محرقة المجتمع
اللغات
متاح بالـ
اللغات
متاح بالـ
مقدمة ومصطلحات:
من بين آلاف المجازر في سوريا، هناك مجازر لها نمط وممارسات خاصة، تبرز في شكل عمليات القتل ومضمونها، إذ لا تكتفي القوات المعتدية والمختلفة طائفياً عن السكان الضحايا بقتلهم رمياً بالرصاص، بل تظهر أفعالاً وسلوكيات وممارسات كالذبح بالسكاكين لعائلات كاملة، بمن فيها من نساء وأطفال ورجال، حرق الجثث، تشويه الجثث، وعمليات اغتصاب واعتداء جنسي، نهب المنازل وحرقها كلها جرائم تحمل صبغة طائفية أو عرقية.
منذ آذار/2011 وحتى حزيران/2013 تفردت القوات الحكومية والميليشيات المحلية أو الأجنبية الموالية لها، بارتكاب مثل هذا النوع من المجازر، إذ نفذت 35 مجزرة تحمل نمط قتل طائفي، لكن أطرافاً أخرى مثل التنظيمات المتشددة، وقوات المعارضة المسلحة، وقوات “الإدارة الذاتية” الكردية، دخلت على الخط لتمارس مثل هذا النوع من العنف البدائي بأشكاله الطائفية أو العرقية، لكن تبقى اعتداءات الحكومة وحلفائها تمثل النسبة الأكبر وتبلغ 87% من الجرائم المرتكبة.
وتسعى السلطة السورية، فيما يبدو، عبر أنماط العنف الطائفي لاستفزاز الطرف الآخر ليقوم بردة فعل مشابهة في ظل غياب رقابة المجتمع الدولي أو تدخل مجلس الأمن لإيقاف هذه المذابح، التي حصل بعضها أمام أعين المراقبين العرب ثم الدوليين، وشاهدها مئات الملايين. الأمر الذي دفع شرائح مجتمعية “سنية” معارضة إلى التشدد، وتعريف نفسها والصراع القائم من خلال الانتماء الطائفي بعد أن كانت طبيعية، ودوافعها سياسية.
وصفنا في دراسة سابقة الميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب النظام باسم “الميليشيات الشيعية” كون عناصرها من أغلبية شيعية وقيادة شيعية معروفة، وكذلك فعل زملاؤنا في منظمة العفو الدولية، كما وصفنا تنظيم داعش والنصرة بأنها تنظيمات “سنية”، لأن أغلب عناصرها وقادتها من الطائفة السنية، وقياداتها أيضاً معروفة.
إذا ما أجرينا مقارنة بسيطة بين التنظيمات والميليشيات السابقة مع الميليشيات المحلية الموالية للقوات الحكومية أكانت علوية أم شيعية، فإن الانتماء والولاء الطائفي لهذه المجموعات يتشابه مع الميليشيات الشيعية أو التنظيمات الجهادية، لكن لا نستطيع إطلاق صفة طائفية في نعتها لعدم معرفتنا بتسلسلها الهرمي وانتماء قاداتها الطائفي، وأطلقنا عليها مصطلح “ميليشيات محلية” بدلاً من ميليشيات علوية أو شيعية.