أولاً: المقدمة:
أدَّت العملية العسكرية التي شنَّها النِّظام السوري والميليشيات الأجنبية المتحالفة معه وبدعم من السلاح الجوي الروسي إلى السيطرة على 95% من أحياء حلب الشرقية؛ ما أدى إلى فرار أهلها وتشريدهم، وبقي قرابة 50 ألف مدني محاصر في أحياء الزبدية والسكري والمشهد والأنصاري وتل الزرازير وأجزاء من أحياء سيف الدولة وصلاح الدين والعامرية الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، وقد سجلنا تعرُّضَ هذه الأحياء إلى قصف عنيف ومُمنهج باستخدام الصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة، ووقوع عدد كبير من الضحايا.
الثلاثاء 13/كانون الأول/ 2016 قرابة الساعة 18:00 أعلنَ النظام الروسي بالتَّنسيق مع النظام التركي عن عملية وقف إطلاق نار داخل أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، ونصَّ الاتفاق على بدء إجلاء المدنيين والجرحى والمسلَّحين عبر معبر الراموسة إلى منطقة عقدة الرقة، ومنها إلى ريف حلب الغربي، في الساعة الخامسة فجراً من يوم الأربعاء 14/ كانون الأول.
قرابة الساعة 9:00 صباحاً من يوم الأربعاء سجلنا أول خرقٍ للاتفاق ارتكبته قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه؛ حيث تم استهداف الأحياء المحاصرة بالقذائف والصواريخ واستمرَّ القصف حتى منتصف الليل، وتمَّ الاتفاق على بدء عملية الإجلاء صباح الخميس 15/كانون الأول.
يُركِّز هذا التقرير على الخروقات الرئيسة التي حصلت أثناء عملية إجلاء المدنيين، والتي قامت بها قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه، وذلك يومي الخميس 15/ كانون الأول، والجمعة 16/ كانون الأول والتي نجمَ عنها إيقافُ عملية الإجلاء حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وقد تمكَّنَ النظام الإيراني عبر الميليشيات الشيعية (اللبنانية، العراقية، الإيرانية، الأفغانية، الشيشانية) المقاتلة في سوريا، من إيقاف تنفيذ الاتفاق في مُنتَصفه؛ ما شكَّل صفعةً قاسية لِهــيــبَة الدولة الروسية، والتي من المفترض أنَّها حليف للنظام الإيراني، وهذا يُشيرُ إلى أنَّه وإن كانت الكلمة العليا لروسيا، إلا أنَّها ليست الوحيدة؛ ما يضع تساؤلات جديَّة عن كيفية ضمان تنفيذ بنود عملية سياسية كاملة في حين أنَّ قرار إجلاء بسيط، مُقارنة بعملية تسوية شاملة، تتم عرقلته على هذا النحو بشكلٍ فاضح.
قُمنا بالتَّواصل مع شهود العيان وناجين من الحوادث، ومع نشطاءَ إعلاميين محليين كما راجعنا الصور الواردة إلينا وتحقَّقنا من صدقيتها والتي أظهرت تحضيرات القوافل لإجلاء المدنيين، وصوراً للجرحى الذين سقطوا نتيجة إطلاق قوات النظام السوري الرصاص على سيارات الإسعاف، ونحتفظ بنسخٍ من جميع مقاطع الفيديو والصور المذكورة في هذا التقرير.