أولاً: المقدمة:
ضمن إطار الحرب الشاملة التي شنّها النظام السوري على جميع من تجرَّأ على الخروج في وجهه للمطالبة بالتغيير السياسي وإنهاء حكم العائلة الواحدة، لم يتورّع النظام السوري عن ارتكاب كل ما بإمكانه فعله لإيقاف مدِّ الحراك الشعبي وإرهاب حاضنته، فقد سجلنا مئات الحوادث التي قُصفت فيها المدارس وكان الأطفال والمدرسون داخلها، وفي كثير من الأحيان قُصفت خارج أوقات الدوام بهدف تدميرها وتشريد الأطفال الذين يدرسون فيها، وفي أواخر عام 2012 عندما ارتفعت بشكل مخيف نسبة المنازل المدمرةـ، لجأ الأهالي إلى المدارس التي خرجت عن الخدمة، وأقاموا فيها بأعداد سكانية كثيفة، لكنَّ ذلك أيضاً لم يمنع من قصفهم وقتلهم، بل أصبح لدينا قناعة أن الاكتظاظ هو السبب في توجيه القصف والقتل إليهم في سبيل تركيع المجتمع السوري.
منذ اندلاع الحراك الشعبي حتى تاريخ هذه الحادثة سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في قاعدة بيانات توثيق استهداف المراكز الحيوية لديها، اعتداء أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة على ما لايقل عن 1346 مدرسة، يتصدَّر النظام السوري وحليفه الروسي قائمة مرتكبي تلك الحوادث بنسبة تقارب 87%، وبقية الأطراف جميعاً (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، التنظيمات الإسلامية المتشددة، فصائل المعارضة المسلحة، قوات التحالف الدولي) ارتكبت ما نسبته 13%، وهذه الاعتداءات تمَّت جميعاً على مدارس لم تُستخدم لأهداف عسكرية، ولم نُسجل تحركات عسكرية بالقرب منها، وبالتالي فإن جميع تلك الحوادث المسجلة لدينا هي انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني؛ تسببت تلك الحوادث في مقتل 184 طفلاً، كانوا داخل مدارسهم أو بالقرب منها، إضافة إلى 39 مدنياً من الكوادر التعليمية.
تحوّلت بعض المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري إلى مراكز احتجاز وتعذيب، وتحوَّلت أعداد كبيرة منها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري إلى مراكز إيواء لعشرات آلاف النازحين.
في النصف الأول من عام 2017 فقط سجلنا ما لايقل عن 95 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية، 73 منها على يد قوات الحلف السوري الروسي ما يُشير إلى المنهجية التي تتَّبعها قوات الحلف السوري الروسي في استهدافها المنشآت التعليمية والكوادر التدريسية.