أولاً: مقدمة ومنهجية:
تُعتبر عملية تسجيل الضحايا الذين يقتلون في سوريا من أبرز مهام الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ آذار 2011 حتى الآن؛ ذلك أنَّ القتل هو أعظم أنماط الانتهاكات، ولأنَّ الشعب السوري يتأثر بها على النحو الأكبر، ففقدان الأب أو الأم أو الأخ أو الصديق ونحو ذلك يُشكَّل صدمة مرعبة وفقدان لا يُمكن تعويضه، وبشكل خاص بعد أن أصبح نمط القتل واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، عبر استخدام الدبابات والمدفعية ثم الطيران الحربي وإلقاء البراميل المتفجرة وصواريخ سكود، والأسلحة الكيميائية، والأمر الذي زاد من أهمية وتعقيد عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا هو دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وقد قامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، الذين يقوم فريق العمل بجمع بياناتهم والتَّحقق منها؛ الأمر الذي مكَّننا بالتالي من توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي ينتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها.
وقد ارتأينا منذ عام 2011 أن نُسلط الضوء على حصيلة القتلى من النساء والأطفال أيضاً؛ نظراً لحساسية هذه الفئات في المجتمع ولكونها تعطي مؤشراً عن نسبة استهداف المدنيين، وقُمنا لاحقاً بإضافة فئات أخرى لها دور أساسي في الحراك الشعبي، ولاحقاً في النزاع المسلح مثل الكوادر الإعلامية والطبية والإغاثية وكوادر الدفاع المدني.
ونظراً لأهمية وحساسية انتهاك قتل مواطن سوري، فإنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان لم تتوقف منذ قرابة ثماني سنوات عن إصدار حصيلة يومية للضحايا، وتُصدر تقريراً شهرياً يرصد حصيلة الضحايا الذين فقدتهم سوريا في كل شهر، وكذلك تقريراً سنوياً، إضافةً إلى عشرات التَّقارير التي توثق المجازر التي ارتكبت على الأرض السورية.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الأمم المتحدة اعتمدت في جميع إحصائياتها الصَّادرة عنها في تحليل ضحايا النِّزاع، على الشبكة السورية لحقوق الإنسان كأحد أبرز المصادر، إضافة إلى اعتماد الشبكة السورية لحقوق الإنسان لدى عدد واسع من وكالات الأنباء العربية والعالمية، والعديد من المنظمات الحقوقية الدولية.
منهجية:
يرصد هذا التَّقرير حصيلة الضحايا الذين وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتلهم على يد أطراف النِّزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا في نيسان 2019، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، والكوادر الإعلامية والطبية، كما يُركِّز على المجازر، التي ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة طيلة الشهر المنصرم، وتمكَّن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان من توثيقها، وهنا نُشير إلى أننا نُطلق وصفَ مجزرة على الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة، كما يتضمَّن التَّقرير استعراضاً لأبرز الحوادث، وأخيراً فإنَّنا نحتفظ بتفاصيل الحوادث الكاملة في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يوزِّع التقرير حصيلة الضحايا بحسب الجهات الرئيسة الفاعلة في النزاع السوري، وهذا يحتاج في بعض الأحيان لمزيد من الوقت والتَّحقيق وخاصة في حال الهجمات المشتركة، وعندما لم نتمكن في بعض الأحيان من إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية وقوات التَّحالف الدولي، فإننا نُشير في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يثبت لدينا أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما.