القوات الروسية تقتل 36 مدنياً بينهم 20 طفلاً في قرية أورم الكبرى بريف حلب الغربي
أولاً: المقدمة:
تتبع قرية أورم الكبرى ناحية الأتارب في ريف حلب الغربي، وتخضع لسيطرة فصائل في المعارضة المسلحة منذ تشرين الأول/ 2011، تخلَّلَ ذلك سيطرة تنظيم داعش عليها بين مطلع كانون الثاني/ 2014 حتى اليوم الرابع عشر من الشهر ذاته، ويبلغ تعداد سكانها قرابة 40 ألف نسمة بينهم قرابة 24 ألف نازح من محافظات حمص وريف دمشق وحماة ومدينة حلب.
تقع القرية ضمن ما يُسمى “منطقة خفض التَّصعيد الرابعة” التي تمَّ الاتفاق عليها في أيار/ 2017 تحت رعاية كل من تركيا وروسيا وإيران كأطراف ضامنة، تضمُّ المنطقة محافظة إدلب وما حولها (أجزاء من محافظات حماة وحلب).
منذ 10/ آب/ 2018 شهدَت محافظة إدلب وما حولها تصعيداً عسكرياً خطيراً، حيث بدأت قوات النظام السوري حشدَ قواتها في قرى ريف حماة الشمالي وبدأت تنفيذ هجمات جوية وأرضية على عدة قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشرقي، استهدفَ معظمها السكان المدنيين؛ بهدف توليد الإرهاب والرُّعب بينهم لدفعهم إلى الهروب شمالاً أو الاستسلام.
الهجوم العسكري على محافظة إدلب وما حولها يختلف عن بقية المناطق من ناحية حجم الكثافة السكانية التي تحتضنها هذه المناطق، بعد أن تشرَّد إليها قسرياً عشرات من أهالي مدن وبلدات عدة في كل من الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص الشمالي وغيرها، واستقروا في تلك المناطق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع التَّعداد السكاني إلى قرابة 3.8 مليون نسمة، معظمهم يرفضون العودة إلى مناطق يُسيطر عليها النظام السوري خوفاً من عمليات التصفية والاعتقال والإخفاء القسري والنَّهب، ولما كانت الحدود السورية التركية مغلقة فلم يبقى أمامهم خيار سوى مواجهة الموت في ظلِّ غياب مطلق لمجلس الأمن الدولي عما يحصل وكأنَّ هذا التهديد يُشبه حادثاً مرورياً.
يُوثِّق التقرير استهداف طيران ثابت الجناح نعتقد أنه روسي الحيَّ الشمالي الغربي في قرية أورم الكبرى بريف حلب الغربي؛ ما تسبَّب في مقتل 36 مدنياً، بينهم 20 طفلاً، و7 سيدة (أنثى بالغة).
هذه المجزرة والهجمات العسكرية للنظام السوري على أرياف محافظتي حلب وحماة ومحافظة إدلب تسبَّبت في مقتل 106 مدنياً بينهم 29 طفلاً، و13 سيدة (أنثى بالغة)، وجنين واحد منذ 10/ آب/ 2018 حتى لحظة إعداد هذا التقرير، كما تسبَّبت في بثِّ حالة من الرعب لدى الأهالي الذين بدؤوا بالفرار، وقد نزح منذ 10/ آب ما لا يقل عن 48 ألف مدني من كل من قرى: التح وتحتايا، والخوين، بريف إدلب الجنوبي، ويُقيم معظمهم الآن في مخيمات ومراكز إيواء تفتقر بشكل مُخيف لأدنى درجات الخدمات الأساسية، وقد وثَّقنا استهداف النظام السوري المتكرر لمخيمات النَّازحين، بل ولطرق وقوافل النُّزوح، وتؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّه لا توجد أية ملاجئ مُجهزة لحماية هؤلاء النَّازحين في حال تعرُّضهم لقصف مُتعمَّد من قبل النظام السوري؛ ونظراً لسجلِّه الإجرامي في هذا الخصوص فإننا نتخوَّف على مصير النازحين ونطالب بدخول قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة لحمايتهم، حيث ينبغي على المجتمع الدولي أن يُظهر جدية حقيقية في حماية ملايين المدنيين المحاصرين في الشمال والضَّغط على الحلف السوري الروسي لمنع تكرار السيناريو الوحشي في كل من الغوطة الشرقية ومنطقة الجنوب السوري مرة أخرى.
منهجية:
خلال عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وعبر شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوعة من خلال تراكم علاقات ممتدة منذ بدايات عملنا حتى الآن، فعندما تردنا أو نُشاهد عبر شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام أخباراً عن انتهاك نقوم بمتابعة الخبر ومحاولة التَّحقق وجمع أدلة وبيانات، وفي بعض الأحيان تمكَّن الباحث من زيارة موقع الحدث في أسرع وقت ممكن، لكنَّ هذا نادراً ما يحدث؛ نظراً للمخاطر الأمنية المرتفعة جداً، ولكثرة الحوادث اليومية، وأيضاً الإمكانات البشرية والمادية، ولهذا تختلف إمكانية الوصول إلى الأدلة، وبالتالي درجة تصنيفها، وغالباً ما نقوم في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات بالاعتماد على شهادات ناجين تعرَّضوا للانتهاك مباشرة؛ حيث نحاول قدرَ الإمكان الوصول إليهم مباشرة، وأيضاً الاعتماد على مَنْ شاهَدَ أو صوَّر هذا الانتهاك، إضافة إلى تحليل المواد المتوفرة في مصادر مفتوحة كشبكة الإنترنت، ووسائط الإعلام، ورابعاً عبر الحديث مع كوادر طبية قامت بعلاج المصابين وعاينت جثث الضحايا وحدَّدت سبب الوفاة.
نرجو الاطلاع على المنهجية المتَّبعة من قبل الشبكة السورية لحقوق الإنسان في توثيق الضحايا وتصنيف المراكز الحيوية المدنية.
تمكنَّا من الحديث مع عدد من أقرباء الضحايا وشهود العيان ونستعرض في هذا التقرير 5 شهادات لمسعِفين ونشطاء محليين ومن ذوي الضحايا وعمال الإشارة المركزية .
إن جميع الروايات حصلنا عليها عبر حديث مباشر مع الشهود، وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة، وقد شرحنا للشهود الهدف من المقابلات، وحصلنا على موافقتهم على استخدام المعلومات التي يُقدِّمونها في هذا التقرير دونَ أن نُقدِّم أو نعرض عليهم أية حوافز.
حاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تجنيبَ الشهود معاناة تذكُّر الانتهاك، وتمَّ منحُ ضمانٍ بعدم كشف هوية كل من أبدى رغبته في استخدام اسم مستعار.
كما أثبتت التَّحقيقات الواردة في هذا التقرير أنَّ المناطق المستهدفة كانت عبارة عن مناطق مدنية ولا يوجد فيها أية مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة لفصائل في المعارضة المسلحة أو التنظيمات الإسلامية المتشددة أثناء الهجمات أو حتى قبلها، كما أنه لم يتم توجيه أي تحذير من قبل القوات الروسية للمدنيين قُبيل الهجمات كما يشترط القانون الدولي الإنساني.
حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، أو التي أرسلها لنا نشطاء محليون عبر البريد الإلكتروني أو برنامج السكايب أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون موقع الهجمات وجثث الضحايا والمصابين وحجم الدمار الكبير الذي تسبّب به القصف.
ما وردَ في هذا التقرير يُمثِّل الحدَّ الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاك الذي حصل، كما لا يشمل الحديثُ الأبعادَ الاجتماعية والاقتصادية والنَّفسية والديمغرافية.