شرع النظام السوري بتطبيق تسوية بينه وبين المواطنين المحاصرين داخل مدينة حمص القديمة في شهر آذار/2014 وقد رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يقارب من (1000 – 1100) حالة تسوية مابين النظام السوري من جهة ومابين نشطاء سلميين ومقاتلين جاؤوا من جبهات متعددة في حمص، إضافة إلى جنود منشقين ومواطنين متخلفين عن الخدمة العسكرية في جيش النظام السوري،كل هؤلاء من جهة ثانية.
تمت التسويات دون وجود وسيط معلن أو طرف ثالث، وإنما اقتصر الأمر على وساطات فردية لأشخاص ساهموا في إجراء تسويات سابقة مع ممثلين للنظام السوري.
وقد ميزت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بين نوعين من التسوية:
الأول: خروج الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين (17- 50 عاماً) والنساء والأطفال الذين لم يشاركوا بأية أعمال أو نشاطات ثورية أو إغاثية.
الثاني: هو التسوية الفردية والتي تضمنت خروج النشطاء السلميين من إعلاميين وعمال إغاثة وغير ذلك، وأيضاً المقاتلين مع سلاحهم، ثم تسليم أنفسهم لممثلين عن النظام السوري، وفق ضمانات قدمها النظام السوري وتمثلت في:
إطلاق سراحهم بشكل مباشر بعد تسوية أوضاعهم.
عدم التعرض لهم أو لعائلاتهم.
السماح لهم بالعودة إلى حياتهم كما كانت قبل بدء الثورة.
بعد أن سلم الأهالي أنفسهم لممثلين عن النظام السوري، قاموا باحتجازهم في مدرسة الأندلس الواقعة في حي الدبلان بمدينة حمص مدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك قام النظام السوري بالإفراج فقط عن الفئة الأولى الغير مرتبطة بأي نشاط ثوري، وقامت قوات النظام السوري بعد ذلك بنقل مالايقل عن 730 شخصاً مابين إعلاميين وجنود منشقين ومتخلفين عن الخدمة العسكرية وآخرين مدنيين، إلى أماكن لم تستطع الشبكة السورية لحقوق الإنسان حتى إعداد هذا التقرير معرفتها، وقد أصبحوا في عداد المختفين قسرياً، من أبرز هؤلاء المختفين، الإعلامي البارز خالد التلاوي وهو مدير مكتب حي باب السباع للإعلام، وأحمد عبارة مراسل الجزيرة، والناشط السلمي المعروف طارق بريجاوي، والناشط الإعلامي عامر القاروط.
الأسوء من ذلك أن قوات النظام السوري قد قتلت أعداداً منهم تحت التعذيب كما حصل مع الشيخ منير ذادة وهو شخص معروف لدى جميع أبناء المنطقة، كما تحققنا من مقتل شخصين من عائلة الداغستاني وهما أخوين كانا يسكنان في حي جورة الشياح.
إضافة إلى كل ذلك فقد قام النظام السوري بجمع الجنود المنشقين، حيث قام بتحويلهم جميعاً إلى فرع الأمن العسكري، أما المتخلفون عن الخدمة العسكري فقد قام النظام السوري بإلحاقهم جميعاً بالجيش ليخدموا فيه ويشاركوا في العمليات العسكرية.
قال يزن –أحد النشطاء الذين خرجوا من المناطق المحاصرة في حمص- ل الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن الذي دفع الأهالي لإجراء تسوية مع النظام السوري؛ هو عدم تمكن أحد من فك الحصار عنهم، وبعد تقديم ممثلين عن النظام لضمانات قرر بعض الأهالي الخروج، لقد تبين لنا بعد ذلك أن كل هذه الضمانات كانت وهمية بل عبارة عن فخ، لقد سلمت نفسي لفرع أمن الدولة، أجرى معي الضابط تحقيق شكلي، كتب في التحقيق أنني كنت من حملة السلاح، ثم أخلوا سبيلي، لكنهم بعد أربعة أيام عادوا واعتقلوني مرة أخرى واقتادوني إلى مدرسة الأندلس، التي كانت تحتوي أكثر من ألف شخص، وفي بداية أيام الاحتجاز قام النظام بمعاملة المعتقلين بشكل جيد، يبدو أن الهدف من ذلك كسب ثقة الأهالي المحاصرين من أجل خروجهم جميعاً، لأنهم كانو على اطلاع بالأخبار عبر زيارات أقارب المحتجزين.
بعد مضي قرابة شهرين على الاحتجاز أي في نهاية شهر أيار أوقفت قوات النظام جميع الزيارات، مُنع المحتجزون من الخروج لساحة المدرسة، كما غدر النظام السوري وأخلف جميع وعوده فقد علمنا بأن العديد من المحتجزين تم تحويلهم إلى الأفرع الأمنية، والمتخلفون عن الخدمة العسكرية أجبروهم على الانضمام لجيش بشار الأسد ليقوموا بقتل أبناء شعبهم”