بواسطة: Loey Felipe
أرسلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم رسالة إلى المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة السيد جير أو بيدرسن، وهدفت الرسالة إلى مشاركة الآمال والمخاوف التي تحملها الشبكة السورية لحقوق الإنسان بشأن مستقبل محادثات جنيف وعملية السلام في سوريا، ومستقبل سوريا أيضاً.
وذكرت الرسالة التي جاءت في ثلاث صفحات أنَّ الأمم المتحدة -من خلال عملية جنيف ومساراتها الثمانية- كانت على نحو ما تدعمه البلدان الصديقة توفِّر وميضَ أمل للشعب السوري وتطلعاته نحو الديمقراطية إلا أنه ووفقاً للرسالة فقد بدأت عملية السلام تنزلق بشكل سريع.
وأكَّدت الرسالة أنَّ الوضع في سوريا من وجهة نظر حقوقية أصبحَ كارثياً، وتدهورت حالة حقوق الإنسان مع استمرار المحادثات. ولم تكن هذه المحادثات قادرة على المضي بالشَّعب السوري خطوة واحدة أقرب إلى أيِّ سلام ذي معنى ومُستدام، حيث لم يتحقق أي اختراق مهما كان طفيفاً، سواء على صعيد توفير مستمر للمساعدات الإنسانية، أو حماية المدنيين، أو التَّوقف عن أعمال القصف الجوي أو التعذيب، أو إطلاق سراح معتقل واحد مشيرة إلى أنَّ هذه الإخفاقات تعود إلى اقتناع النظام السوري بعدم وجود حاجة أو ضغوط حقيقية عليه للموافقة على المشاركة في أية عملية تفاوض.
وجاء في الرسالة أنَّ الأمم المتحدة حاولت إيجاد حلٍّ للحفاظ على عملية جنيف على قيد الحياة بدلاً من إيجاد آليات من شأنها إجبار النظام السوري على الالتزام بقرارات مجلس الأمن، حيث تم تقسيم مسار المفاوضات إلى أربع “سلال” وهي هيئة الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب. وبما أنَّ النظام رفض بشدة مناقشة السلة الرئيسة تحديداً وهي تشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة، تحوَّل التركيز بدلاً من ذلك إلى عملية الدستور والانتخابات.
وأوضحت الرسالة أنَّ قرار مجلس الأمن رقم 2254 له تسلسل منطقي وواضح، فالانتقال السياسي يبدأ بهيئة حكم انتقالي ومرحلة انتقالية يتوقف فيها القتال وتسود فيها بيئة آمنة، تُمهد الطريق لعودة المشردين داخلياً وخارجياً وهم قرابة 12 مليون سوري، وتوقف سطوة ووحشية الأجهزة الأمنية، ومن ثمَّ عملية دستورية قبل إجراء انتخابات جديدة.
وعلى ذلك فقد اعتبرت الرسالة أنَّ خطة “السلال” قد حقَّقت عكس ما يرمي إليه قرار مجلس الأمن رقم 2254، وخالفته بشكل صارخ، فمن منظور خطة التَّنفيذ الخاصة بـ “السلال”، يُمكننا القول إن القرار 2254 هو طريقة أكيدة لإنهاء فكرة حقوق الإنسان في سوريا ومعها أية آفاق لسلام طويل الأمد. وإنَّ الشروع في هذه الخطة قد أدى -ولو عن غير قصد- إلى تخريب عملية الانتقال السياسي في سوريا.
وجاءَ في الرسالة أنَّ روسيا نجحَت في عرقلة بل وقلب مسار العملية السياسية بالكامل من خلال استخدام حقِّ النقض (الفيتو) في 12 مناسبة وتعبئة قواتها العسكرية لدعم النظام السوري. ومن خلال الاستيلاء على بعض المهام المنوطة بالأمم المتحدة، مثل المفاوضات الخاصة بتشكيل اللجنة الدستورية، التي حولتها إلى سوتشي.
وأكَّدت الرسالة أنَّ أية عملية سياسية ناجحة سوف تكون بالتأكيد نتاجاً عن وجود لجنة ذات شرعية تُمثِّل حقاً تطلعات الشعب السوري، تليها عملية انتخابية حرة تتم وفقاً للمعايير الدولية. وفي غياب أي تفويض شرعي بتشكيل الدستور، فإنَّ أية نتيجة دستورية من شأنها إما أن تضفي شرعية على دستور 2012، الذي يحمي إلى حدٍّ كبير الممارسات الوحشية لأجهزة النظام السوري الأمنية، أو ستنشِئ إطاراً جديداً لكنه قمعي ومماثل.
ورأت الرسالة أنَّه من غير الواقعي توقُّع أن تكون هناك أية انتخابات حرة إذا تم تنفيذها في بيئة تُسيطر عليها الأجهزة الأمنية الوحشية بمساندة الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، أو في المناطق التي تُسيطر عليها القوى والميليشيات المتطرفة، لأنَّ بيئات كهذه تفتقر إلى أيَّة مقومات من الممكن أن تُفضي إلى عملية ديمقراطية.
وحذَّرت الرسالة من أنَّ إشراف الأمم المتحدة لن يُلغي رعب وخوف السوريين من توحش وتغوُّل أجهزة النظام الأمنية، أو من العواقب التي سيتحملها الناخبون في أعقاب الانتخابات، بصرف النَّظر عن نتائجها. كما أنَّ ما تتطلبه الانتخابات الديمقراطية ليس فقط الأُطر الشرعية وحرية المشاركة كناخب ومرشح، بل إنَّها تتضمن أيضاً أن تكون النتيجة مقبولة من جميع الأطراف، ومن الشعب السوري بشكل أساسي. وهناك 12 مليون سوري ممن نزحوا داخلياً وخارجياً؛ نتيجة لممارسات النظام السوري وحلفائه بأغلبية ساحقة، لن يكونوا قادرين بشكل مناسب على المشاركة في أية انتخابات من هذا القبيل تحت سلطة النظام السوري. وهذا من شأنه بحسب ما أكَّدت عليه الرسالة أن يجعل دور الأمم المتحدة الإشرافي في أحسن الأحوال سطحياً.
وأقرَّت الرسالة بوجود مشكلات عميقة في الدستور السوري، إلا أنها رفضت التلاعب بعملية المفاوضات وقلب مسارها، مؤكدة أن المشكلة الأساسية الممتدة منذ عهد حافظ الأسد هي تطبيق أحكام الدستور والالتزام بها.
ومن جانب آخر أشارت الرسالة إلى مشاركة المجتمع المدني الديمقراطي في المفاوضات، الذي تركزت مطالبه بشكل أساسي على قضية المحاسبة والإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المختفين، ورفع مستوى المساعدات الإنسانية وتنظيم عمليات توزيعها. وأضحت أنَّ إدراجه حتى الآن في المفاوضات لا يأتي دون عيوب كبيرة، وفي بعض الأحيان يفتقر إلى الشفافية، وفي أحيان أخرى تمت دعوة جهات لا تمثل الفاعلين في المجتمع المدني ولم تكن مستقلة أو حتى ملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان الأساسية.
طالبت الرسالة الأمم المتحدة باستعادة خطوات عملية التفاوض وفقاً للمبادئ المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف، وأنه يجب التخلي نهائياً عن الوصفة الحالية لاستمرار انتهاكات حقوق الإنسان والحرب المفتوحة.
كما أوصت الدول الصديقة أن تُّعزز دعمها للتسلسل المنطقي في تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأن تضمن مع الأمم المتحدة عدم ممارسة الضغط على المعارضة السورية والمجتمع المدني للانحراف عن المبادئ الأساسية للقرار.
وشدَّدت الرسالة على أهمية قيام الأمم المتحدة بتفعيل دور المجتمع المدني من خلال إشراك مجموعات وطنية نشطة وتفادي أخطاء دعوة مجموعات غير موجودة لمجرد إعطاء انطباع عن عملية استشارية شاملة. كما ينبغي استبعاد المنظمات والأفراد الذين تورطوا في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا من القيام بأي دور في العملية ونقل توصيات المجتمع المدني سليمة كما هي.
أكَّدت الرسالة في ختامها أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان ستقوم بتقديم الدَّعم والمساعدة في التحقيقات وتقديم أية بيانات مطلوبة على أمل توجيه السفينة السورية إلى برِّ الأمن والسلام.