الاختفاء القسري جريمة متعددة الأبعاد كون أثرها لايتوقف عند الضحية نفسه بل يمتد ليشمل أقرباءه بل وحتى أصدقاءه، ولسوريا تحديداً تجربة اجتماعية غاية في الألم والمرارة، عقب ارتكاب نظام حافظ الأسد مجزرة حماة المروعة في شباط/1982، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين السوريين، وخلفت ما لايقل عن 22 ألف مفقود أو مختفٍ قسرياً بحسب تقديرات حقوقيين في تلك المرحلة، ولا يعلم حتى اللحظة هل هم أحياء أو أموات، حيث لم تقم الحكومة السورية بالكشف عن مصيرهم، أو القيام بأي تحقيق في ذلك، بل تركت تبعات وآثار كل ذلك تتفشى ظواهر اجتماعية ونفسية غاية في الألم والقسوة على أبناء المحافظة، فلا يعلم أهل المختفي أي شيء عن مصيره، وقد ينتظرون سنوات عدة على أمل أن يعود يوماً ما، وخصوصاً أن نظام حافظ الأسد -وزيادة في المعاناة- كان يخرج كل بضعة سنوات شخصاً أوعدة أشخاص كانوا في عداد القتلى بالنسبة لذويهم فإذا هم أحياء، فيبعث روح الأمل الممزوج بالمعاناة لعشرات آلاف الأُسر الأخرى، وتبدو المعاناة على أشدها عندما يكون المختفي متزوجاً قد ترك وراءه زوجة لا تدري أتنتظر زوجها الذي سيخرج من سجنه عما قريب أم أنه في عداد الموتى، وعديدة هي الحالات التي تزوجت فيها نساء المختفين من غيرهم فإذا بالمختفي يعود من معتقله بعد بضع سنوات من الاختفاء، إضافة إلى أن الشخص المختفي قد يكون معيلاً لأسرة كاملة.