أولاً: المقدمة:
استبقت القوات الحكومية وشريكتها الروسية موعد انطلاق الهدنة بتصعيد هائل للقصف والعمليات العسكرية شملت مناطق عديدة في حلب، فقد سجلنا ما لايقل عن 3 هجمات يُعتقد أنها روسية في الساعات الأخيرة قبل انطلاق الهدنة، وذلك في بلدة قبتان الجبل وقرية السلوم ومدينة دارة عزة في ريف حلب، وثقنا مقتل 16 مدنياً وأضراراً مادية في مرافق طبية، من ناحية أخرى استمرت القوات الحكومية بقصف مدن داريا وزملكا وبلدة دير العصافير في ريف دمشق.
قام فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتوثيق الخروقات التي ارتكبتها أطراف النزاع عند إقرار خطة النقاط الستة للسيد كوفي عنان، في نيسان وأيار وحزيران من عام 2012، وذلك عبر تقارير يومية، قمنا بإرسال نسخ يومية منها إلى مكتب السيد كوفي عنان في جنيف، إلى أن ثبت فشلها، وبشكل رئيس نظراً لاستمرار النظام السوري بشكل رئيس بارتكاب ما هو أبعد من الخروقات، عبر انتهاكات ترقى لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وقد وثقنا العديد من تلك الجرائم. هنا نضع تقارير كوفي عنان.
نرجو أن تكون هدنة وقف الأعمال العدائية في سوريا مقدمة لعملية تغيير سياسي نحو الديمقراطية، وأن لا يكتب لها مصير الفشل ذاته لخطة النقاط الست، والتي هي أفضل بكثير من هدنة وقف إطلاق النار، وتختلف عنها بكونها مرعية من قبل مجلس الأمن، فيما الهدنة مرعية من قبل دولتين فقط، روسيا وأمريكا، وكما هو معلوم فإن روسيا لا يمكن لها أن تلعب دور الراعي، لكونها تصطف بشكل مباشر إلى أحد أطراف النزاع وهو النظام السوري، وهذا أحد أبرز الأسباب التي تجعلنا نشكك في مستقبل هذه الهدنة، فماذا لو خرقت القوات الروسية الهدنة، وتم توثيق تلك الخروقات، ما هي الآلية لمحاسبة روسيا، بل ما هي آلية محاسبة النظام السوري في حال خرق الهدنة، فقد خرق سابقاً عشرات المرات قرارات مجلس الأمن الدولي، البعض منها تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، ولم تتخذ أية إجراءات بحقه.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“يعلم المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن تماماً ما عليه فعله لإنهاء الكارثة السورية، لكنه للأسف الشديد يلجأ دائماً إلى حلول مبتورة، الحل يكمن في المساهمة الفاعلة في قيادة عملية سياسية تفضي إلى تحول ديمقراطي، وكررنا مراراً أن جميع المبادرات بعد جنيف 1 تزيد من شلال الدماء السورية، وتؤدي إلى فراغ في هياكل الدولة السورية، ملأته الميليشيات الإيرانية أولاً، وتنظيم داعش ثانياً، نحن مع أي اتفاقية أو قرار يفضي إلى وقف قتل وتدمير سوريا”.
أما من ناحية البيان نفسه فأبرز ما يعتريه هو إمكانية النظام السوري وشريكه الروسي توجيه ضربات لمناطق ساشعة تحت سيطرة المعارضة السورية في الشمال تحديداً (كون التواجد المحدود جداً لجبهة النصرة في الجبهة الجنوبية)، تحت ذريعة وجود جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة المتطرف في سوريا، دون أن يعتبر ذلك خرقاً للهدنة.
ومن خلال خبرتنا في طبيعة النظام الحاكم الاستبدادي، فهو يتمنى أن تخرق الهدنة، ويتمنى أن تستمر القوات الروسية بإنهاء معارضيه، بل وكما أشار الأسد في إحدى مقابلاته “إشعال المنطقة كلها والعالم”، لكن يبدو لنا أن روسيا لاتريد الغوص أو التورط أكثر في المستنقع السوري، وهذه الهدنة مجرد مراجعة حسابات لا أكثر ولا أقل.