معظمهم من أبناء مناطق الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق
أولاً: مقدمة ومنهجية:
يتعرَّض الأشخاص للاعتقال التَّعسفي في سوريا بشكل يومي منذ بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار/ 2011 إما لأنَّهم مارسوا حقَّاً من حقوقهم الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثل الحقِّ في حرية الرأي والتَّعبير، أو لأنَّهم حُرموا من المثول أمام محاكمة عادلة، فاحتجزوا من غير أن تُصدَر هيئة قضائية مستقلة قراراً باحتجازهم أو توجيه تُهم لهم أو تعريضهم لمحاكمة، أو توفير التَّواصل مع محامٍ، أو لأنَّهم احتجزوا بعد انقضاء مدة العقوبة المفروضة عليهم، وغالباً ما يخضع المحتجزون تعسفياً للحبس الانفرادي عدة أشهر وأحياناً سنوات إن لم يكن لأجل غير محدَّد في مراكز الاحتجاز الرَّسمية وغير الرَّسمية. والاحتجاز بحدِّ ذاته لا يُشكِّل انتهاكاً لحقوق الإنسان إلى أن يُصبح تعسُّفياً، كما تنصُّ الصكوك الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 9 منه على أنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفياً” أما المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة فقد نصَّت “لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون”.
لا يكاد يمرُّ يوم من دون أن نُسجِّل حادثة اعتقال تعسفي، وقد كان النِّظام السوري أوّل أطراف النّزاع ممارسة لهذا الانتهاك بشكل ممنهج ضدَّ مختلف أطياف الشّعب السوري، وقد اتَّبع النظام السوري أساليب مافيوية، فمعظم حوادث الاعتقال تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو أثناء عمليات المداهمة، ويتعرّض المعتقل للتّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
يُعتبر النظام السوري مسؤولاً عمَّا لا يقل عن 87 % من حصيلة الاعتقالات التَّعسفية المسجلة لدينا، وغالباً لا تتمكَّن عائلات الضحايا من تحديد الجهة التي قامت بالاعتقال بدقة، لأنه عدا عن أفرع الأمن الأربعة الرئيسة وما يتشعب عنها، تمتلك جميع القوات المتحالفة مع النظام السوري (الميليشيات الإيرانية، حزب الله اللبناني، وغيرها) صلاحية الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري.
وعلى الرغم من جميع المفاوضات والاتفاقيات وبيانات وقف الأعمال العدائية، التي شهدَها النِّزاع السوري إلَّا أنَّنا نرى أنَّ قضية المعتقلين تكاد تكون المعضلة الوحيدة التي لم يحدث فيها أيُّ تقدُّم يُذكر، وفي هذه القضية تحديداً فإننا نوصي بالتالي:
أولاً: يجب أن تتوقف فوراً عمليات الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري التي مازالت مستمرة حتى الآن بحسب هذا التقرير الشهري للشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويجب الكشف عن مصير جميع المعتقلين والمختفين قسرياً، والسماح لأهلهم بزيارتهم فوراً.
ثانياً: الإفراج دون أي شرط عن جميع المعتقلين الذين تم احتجازهم لمجرد ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، وإطلاق سراح كافة النساء والأطفال، والتوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
ثالثاً: منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلتها الأمم المتحدة بشأن الجمهورية العربية السورية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية كافة، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط.
رابعاً: تشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يُطلب من جميع الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 87 % من مجموع المعتقلين.
خامساً: إيقاف الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية الميدانية ومحاكم قضايا الإرهاب وإلغاؤها لمخالفتها التشريعات المحليَّة والدولية وضمانات المحاكمة العادلة.