“الذل المرير”
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الانسان تقريراً بعنوان “الذل المرير” وثقت فيه قصة استعباد 45 فتاة سورية في لبنان من قبل عصابات متنافسة ومنتشرة تتاجر بأجساد اللاجئات السوريات.
وذكر التقرير الذي جاء في تسع صفحات أن بلاغ شعبة العلاقات العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، الذي صدر في يوم 31/ آذار/ 2016 كان نقطة البداية لكشف حجم العنف الجنسي تجاه اللاجئات السوريات في لبنان حيث كشف البلاغ عن وجود شبكة استعباد جنسي مارست عمليات تعذيب، وتشويه، واغتصاب، وإجهاض، واستعباد جنسي، وتهديد بفضح الضحايا ونشر صورهن وفيديوهاتهن عاريات، وغير ذلك من ممارسات سادية، تشبه عمليات الاستعباد الجنسي التي يمارسها تنظيم داعش المتطرف، مع فارق واحد عن تنظيم داعش، هو أن التنظيم يقر بهمجيته الوحشية على الأقل، ولايُهدد بفضح الضحايا ونشر الصور والفيديوهات.
وبحسب التقرير فقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عبر ممثلها في لبنان بالتواصل مع الناجيات بهدف الاستماع للشهادة بشكل مباشر، وتوثيق تفاصيل ماجرى، حيث عرض التقرير 4 شهادات لناجيات، ورواية لصحفي كان شاهداً على عمليات التحقيق في مفرزة “استقصاء جبل لبنان” وقد تشابهت الشهادات من ناحية ظروف الاحتجاز، وأساليب التعذيب والعنف الجنسي والإرهاب، وإن كانت ظروف اصطيادهن والإيقاع بهنَّ مختلفة وتتبع الظروف الاجتماعية لكل سيدة.
وذكر التقرير أن هناك ما لايقل عن 45 امرأة سورية تعرضن لعنف جنسي مستمر، من بينهن 8 فتيات دون سن الثامنة عشرة، حدث هذا في ناديَين: “chez Maurice” و “silver”اللَذين تعود ملكيتهما لموريس جعجع، في منطقة المعاملتين في بلدة جونية، وهي منطقة معروفة بانتشار الأندية الليلية، وذلك في الفترة الممتدة تقريباً من نهاية عام 2013 حتى آذار/ 2016.
و أشار التقرير إلى أن هذه العصابة وأعضاؤها لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، تستهدف فئتين من النساء بشكل مدروس ومنظم، منهن فتيات سوريات داخل سوريا أو لاجئات سوريات داخل لبنان، مستغلة ظروف اللجوء الصعبة، وتراجع مستوى الدعم المقدم من الأمم المتحدة، حيث تنتقي شبكة العصابة المنظمة ضحاياها بخبرة ودراسة مركزة، وتعتمد على الحالات الأشد فقراً، وعلى من فقدت زوجها، وعلى من انهارت نفسيتها، وما شابه ذلك. بعد إقناع الفتاة يتم نقلها إلى أحد الناديَين chez Maurice – silver””، وتصبح الفتاة بمثابة محتجزة، يتم تهديدها وتعذيبها وإرهابها، ثم تجبر على ممارسة الجنس بكافة أشكاله مع زبائن النادي، وبالتالي تعرضت الفتيات لعمليات اغتصاب متكررة على مدى سنوات في حين يتم تحويل بعض الفتيات من مغتصبات إلى حارسات، وذلك مقابل إيقاف اغتصابهن من قبل الزبائن، ومقابل بعض الحوافز المادية والمعنودية، وقد سجل التقرير وجود 12 حارسة تحمل الجنسية السورية كن يَقُمنَ بتعذيب وإهانة الفتيات السوريات المحتجزات.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “لدينا تخوف حقيقي على مصير الفتيات الـ 45، فلا هُنَّ قادرات على العودة إلى سوريا، ولا هنَّ قادرات على البقاء في لبنان، خوفاً من أن تقوم “عصابة استعباد الفتيات السوريات” باستهدافهن بالخطف أو التصفية، لابد على المفوضية العليا للاجئين أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الصدد، يجب تأمين الحماية لهن من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولابد من تأمين دعم نفسي وصحي وسكن آمن لهن في أقرب فرصة ممكنة، ويجب على الدولة اللبنانية حمايتهن في تلك الأثناء”.
واستعرض التقرير البعد القانوني لجريمة الاتجار بالبشر في القانون اللبناني والذي ميز بين مرتكبي جرم الاتجار بالبشر والضحايا، وأشار أن المادة 586 (المادة 8) تتطابق مع حالة السيدات ضحايا “عصابة استعباد الفتيات السوريات” بصفتهن كُنّ يقمن بعمل يعاقب عليه القانون، أي البغاء حيث تنص هذه المادة على أنه: يعفى من العقاب المجني عليه الذي يثبت أنه أرغم على ارتكاب أفعال معاقب عليها في القانون أو خالف شروط الإقامة أو العمل.
أوصى التقرير الحكومة اللبنانية بتأمين حماية ورعاية الناجيات من الاغتصاب والعنف الجنسي، عبر وضع حراسة على المراكز التي تؤويهن والعمل بأقصى جهد ممكن للكشف عن ارتباطات وتشعبات “عصابة استعباد الفتيات السوريات” فلابد من أن مئات الضحايا ينتظرن الكشف عن مصيرهن والإفراج عنهن، ومازلن يخضعن لعبودية شبيهة بالتي كشف عنها التقرير.
كما أكد التقرير على ضرورة إنزال أقصى العقوبات الممكنة بـ “عصابة استعباد الفتيات السوريات” وتجميد كافة النشاطات والأرصدة الغير مشروعة وحتى المشروعة منها لأنها تستخدم كغطاء لتمويل ودعم الأنشطة الغير مشروعة.
وشدد التقرير على أهمية فضح “عصابة استعباد الفتيات السوريات” ونشر صورهم في وسائل الإعلام بعد انتهاء التحريات وإلقاء القبض على بقية شبكات الإجرام.
وطالب التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتوثيق حالات استعباد الفتيات السوريات في لبنان وإصدار تقرير وبيان تفصيلي يفضح مرتكبي الجرائم ويطالب بحقوق الضحايا.
كما حثت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على تعويض الضحايا بأكبر قدر ممكن نفسياً ومادياً، وإعطائهن أولوية في جميع أشكال المعونات والمنح.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار بيان إدانة بحق ماجرى للمواطنات السوريات، ومتابعة الحكومة اللبنانية للإيفاء بتعهداتها وفقاً لقانونها الداخلي وللقانون الدولي لحقوق الإنسان إضافة إلى تحميل النظام السوري المسؤولية الرئيسة عما يحصل للمواطنين السوريين، بعد عقود طويلة من الاستبداد ونهب ثروات البلاد كما كشفت وثائق بنما من تهريب 48 مليار دولار، ثم الحرب المروعة التي شنها على جميع مكونات المجتمع السوري منذ آذار2011 ومازالت مستمرة حتى الآن.