أولاً: المقدمة ومنهجية التقرير:
بعد مرور عدة أشهر على حملة القصف العنيف التي شنَّها النظام السوري وحلفاؤه منذ 14/ تشرين الثاني/ 2017، على منطقة الغوطة الشرقية، تبنَّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2401 مساء 24/ شباط/ 2018 ولم تمضِ سوى ساعات قليلة على تبنيه حتى عاود النظام السوري وحلفاؤه عمليات القصف، وفي كثير من الأحيان ارتفعت وتيرتها وشدَّتها عما كانت عليه قبل قرار مجلس الأمن، وعلى الرغم من أنَّ القرار قد نصَّ على هدنة تستمر ثلاثين يوماً في عموم سوريا مع السَّماح بدخول مساعدات إنسانية غير مشروطة، فقد قامت روسيا بتفسيره بحسب أهوائها وحدَّدت هدنة خمس ساعات فقط من الساعة 09:00 حتى 14:00، لكن حتى هذه المدة لم يتوقف القصف خلالها، وكلُّ ذلك يُشكِّل إهانة قاسية لبقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
وقد تحدَّث المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين في 2/ آذار/ 2018 أمام مجلس حقوق الإنسان، مطالباً بضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2401.
كما دعا المنسِّق الإنساني الأممي بانوس مومتزيس في بيان بتاريخ 4/ آذار/ 2018 إلى ضرورة العمل للوصول إلى المدنيين في المناطق المحاصرة في سوريا والتَّوقف عن قصفهم وقصف أعيانهم.
وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عقب صدور قرار مجلس الأمن 2401 بالدخول الفوري إلى الغوطة الشرقية، ووجَّهت نداء لوقف الأعمال العدائية بما يكفي من الزمن لضمان دخول القوافل الإنسانية، وفي 5/ آذار/ 2018 سمحت قوات النظام السوري بدخول قافلة من المساعدات الإنسانية إلى مدينة دوما في الغوطة الشرقية مؤلفة من 46 شاحنة وتكفي 27500 شخصاً حسب ما أفادت به اللجنة. وقد تعرَّضت القافلة لتفتيش دقيق من قبل قوات النظام السوري وأفرغت قرابة 3 شاحنات من حمولتها من المواد الطبيَّة، لم تهدأ عمليات القصف أثناء وجود القافلة، وغادرت المنطقة قبل إفراغ حمولتها كاملة.
يعقد اليوم الأربعاء مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مُغلقة بطلب من فرنسا وبريطانيا لمناقشة الأوضاع في سوريا، وقد بدأت مؤشرات النَّقص الحاد في التغذية وشُحِّ المواد الطبية في الغوطة الشرقية تُعلِن عن قرب وقوع كارثة إنسانية فيها بعدَ 17 يوماً من الحملة العسكرية الشرسة، أمضاها المدنيون داخل ملاجئ تفتقر لأبسط مقومات الحياة، من بينها 10 أيام عقبَ صدور قرار من مجلس الأمن يُفترَض به مساعدتهم.