أولاً: المقدمة والمنهجية:
شهدت مدينة الأستانة عاصمة كازاخستان على مدار يومين (3 – 4/ أيار/ 2017) الجولة الرابعة من المفاوضات بين ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران كدولٍ راعيةٍ لاتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، واتفقت الدول الثلاث على إقامة أربع مناطق لخفض التَّصعيد على أن يدخل الاتفاق حيِّز التَّنفيذ في 6/ أيار/ 2017، حدَّد الاتفاق 4 مناطق رئيسة لخفض التصعيد في محافظة إدلب وماحولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، وشمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، على أن يتم رسم حدودها بدقة من قبل لجنة مُختصة في وقت لاحق. يشمل الاتفاق وقف الأعمال القتالية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة الأهالي النازحين إلى تلك المناطق، ومنذ دخول هذا الاتفاق حيِّزَ التنفيذ شهدت هذه المناطق خصوصاً تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل، مقارنة مع الأشهر السابقة منذ آذار 2011 حتى الآن.
لكن على الرغم من كل ذلك فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيس من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، وهذا يؤكد بقوَّة أنَّ هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لايُمكن للمجتمع الدولي -تحديداً للضامنين الروسي والتركي والإيراني- أن يلحظَها فهي مازالت مستمرة لم يتغير فيها شيء.
لم نلاحظ انخفاضاً يُذكر في عدد المجازر المرتكبة من قبل النظام السوري في حزيران مقارنة مع ما تمَّ تسجيله منذ شباط الفائت، وتركزت هذه المجازر في محافظة دير الزور، في حين استمرَّت قوات التحالف الدولي بحملتها الشرسة في ارتكاب المجازر في المحافظات الشرقية للشهر الرابع على التوالي وبشكل أعنف من الأشهر الثلاثة السابقة، نصفُ هذه المجازر ارتكبت في مدينة الرقة التي تحاول قوات سوريا الديمقراطية الاستيلاء عليها من تنظيم داعش.
تعتمد الشبكة السورية لحقوق الإنسان منهجية عالية في التوثيق، عبر الروايات المباشرة لناجين أو لأهالي الضحايا، إضافة إلى عمليات تدقيق وتحليل الصور والفيديوهات وبعض التسجيلات الطبية، وبالرغم من ذلك لا ندَّعي أننا قمنا بتوثيق الحالات كافة، وذلك في ظل الحظر والملاحقة من قبل قوات النظام السوري وبعض المجموعات المسلحة الأخرى.
يتفاوت كمُّ ونوعية الأدلة بين حادثة وأخرى، ونظراً لكثرة ما ورد سابقاً من تحديات، فكثير من الحوادث يتغير توصيفها القانوني نظراً لحصولنا على أدلة أو قرائن جديدة لم تكن بحوزتنا عندما قمنا بنشرها في التقرير، حيث نقوم بإضافة تلك الأدلة والقرائن إلى أرشيف الداتا، ومن ناحية أخرى، فكثير من الحوادث قد لايكون فيها انتهاك للقانون الدولي الإنساني، لكنَّها تضمَّنت أضراراً جانبية، فنحن نقوم بتسجيلها وأرشفتها من أجل معرفة ما حدث تاريخياً، وحفاظاً عليها كسجلٍ وطني، لكننا لانصفُها بأنها ترقى إلى جرائم.