تركت الذخائر العنقودية آثارا خطيرة على المدنيين، فقتلت وجرحت أعدادا كبيرة منهم وتسببت في مشاكل اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد. فبدأت الحكومات مفاوضات بشأن اتفاقية الذخائر العنقودية واعتمدتها عام 2008. وتنص هذه المعاهدة المهمة في القانون الدولي الإنساني على حظر استخدام الذخائر العنقودية وإنتاجها وتخزينها ونقلها، وتلزم الدول باتخاذ إجراءات محددة لضمان عدم تسبب هذه الأسلحة في وقوع ضحايا في المستقبل
المشاكل التي تتسبب فيها الذخائر العنقودية ليست وليدة اليوم. ففي كل نـزاع تقريبا، استخدمت الذخائر العنقودية على مدى الأربعين سنة المنصرمة، وألحقت خسائر جسيمة بالمدنيين خلال القتال وبعد انتهاء العمليات العسكرية على حد سواء.
وغالباً ما تقع الإصابات في صفوف المدنيين خلال النزاعات لأن الذخائر العنقودية تنثر أعدادا هائلة من الذخائر الصغيرة المتفجرة على مساحات واسعة جدا. وتنثر بعض النماذج مئات الذخائر الصغيرة على مساحة تبلغ أكثر من ثلاثين ألف متر مربع. ولمـّا كانت هذه الذخائر الصغيرة ذات سقوط ذاتي، عموما، فإن الاستخدام غير الدقيق لها والرياح وعوامل أخرى يمكن أن تتسبب في سقوطها خارج المنطقة المستهدفة.
وعلاوة على ذلك، كثيراً ما تخفق نسبة كبيرة من الذخائر الصغيرة في الانفجار على النحو المنشود، الأمر الذي يؤدي إلى تلويث مساحات شاسعة بمخلفات مهلكة قابلة للانفجار. وقد أدت هذه الأجهزة إلى إزهاق أرواح الآلاف من المدنيين أو إصابتهم بجروح. كما أن وجود هذه الأسلحة يجعل النشاط الزراعي محفوفاً بالخطر، ويعيق جهود إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية الحيوية مثل الطرق والسكك الحديدية ومحطات توليد الطاقة. وغالبا ما تكون إزالة الذخائر غير المتفجرة بعد النـزاع عملاً صعبا ومحفوفا بالمخاطر. وقد ظلت بعض البلدان تعاني من الذخائر غير المتفجرة لعشرات السنين. وتعد لاو أشد البلدان تضرراً من الذخائر العنقودية بسب عشرات الملايين من الذخائر غير المتفجرة المتناثرة على أراضيها.
دخلت الحكومات في مفاوضات بشأن اتفاقية الذخائر العنقودية واعتمدتها عام 2008. وتضع المعاهدة إطاراً شاملا لمعالجة المشكلات التي تطرحها هذه الأسلحة. إذ تنص على حظر استخدام الذخائر العنقودية وحيازتها وتخزينها والاحتفاظ بها ونقلها. وتطلب إلى الدول الأطراف أيضا تدمير الذخائر العنقودية في مخزوناتها والالتزام بإزالة الذخائر الصغيرة غير المتفجرة أو الذخائر العنقودية المتروكة من المناطق الملوثة. والمهم أيضا أن الاتفاقية تلزم الدول بتوفير الرعاية الطبية لضحايا الذخائر العنقودية وإعادة تأهيلهم ودعمهم نفسياً وإدماجهم اجتماعياً واقتصاديا في المناطق التي تخضع لولايتها أو سيطرتها. وتطلب أيضا إلى الدول الأطراف القادرة على تقديم تلك المساعدات أن تساعد الدول الأخرى وتتعاون معها على تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية.