أولاً: مقدمة ومنهجية:
تقع محافظة السويداء في الطرف الجنوبي من الدولة السورية، وتبعد عن العاصمة دمشق قرابة 128كم وقد بلغ عدد سكانها عام 2010 قرابة 370 ألف نسمة، أغلب سكانها من طائفة الدروز الموحدين. نظراً لعدم تعرضها لهجمات وقصف جوي ومدفعي عنيف وبالتالي هدوئها النسبي؛ فقد نزح إليها قرابة 100 ألف مواطن من مناطق مجاورة مثل ريف دمشق ودرعا.
مع استمرار واتساع العمليات العسكرية التي شنَّها النظام السوري ضدَّ المناطق التي طالبت بتغيير حكم العائلة إلى حكم ديمقراطي، ازدادت حاجة النِّظام السوري إلى تجنيد مزيد من المواطنين السوريين ضمن صفوف قواته المسلحة، وهذا دفع مئات آلاف الشباب السوريين إلى الهجرة ومغادرة البلاد خوفاً من الالتحاق بقوات النظام السوري وقتال سوريين آخرين، كما امتنع قسم آخر عن اللحاق بقوات النظام السوري، وبقي في حدود محافظة السويداء بعد أن تسلَّمت ما يسمى باللجان الشعبية السيطرة عليها ولم يعد للنظام السوري هناك سوى السيطرة الشكلية.
تأسَّست في عام 2012 حركة رجال الكرامة، وهي تجمع مسلح أسَّسه أحد شيوخ الطائفة الدرزية “وحيد البلعوس”، وكان أحد أهداف هذا التَّجمع حماية المحافظة من أي تدخل عسكري سواء من النظام السوري أو حتى من فصائل في المعارضة المسلحة، واستمر على مدى سنوات تالية توسُّع عمليات التسليح الداخلي داخل محافظة السويداء، حيث تشكَّلت لجان شعبية فرضت سيطرتها على كامل المحافظة، واعتمدت اللجان الشعبية في تسلُّحها على عدة مصادر كالتبرعات الفردية من أشخاص ينتمون إلى الطائفة الدرزية في لبنان وفلسطين والأردن، أو على أحزاب موالية للنظام السوري كحزب البعث أو الحزب القومي الاجتماعي السوري، واعتمدت بعض اللجان في تسليحها على أفرع الأمن التابعة للنظام السوري كفرع الأمن العسكري بحسب ما أخبرنا بذلك بعض الأهالي في محافظة السويداء.
تعرَّض أهالي محافظة السويداء لهجمات عدة في 25/ تموز/ 2018؛ خلَّفت عدداً كبيراً من الضحايا والمصابين، وحاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان توثيق تلك الحوادث وما تخللها من انتهاكات للقانون الدولي، ولقد تحدثنا مع عدد من شهود العيان وناشطين إعلامين محليين ومع ذوي ضحايا ونعرض في هذا التقرير روايتين، وجميع الروايات قد حصلنا عليها عبر حديث مباشر مع الشهود، وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة، وقد شرحنا للشهود الهدف من المقابلات، وحصلنا على موافقتهم على استخدام المعلومات التي يُقدِّمونها في هذا التقرير دونَ أن نُقدِّم أو نعرض عليهم أية حوافز.
حاولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تجنيبَ الشهود معاناة تذكُّر الانتهاك، وتمَّ منحُ ضمانٍ بعدم كشف هوية كل من أبدى رغبته في استخدام اسم مستعار.
كما حلَّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المقاطع المصوَّرة والصّور التي نُشرت عبر الإنترنت، كما أظهرت مقاطع مصورة بثَّها ناشطون دماراً في سوق الخضار وبعض السيارات، إضافة إلى مقابلات مع أهالي المختطفين وأظهرت مقاطع مصورة يزعم أنها لتنظيم داعش عمليات إعدام بحق اثنين من الرهائن.
وخضع هذا التَّقرير لنمط من تحديات إضافية تمثَّلت بشكل رئيس في كون الشبكة السورية لحقوق الإنسان لا تملك قاعدة اتصالات واسعة في محافظة السويداء نظراً؛ لعدم تعرُّضها لكم كبير من الانتهاكات على غرار المحافظات الأخرى، حيث تقوم الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتوسيع وبناء العلاقات بالتوازي مع حدوث الانتهاكات؛ ولهذا السبب تحديداً فقد استغرقت التحقيقات في هذا التقرير وقتاً إضافياً، وهنا لا بُدَّ من شكر الأهالي داخل وخارج محافظة السويداء على تعاونهم في هذا التحقيق، وأخيراً لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هذا هو الحد الأدنى الذي تمكنَّا من توثيقه في ظلِّ صعوبات استثنائية وتخوُّف العديد من الأهالي من عمليات انتقامية من تنظيم داعش أو النظام السوري في حال الإدلاء بشهاداتهم.