النظام السوري المسؤول الرئيس بنسبة 61% عن استهداف أماكن العبادة المسيحية في سوريا
بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ النظام السوري هو المسؤول الرئيس بنسبة 61% عن استهداف أماكن العبادة المسيحية في سوريا.
وتحت عنوان “استهداف أماكن العبادة المسيحية في سوريا تهديد للتراث العالمي” ذكر التقرير أن استهداف أماكن العبادة المسيحية يعتبر شكلاً من أشكال تخويف وتهجير الأقلية المسيحية في سوريا، معتبراً أن النِّظام السوري لم يأبه بما أصاب الدولة السورية من دمار لتاريخ وتراث حضارات مرَّت على سوريا عبر العصور، فبعض أماكن العبادة المسيحية في سوريا يعود بناؤها إلى القرن الأول الميلادي ككنيسة أم الزنار في مدينة حمص، وكنيسة قلب اللوزة في ريف إدلب التي يعود بناؤها إلى القرن الخامس الميلادي، وكان المهم دائماً بالنسبة لحكم بشار الأسد هو البقاء في حكم سوريا، والادعاء بحماية الشعب السوري والابتعاد عن ممارسة الطائفية، أما الواقع والأدلة بحسب التقرير فتُشير إلى استخدام وتكريس الطائفية ومحاربة وتهديد الأقلية والأكثرية التي عارضت ممارسات الاستبداد وتوارث السلطة والاحتفاظ بها إلى الأبد.
أكد التقرير الذي جاء في 22 صفحة أنَّ النظام السوري الحالي يتحمَّل المسؤولية المباشرة عما حلَّ بالدولة السورية من تدمير وتهجير وانهيار على مختلف المستويات؛ ذلك لأنه المتسبِّب الرئيس في استخدام مؤسسات الدولة السورية في شنِّ حرب منهجية ضدَّ الحراك الشعبي الذي طالب بتغيير حكم عائلة الأسد والانتقال نحو نظام منتخب بشكل ديمقراطي يمثِّل مكونات الشعب السوري كافة، وليس طائفة أو عائلة واحدة.
وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لطالما رفعَ النظام السوري شعارات جيدة، لكنَّه على أرض الواقع كان يفعل عكسها تماماً، فهو يشير إلى أنه لم يرتكب أية انتهاكات، وأنَّه حريص على الدولة السورية وحقوق الأقليات، لكنَّه مارس عمليات نوعية في قمع وإرهاب كل من طالب بتغيير وإصلاح سياسي مهما كان دينه أو عرقه، ولو تسبَّب ذلك في تدمير تراث سوريا وتهجير أقلياتها، لن تستقر سوريا بدون انتقال نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان”
تضمَّن التقرير حصيلة حوادث الاعتداء التي نفَّذتها أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا على أماكن العبادة المسيحية منذ آذار 2011 حتى أيلول/ 2019، واستعرض أبرز حوادث الاعتداء على أماكن العبادة المسيحية التي وقعت منذ نهاية نيسان/ 2015 وهو تاريخ إصدار آخر دراسة صادرة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان فيما يخص استهداف الكنائس مُشيراً إلى أن حصيلة حوادث الاعتداء تشمل عمليات القصف الذي استهدفت أماكن عبادة مدنية -ولم يكن بالقرب منها مقرات أو معدات عسكرية- كما تشمل تحويل أماكن العبادة المسيحية إلى مقرات عسكرية من قبل بعض الأطراف، كما نوَّه إلى أن مكان العبادة الواحد قد يتعرض لأزيدَ من اعتداء واحد، ويتم توثيق كل حادثة اعتداء على أنها انتهاك.
وأكد التقرير أنه بموجب القانون الإنساني الدولي تبقى الأعيان المدنية محميَّة من الهجمات العسكرية ما لم يتم استخدامها لأغراض عسكرية، وتنتزع عنها الحماية عندما تستخدم لأغراض عسكرية، وطيلة مدة الاستخدام، أما عندما يعود الهدف المدني من كونه خاضعاً للاستخدام العسكري إلى الاستخدام المدني، فيجب ألا يتعرض للهجوم وتعود له الحماية مرة أخرى.
بحسب التقرير فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 124 حادثة اعتداء على أماكن عبادة مسيحية من قبل الجهات الرئيسة الفاعلة في سوريا، منذ آذار/ 2011 حتى أيلول/ 2019، 75 منها على يد قوات النظام السوري، و10 على يد تنظيم داعش، في حين كانت هيئة تحرير الشام مسؤولة عن هجومين اثنين، ووفقاً للتقرير فإنَّ 33 حادثة كانت على يد فصائل في المعارضة المسلحة، و4 حوادث كانت على يد جهات أخرى.
ذكر التقرير أنَّ حوادث الاعتداء قد تسبَّبت في تضرُّر ما لا يقل عن 76 من أماكن العبادة المسيحية، ست منها تعرضت لاعتداءات على يد أزيَدَ من طرف.
ووفق التقرير فإنَّ حصيلة حوادث الاعتداء على أماكن العبادة المسيحية تتضمن 11 مكان عبادة مسيحي تم تحويلها إلى مقرات عسكرية أو إدارية من قبل أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة 6 منها على يد النظام السوري واثنان على يد كل من تنظيم داعش وفصائل في المعارضة المسلحة وواحد على يد هيئة تحرير الشام.
وأضاف التقرير أنَّ الأسلحة التي يمتلكها النظام السوري من صواريخ وبراميل متفجرة وغيرها هي التي أحدثت الضرر الأكبر في المباني والمحتويات مقارنة مع بقية الأطراف، ويأتي تنظيم داعش في المرتبة الثانية من حيث حجم الأضرار، وعلى الرغم من كثرة حالات الاستهداف التي نفَّذتها فصائل في المعارضة المسلحة، إلا أنَّ الأضرار الناتجة عن ذلك القصف كانت طفيفة مقارنة مع تلك الناتجة عن قصف النظام السوري وتنظيم داعش.
أكَّد التقرير أن القانون الدولي الإنساني يحظر بشدة الهجمات على الأعيان المحمية، التي يجب حمايتها في أوقات النزاع المسلح الدولي والداخلي، ويحظر الهجمات العشوائية أو المتعمدة والانتقامية ضدَّ هذه الأعيان، ويحظر استخدامها في أعمال المجهود الحربي بحسب (البروتوكول 2، المادة 16).
وبحسب التقرير فإنَّ الهجمات المتعمدة على أماكن العبادة تُشكِّل جرائم حرب، وإن تكرار الهجمات على مكان العبادة ذاته مؤشر قوي على تعمُّد الهجمات والرغبة في تدمير مكان العبادة، كما أنَّ بعض عمليات القصف قد تسبَّبت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأنَّ الضَّرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة.
وطبقاً للتَّقرير فإنَّ الهجمات الواردة فيه قد استهدفت أعياناً مدنيَّة، وبالتَّالي فإنَّ القوات المهاجمة انتهكت المواد 52، 53، 54، 55، 56 من البرتوكول الإضافي الأوَّل الملحق باتفاقيات جنيف.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرارين رقم 2139 و2254 وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، وفرض عقوبات تشمل النظام السوري والإيراني وعلى رأسها فرض حظر أسلحة، ووضع المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب على قوائم العقوبات والمطلوبين الدوليين، وإدراج الميليشيات التي تُحارب إلى جانب الحكومة السورية على قائمة الإرهاب الدولية.
أوصى التقرير المجتمع الدولي بحماية الشعب السوري من عمليات القتل اليومي ورفع الحصار، وزيادة جرعات الدَّعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي. والسَّعي إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية بشأن هذه الجرائم أمام المحاكم الوطنية، في محاكمات عادلة لجميع الأشخاص المتورطين داعياً إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، وفرض مزيد من العقوبات على النظام السوري الذي لا يزال يستخدم وقود الطائرات لقصف أماكن العبادة.
حث التقرير المفوضية السَّامية لحقوق الإنسان على أن تُقدم تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان وغيره من هيئات الأمم المتحدة عن الحوادث الواردة فيه.
وطالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ببذل جهد أكبر في حماية المدنيين وأماكن العبادة في سوريا، واستخدام القوة في حال تكرار الهجمات على التراث العالمي، واستهداف المطارات التي تقصف المدنيين وأماكن العبادة.
طالب التقرير النظام الروسي بالضغط على حليفه النظام السوري من أجل التوقف عن قصف أماكن العبادة المسيحية واتخاذ موقف جدي في حال تكرار عمليات الاستهداف، والضغط عليه أيضاً لإخراج قواته ومعداته العسكرية من أماكن العبادة المسيحية، والتَّعهد باحترامها وحمايتها واعتبر التقرير أن النظام السوري هو أكبر تهديد للمجتمع والدولة والاستقرار والأقليات.
كما طالب التقرير فصائل في المعارضة المسلحة بضمان حماية المدنيين والأعيان المدنيَّة في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الحوادث الواردة في هذا التقرير ومحاسبة المتورطين بعمليات استهداف أماكن العبادة المسيحية، وترميمها في المناطق الخاضعة لسيطرتها والعمل على حمايتها.