أولاً: مقدمة:
منذ عام 2011 حتى الآن لايزال النظام السوري لا يعترف بعمليات الاعتقال، بل يتهم بها القاعدة والمجموعات الإرهابية كتنظيم داعش، كما أنه لا يعترف بحالات التعذيب ولا الموت بسبب التعذيب.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لابُدَّ من تطبيق مبدأ “مسؤولية الحماية” بعد فشل الدولة في حماية شعبها، وفشل الجهود الدبلوماسية والسلمية كافة حتى اللحظة، ومازالت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تُرتكب يومياً في سوريا، وبشكل رئيس من قبل أجهزة الدولة نفسها”.
في 30/ كانون الأول/ 2016 تم الإعلان في العاصمة التركية أنقرة عن اتفاق وقف إطلاق نار شامل برعاية روسية – تركية، وأقرَّت الأطراف الموقعة على البيان، النظام السوري من جهة، وفصائل في المعارضة المسلحة من جهة ثانية، وقف كافة الهجمات المسلحة بما فيها الهجمات الجوية وإيقاف عمليات الاقتحام والتقدُّم البري، وتم اسثناء المناطق العسكرية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش (يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية).
تلا اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار 7 جولات من المفاوضات في العاصمة الكازخية أستانة بين ممثلين عن روسيا وتركيا وإيران كدولٍ راعية للاتفاق –عُقِدَ آخرها في 30 – 31/ تشرين الأول/ 2017- ناقشَ معظمها -إضافة إلى عدد من الاتفاقات المحلية- سُبل تثبيت مناطق لخفض التَّصعيد في محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية)، وشمال محافظة حمص، والغوطة الشرقية، وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة جنوب سوريا، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وعودة الأهالي النازحين إلى تلك المناطق.
ومنذ دخول هذا الاتفاقات حيِّزَ التنفيذ شهدت المناطق المشمولة بها تراجعاً ملحوظاً وجيداً نسبياً في معدَّل القتل، مقارنة مع الأشهر السابقة منذ آذار 2011 حتى الآن.
لكن على الرغم من اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار وما تبعه من اتفاقات لخفض التّصعيد فإن الخروقات لم تتوقف، وبشكل رئيس من قبل النظام السوري، الذي يبدو أنه المتضرر الأكبر من استمرار وقف إطلاق النار، وخاصة جرائم القتل خارج نطاق القانون، والأفظع من ذلك عمليات الموت بسبب التعذيب، التي لم تتوقف أو تتأثر حصيلة ضحاياها بتلك الاتفاقات، وهذا يؤكد وبقوة أن هناك وقفاً لإطلاق النار فوق الطاولة نوعاً ما، أما الجرائم التي لا يُمكن للمجتمع الدولي -تحديداً للجهات الضامنة لتلك الاتفاقات- أن يلحظَها فهي مازالت مستمرة لم يتغير فيها شيء.
يتوجب على الضامن الروسي الالتزام بالاتفاقات المبرمة والضغط جدياً على حليفَيه النظامَين السوري والإيراني لوقف جميع أشكال القتل والقصف والتعذيب حتى الموت داخل مراكز الاحتجاز، والبدء الإفراج عن المعتقلين وهو الملف الذي لم يطرأ عليه أي تحسُّن ملموس.