مقتل ما لا يقل عن 27464 أنثى وما لا يقل عن 10026 أنثى لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري
تدهورت حقوق المرأة السورية الأساسية على جميع المستويات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية بعد ردة الفعل الوحشية التي انتهجها النظام السوري ضدَّ المجتمع إثرَ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا في آذار/ 2011، وصحيح أنَّ فئات المجتمع السوري كافة قد تأثَّرت من تداعيات النزاع إلا أن المرأة كانت الأشد تأثراً؛ نظراً لما تحمله من مسؤوليات ولوضعها الاجتماعي والصحي ثانياً، كما تعرضت المرأة لمختلف أنماط الانتهاكات من القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدام، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتشريد القسري، والحصار، والحرمان من الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، ووصلت العديد من هذه الانتهاكات وخاصة القتل والتعذيب والإخفاء القسري إلى معدلات هي الأسوأ في العالم.
لم تقع النساء والفتيات السوريات ضحايا للنزاع بشكل عارض، بل كنَّ مستهدفات بشكل مباشر ومنهجي من قبل جميع أطراف النزاع وفي مقدمتهم النظام السوري، الذي يتصدَّر حصيلة مرتكبي الانتهاكات بفارق شاسع مقارنة ببقية الأطراف، حيث تم استهدافهن إما بسبب مساهمتهن الفعالة في العمل الاجتماعي والإنساني، والسياسي، والحقوقي، والإغاثي، والطبي، والإعلامي، أو لمجرد كونهنَّ إناثاً؛ بهدف تهميشهن وكسرهن ولقمع المجتمع وترهيبه من عواقب مناهضته للسلطات؛ لما تحتله المرأة من مكانة في المجتمع السوري مرتبطة بأعراف ومعتقدات. وتعرَّضت المرأة لأنماط أخرى من الانتهاكات فعانت من التضييق والتقييد في العمل والتعليم واللباس، والحصول على الرعاية الصحية المناسبة في المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام، كما عانت من التَّجنيد الإجباري في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومن الملاحقة والتهديد والتَّرهيب والابتزاز في مناطق سيطرة فصائل في المعارضة المسلحة. كما عانت من فقدان المعيل والعيش في ظروف معيشية قاهرة في ظلِّ النزوح والزواج المبكر والقسري.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“قامت المرأة السورية بدور محوري على صعيد رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وتحمَّلت ساعات العمل الشَّاق والطَّويل والمتتابع، ورؤية جثث الضحايا وتفاصيلها، وتحدَّثت مع مئات الناجين، وبرزت دقَّة عملها وبحثها وصبرها الاستثنائي بشكل واضح في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي لم تكن لتكون على هذا النَّحو من الجودة لولا جهودهن”.
إنَّ أسوأ ما عانت منه المرأة السورية هو عجز المجتمع الدولي عن حمايتها، وإيقاف عمليات القتل والتعذيب والاعتقال، واستهداف المنشأت الصحية والخدمية، التي توفر الخدمات الأساسية وأُسس الحياة الكريمة لها، فالانتهاكات الصارخة التي تتعرَّض لها النساء والفتيات في سوريا تستدعي منْ كل منَ الأمم المتحدة ومجلس الأمن تنفيذ تدابير توفِّرُ الوقاية والحماية لهن من تداعيات النِّزاع، وتحمُّل مسؤولياتهما تجاهَهن، ووضع حد لمرتكبي الجرائم، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، والالتزام بقواعد القانون الدولي التي نصَّت بشكل واضح على إعطاء المرأة حماية ورعاية خاصة، لكنَّها انهارت بشكل تام أمام عنف وتوحُّش النظام السوري.