى.
صواريخ السكود: استخدمت القوات الحكومية ما لا يقل عن 238 صاروخ سكود في قصفها للمحافظات السورية وأغلب القصف تركز على محافظتي حلب و الرقة ولكن منذ نهاية عام 2013 وبدايات عام 2014 انخفض معدل استخدام صواريخ سكود واستعاضت القوات الحكومية عنها بالبراميل المتفجرة ويبدو أن السبب وراء ذلك انخفاض تكلفة البراميل المتفجرة مقارنة مع صواريخ سكود.
تسببت في مقتل 377 مواطناً, جميعهم من المدنيين بينهم 108 أطفال و 74 امرأة ، كما سقط قرابة ال 1850 جريح.
جيم : تدمير الأبنية المشمولة بالرعاية جريمة حرب :
المدارس : استهداف القوات الحكومية للمدارس أن ما لا يقل عن 3873 مدرسة إما مدمرة بشكل كامل أو متضررة بأضرار نسبية, كما قامت قوات المخابرات والجيش التابعة للحكومة السورية بتحويل قرابة ال 1200 مدرسة إلى مراكز اعتقال وتعذيب أو لمقرات أمنية يقيم فيها عناصر الامن المخابرات السورية.
المشافي: نال القصف العشوائي و المتعمد من المشافي و تسبب ذلك القصف و التدمير بالإضافة إلى عمليات النهب و التخريب الممنهج الذي تقوم به القوات الحكومية كل ذلك تسبب بأن تخرج ( 45 % من المشافي في سورية عن العمل و تتوقف بشكل كامل ) ، أما ال 55 % المتبقية فهي إما تعمل بشكل جزئي ( 15 % تعمل بشكل جزئي ) ، أو تعمل بشكل جيد 40%.
الكنائس : قصف القوات الحكومية مالايقل عن 33 كنسية وحولت بعضها لثكنات عسكرية.
المساجد : قصف القوات الحكومية أكثر من 1594 مسجد و حولت بعضها لثكنات عسكرية .
الأحياء السكنية: دمرت العديد من الأحياء السكنية بصورة عقاب جماعي .
إننا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان ندين الاستهتار الصارخ بعقول ومشاعر الشعب السوري، والمجتمع الدولي ،ومعاناة الضحايا المستمرة, كما نجدد المطالبة بسحب أي شرعية دبلوماسية من النظام السوري, وتقديم المتورطين بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة, والعمل بشكل أكبر ومكثف على إنهاء المأساة السورية المستمرة, والتي تزداد كلفتها الدموية ثقلاً على الأجيال التي عايشتها, وتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية أمام التاريخ.