اللغات
متاح بالـ
استغرق إعداد هذه الدراسة قرابة تسعة أشهر, قام خلالها فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان داخل وخارج سورية (البعض من فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان أطباء يعملون داخل مشافي ميدانية) بعشرات الزيارات للمشافي والمخيمات وأماكن القصف, وأجروا لقاءات مع عشرات الأطباء بالإضافة إلى مقابلات مع الجرحى أنفسهم للحديث عن كيفية الإصابة.
تم بعد ذلك أخذ عينات احصائية تقديرية من مختلف المحافظات والمناطق السورية, ثم جمع هذه العينات الاحصائية التقديرية والحصول على رقم تقريبي لأعداد الجرحى والمصابين منذ بداية الثورة في سورية وحتى الآن، وأن كنا نعتقد أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك; فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة في هذا التقرير, فإننا نؤكد أننا لم نتمكن من الإلمام إلا بجزء بسيط جدا من واقع الجرحى والمصابين وأعدادهم داخل وخارج سورية، حيث أن الجرحى في سورية مازالو يتساقطون بالعشرات يوميا حتى لحظة كتابة هذا التقرير, بالتزامن والتوازي مع سقوط الضحايا كل ساعة.
ومما يزيد في معاناة الجرحى الكلفة المرتفعة للعمليات الجراحية, والسبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم سماح الحكومة السورية للأمم المتحدة أو لأي من مؤسساتها الرئيسية بإيصال المساعدات الطبية للمناطق التي تتعرض للقصف. وأن عجز المجتمع الدولي, متمثلا في مجلس الأمن, عن إجبار الحكومة السورية على إيصال المساعدات خلال ثلاث سنوات كاملة, ليشكل دليلا صارخا على تخاذل رهيب من قبل مجلس الأمن, وبالتالي فإنه يتحمل مسؤولية رئيسية عن جراح الشعب السوري التي سوف تمتد لعقود من الإعاقة والشلل.
خلص التقييم الأولي لفريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى إصابة ما لا يقلّ عن 1.1 مليون شخص في سورية منذ بداية الثورة في آذار/2011م وحتى تاريخ إصدار التقرير, ومما يلفت الآنتباه أن ما لا يقلّ عن 45% من بين المصابين هم نساء وأطفال, بمعنى أن هناك قرابة نصف مليون طفل وامرأة مصابين في سورية، وأن هناك مابين 10% إلى 15% حالات إعاقة أو بتر للأعضاء, أي بما يقدر بـ 120 ألف حالة.
و لقد تبين لفريق الباحثين في هذا التقرير أن:
• معظم إصابات الانفجارات والعبوات الناسفة تكون ضمن الناحية الوجهية بنسبة 50%, أما الأطراف فإنها تصاب بنسبة 30%, في حين تصاب بقية أنحاء الجسم بنسبة 20%.
• معظم إصابات الطلق الناري المباشر والقنص تكون ضمن الصدر والبطن بنسبة 50%, أما الأطراف فتكون بنسبة 40%, والناحية الوجهية الرأسية بنسبة 10%.
حصلنا على عشرات من الشهادات والروايات التي تقاطع أغلبها في كيفية الإصابة وصعوبة العلاج والإسعاف وضعف الإمكانيات. وحتى نتجنب التكرار, اكتفينا بذكر سبعة وخمسين شهادة متنوعة مابين طبيب ومسعف ومصاب وعضو في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ونشير إلى تغيير بعض أسماء الشهود وفقا لرغبتهم وحفاظاً على سلامتهم.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان : “يتوجب على الأمم المتحدة و الجامعة العربية ايجاد آليات فاعلة للتصدي لأزمة الجرحى السوريين من خلال دعم المنظمات الطبية الوطنية بالكوادر و المعدات والعمل على ايجاد مظلة رعاية طبية شاملة تهدف إلى التنسيق بين جميع الجهود الطبية و توفر أقصى درجات الرعاية الطبية الممكنة “
نتوجه بخالص الشكر والتقدير للجرحى وأسرهم مع تمنياتنا لهم بالشفاء, وللأطباء والمسعفين ونشطاء الإغاثة الذين أثقلنا عليهم كثيرا أثناء التحريات, ونثمن عاليا تعاونهم الكبير, ولولا ذلك لما تمكنا من أنجاز هذه الدراسة على هذا المستوى.