منذ انتهاء مدة بيان وقف الأعمال العدائية الثاني الإثنين 19/ أيلول/ 2016 لم تتوقف قوات النظام السوري والروسي يوماً واحداً عن قصف وتدمير أحياء حلب الشرقية، مرتكبةً مئات الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب، حيث استهدفت تلك الهجمات أحياء سكنية ومشافٍ ومدارس، بصورة فوضوية وأحياناً مُتعمَّدة، وإضافة إلى القصف عادت تلك الأحياء إلى وضعية الحصار الخانق مرة ثانية بعد أن تمكَّنت قوات النظام السوري بمساعدة قوات حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية والعراقية الشيعية المقاتلة على الأرض من استعادة حي الراموسة الذي كانت قوات المعارضة السورية قد تمكَّنت عبره من الوصول إلى أحياء حلب الشرقية، وقد سجلنا في ثلاثة تقارير موسَّعة تفاصيل أبرز الانتهاكات في تلك الفترة.
في منتصف تشرين الثاني/ 2016 كثَّفت القوات الروسية قصفها الجوي بشكل صارخ، حيث دمَّرت أحياء بشكل شبه كامل، وسط عدم اكتراث أُممي بحصيلة الضحايا والجرحى والانتهاكات الفظيعة التي تُرتَكب يومياً، وترافق ذلك مع تقدُّم برِّي لقوات النظام والميليشيات الشيعية المقاتلة إلى جانبه، أدى ذلك في النتيجة إلى السيطرة على حي مساكن هنانو ثم حي جبل بدرو وأجزاء من حَيَي الحيدرية والصاخور، ووصل مُعدَّل الضحايا الوسطي من المدنيين إلى 35 شخصاً يومياً، وقد وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 676 مدنياً، بينهم 165 طفلاً، و87 سيدة في أحياء مدينة حلب الشرقية على يد القوات السورية والروسية منذ 19/ أيلول/ 2016 حتى 30/ تشرين الثاني/ 2016، يتوزعون بحسب الجهة المرتكبة إلى:
• القوات الروسية: 462 مدنياً، بينهم 128 طفلاً، و66 سيدة
• القوات الحكومية: 214 مدنياً، بينهم 37 طفلاً، و21 سيدة
إثرَ ذلك انقسمت أحياء حلب الشرقية إلى شَطرين، شمالي وجنوبي، هرَب معظم أهالي الأحياء التي اجتاحتها قوات النظام وحلفاؤه إلى القسم الجنوبي بشكل أكثف باعتباره القسم الأكبر، وقسمٌ آخرُ من الأهالي هرَب إلى الجزء الشمالي، وقسم ثالثٌ هرب إلى حي الشيخ مقصود الواقع تحت سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
هناك عدد كبير من الأهالي لم يتمكَّن من الهرب، حيث تم اعتقاله من قبل قوات النظام وحلفائه من الميليشيات الشيعية، ومصيرُ أغلبهم مجهول بالنسبة للشبكة السورية لحقوق الإنسان، وقد وردتنا أنباء عن عمليات إعدام سريعة خارج نطاق القانون، ووقوع جرائم اغتصاب لعدد من النساء، ومازالت التَّحريات جارية لجمع مزيد من الأدلة وإصدار تقرير حول ذلك، ومن هذا المنطلق تُبدي الشبكة السورية لحقوق الإنسان تخوُّفَها على مصير جميع المدنيين الذين وقعوا تحت سيطرة قوات النظام والميليشيات الشيعية، ومن خلال تجاربنا السابقة، فإن مصير أغلبهم الاعتقال، ثم الاختفاء القسري، أو عمليات الإعدام السريع، وهنا تحديداً نُطالب أن تقوم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومكتب المبعوث الأممي إلى سوريا، ومجلس الأمن، بلعب دور حيوي للكشف عن مصيرهم، وضمان الحصول على حريَّتهم، وتجنيبهم ردَّات الفعل الانتقامية الوحشية، منعاً لتكرار مأساة حي بابا عمرو في حمص.