لا بُدَّ من حماية المجالس المحلية من الهيمنة أو الذوبان
المصور: مصعب عساف
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان (انتهاكات واسعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب) تحدثَّت فيه عن أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام خلال هجومها على فصائل في المعارضة للسيطرة على محافظة إدلب.
استعرض التقرير المكون من 10 صفحات أبرز الانتهاكات التي نفَّذتها عناصر هيئة تحرير الشام (تحالف تشكَّل بين جبهة فتح الشام وعدد من فصائل في المعارضة المسلحة) من عمليات قتل واعتقال تعسفي، وعمليات الملاحقات الأمنية، واستدعاء إلى المحاكم الشرعية التي استهدفت النشطاء والعسكريين على حدٍّ سواء، إضافة إلى مداهمة مراكز المنظمات الإنسانية والمنشآت الحيوية المدنية بين منتصف تموز ونهاية آب من عام 2017.
وجاء في التقرير أنه ضمن مسعى هيئة تحرير الشام في المدة الأخيرة لكسب شرعيَّة محلية ودولية في المناطق التي سيطرت عليها، قامت بمحاولات عديدة لتوفير خدمات اجتماعية، على حساب التخفيف من نهج القمع والإكراه، وإن كانت في بعض الأحيان قد عمدت إلى المزج بين السياستين معاً، وفي هذا السياق قام ذراعها الإعلامي بضخِّ وترديد مصطلح “الإدارة المدنية”، لكنَّ بُنيةَ وهيكلية ورؤية هيئة تحرير الشام السلفية الجهادية المتشددة تُظهر بشكل جليٍّ سعيها لإقامة حكم وفق منظورها الخاص بفهم أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا ما جعلها بشكل مستمر في صدام أو احتواء أو اختراق للمجالس المحلية.
وأشار التقرير إلى أنَّ هيئة تحرير الشام ترى في المجالس المحلية منافساً في توفير الخدمات، كما أنَّها تحظى بشعبية واسعة كونها تحمل صبغة وطنية، تهدف إلى إعادة تأسيس الدولة من منظور وطني، بخلاف منظور هيئة تحرير الشام، التي -وإن كان أغلب عناصرها سوريون محليون- إلا أنَّها تظلُّ تفتقر إلى روافع اجتماعية واسعة؛ بشكل رئيس نظراً لفكرها المتشدد، وقياداتها القادمين من الخارج، وقتالها الواسع مع فصائل محليَّة متنوعة.
استعرض التقرير 4 روايات لضحايا نجوا من الاعتقال أو الملاحقة من قبل هيئة تحرير الشام، كما وثَّق مقتل ما لايقل ما لايقل عن 10 مدنياً بينهم 2 طفلاً، و2 بسبب التعذيب و1 ناشط إعلامي، واعتقال ما لايقل عن 82 شخصاً، يتوزعون إلى 27 مدنياً، و55 عسكرياً من قبل هيئة تحرير الشام في المدة التي يُغطيها.
ووفق التقرير فقد داهمت هيئة تحرير الشام ما لايقل عن 6 مراكز تابعة لمنظمات إغاثية واستولت على مستودعاتها، وقد جرت معظم المداهمات في 22/ تموز/ 2017.
أكَّد التقرير أنَّ هيئة تحرير الشام تُسيطر على مساحات واسعة، وتفرض سلطتها عليها، وعلى السكان المقيمين فيها، كما أنَّ لها كياناً سياسياً، وهيكلية هرمية إلى حدٍ بعيد؛ فهي ملزمة بتطبيق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد قامت هيئة تحرير الشام بحسب التقرير بارتكاب انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري، والاستيلاء على الممتلكات و انتهكت القانون الدولي الإنساني عبر عمليات القصف العشوائي عديم التمييز، الذي تسبَّب في مقتل العديد من المدنيين.
أوصى التقرير المجتمع الدولي بتقديم الدعم المالي واللوجستي إلى المجالس المحلية الفاعلة التي تعيش حالة صراع معلن أو خفي مع هيئة تحرير الشام، التي تسعى إلى الهيمنة عليها أو تفتيتها ودعم منظمات المجتمع المدني الحيوية في محافظة إدلب، وتصنيف المنظَّمات المتطرفة الشيعية الإيرانية والعراقية وغيرها، وحزب العمال الكردستاني، وجميعها عابرة للحدود، والمدعومة من دولة إيران بشكل علني، على قوائم الإرهاب، واستهدافها والتضييق عليها جنباً إلى جنب مع التنظيمات الإسلامية المتشددة.
كما طالب فصائل المعارضة المسلحة المنضمَّة إليها هيئة تحرير الشام بضرورة الانفكاك عنها، وفضح ممارساتها، وتنظيم حملات توعوية بفكر التنظيمات المتطرفة، وكيفية اختراقها للمجتمعات وتجنيدها للمقاتلين الشباب، بالتوازي مع ورشات عن ضرورة احترام حقوق الإنسان الأساسية، والدفاع عنها.
ودعا التقرير هيئة تحرير الشام إلى التَّوقف الفوري عن إثارة حالة الفوضى والاقتتال والاحتقان الاجتماعي واحترام حقوق الإنسان الأساسية في المناطق التي تُسيطر عليها، الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين بشكل تعسفي، وإعادة الممتلكات والأبنية التي تمَّ الاستيلاء عليها، وتعويض المنظمات والأفراد المتضررين.