أبرز انتهاكات قرار مجلس الأمن 2401 في غضون ثلاثة أيام
بواسطة: UN Photo-Manuel Elias
أولاً: المقدمة ومنهجية التقرير:
يأتي قرار مجلس الأمن رقم 2401 في وقت بلغ فيه تأثير مجلس الأمن في الكارثة السورية أقصى درجات السلبية والعدمية، فعلى الرغم من صدور 18 قراراً عن سوريا، إلا أنَّها بقيت في معظم الأحيان مجرَّد حبر على ورق، بما فيها القرارات التي تتضمَّن صيغاً تحذيرية، وتُهدِّد بإجراءات عقابية في حال عدم الامتثال، كالقرار رقم 2139 الخاص بإيقاف استخدام البراميل المتفجرة، والقرارات رقم 2118، 2209، 2235 المتعلقة بتكرار استخدام الأسلحة الكيميائية، والتي انتُهِكَت مئات المرات من قبل النظام السوري، وظلَّ مجلس الأمن صامتاً محكوماً من قبل روسيا بشكل مطلق.
لم يتغير الأمر كثيراً في حال القرار رقم 2401، الذي جاءت عباراته هزيلة، وغير إلزامية، ولا تحمل أيَّ صيغة جزائية، أو عواقب في حال عدم الالتزام، فكان ذلك بمثابة ضوء أخضر للنظام السوري وحلفائه بممارسة عمليات القتل والقصف، وكأنَّ شيئاً لم يكن، حيث عاد القصف العنيف والعشوائي بعد بضع ساعات فقط من صدور القرار، وفي ذلك عدة رسائل من النظام السوري وحلفائه، أبرزها إهانة بقية أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين، وتلا ذلك قيام وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” بتفسير شخصي وغير منطقي لقرار مجلس الأمن بإعطاء هدنة خمسة ساعات من 09:00 صباحاً حتى 14:00 بعد الظهر، وبالتالي استمرار عمليات القصف والقتل في الـ 19 ساعة المتبقية، وذلك خلال هدنة الـ 30 يوم، مما يعني أنه بعد انتهاء 30 يوم، سوف يعود القتل والقصف على مدار الـ 24 ساعة.
يقول فضل عبد الغني مدير الشكة السورية لحقوق الإنسان:
“في جميع مبادرات وقف إطلاق النار وتخفيض التَّصعيد السابقة، كنا نلحظ نوعاً من “الخجل” حيث تنخفض معدلات القتل والقصف ليومين أو ثلاثة أيام قبل أن تعود إلى سابق عهدها، أما ما حصل في حالة القرار 2401 فهو أمر غير مسبوق حيث لم يمضِ سوى بضع ساعات على صدور القرار إلا عاودَ النظام السوري وحلفاؤه عمليات القصف والقتل والاقتحام”.
يُشكِّل الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية بعد مرور عشرة أيام على تصعيد الهجمات العسكرية كارثة حقيقية في ظلِّ قيام قوات الحلف السوري الإيراني الروسي بتطبيق سياستها المعتادة بداية كل حملة عسكرية وهي استهداف المشافي والنقاط الطبية وحتى سيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني؛ ما زاد من معاناة الجرحى والمرضى الذين يعانون من شُحِّ المواد الطبية أصلاً بسبب الحصار، في الغوطة الشرقية اليوم ما لا يقل عن 1350 جريح بينهم قرابة 670 بحاجة إلى عناية طبيَّة خاصة، وقرابة 270 بحاجة إلى أطراف صناعية مُتعددة بسبب تضاعف حالات بتر الأطراف.
منهجية التقرير:
يستعرض التَّقرير أبرز الانتهاكات المرتكبة من قبل الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا عقبَ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2401 مساء 24/ شباط/ 2018 حتى مساء 27/ شباط/ 2018، وقد قمنا بمراجعة الصور والفيديوهات التي وردتنا وتحقَّقنا من صدقيتها عبر برامج خاصة لدينا، كما تحدّثنا مع ناجين من الهجمات أو مع أقرباء للضحايا أو مع شهود عيان على بعض الحوادث.
خلال عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قِبَل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، فعندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك نقوم بمتابعة الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، وفي بعض الأحيان تمكَّن الباحث من زيارة موقع الحدث في أسرع وقت ممكن، لكنَّ هذا نادراً ما يحدث؛ نظراً للمخاطر الأمنية المرتفعة جداً، ولكثرة الحوادث اليومية، وأيضاً الإمكانات البشرية والمادية، ولهذا تختلف إمكانية الوصول إلى الأدلة، وبالتالي درجة تصنيفها، وغالباً ما نقوم في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات بالاعتماد على شهادات ناجين تعرَّضوا للانتهاك مباشرة؛ حيث نحاول قدرَ الإمكان الوصول إليهم مباشرة، وبدرجة ثانية مَنْ شاهَدَ أو صوَّر هذا الانتهاك، إضافة إلى تحليل المواد المتوفرة في مصادر مفتوحة كشبكة الإنترنت، ووسائط الإعلام، وثالثاً عبر الحديث مع كوادر طبيَّة قامت بعلاج المصابين وعاينت جثث الضحايا وحدَّدت سبب الوفاة.