بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 277 مدنياً بينهم اثنان من الكوادر الإعلامية، وثلاثة من الكوادر الطبية، واثنان من كوادر الدفاع المدني تمَّ توثيق مقتلهم على خلفية النزاع في سوريا في تشرين الثاني 2019 على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة، إضافة إلى 27 شخصاً قضوا بسبب التعذيب.
وذكر التقرير الذي جاء في 23 صفحة أنَّ جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وأوضح التقرير أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 قامت ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، ليصبح بالإمكان توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي تنتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها. كما وزَّع التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمكان الذي قتلوا فيه وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.
ويرصد التَّقرير حصيلة الضحايا الذين تم توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا في تشرين الثاني 2019، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب، والكوادر الإعلامية والطبية وكوادر الدفاع المدني، كما يُركِّز على المجازر، التي ارتكبتها أطراف النزاع الرئيسة طيلة الشهر المنصرم.
وتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الرئيسة الفاعلة، مُشيراً إلى أنه في حال الهجمات المشتركة، التي تعذَّر معها إسناد مسؤولية هجمات بعينها إلى جهة محددة، كما حصل في الهجمات الجوية التي تُنفذها الطائرات الحربية السورية أو الروسية، أو الهجمات السورية الإيرانية أو قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية وقوات التَّحالف الدولي، تتم الإشارة في تلك الحالة إلى أنَّ هذا الهجوم هو مسؤولية مشتركة من حلف إلى أن يتم ترجيح مسؤولية أحد الجهتين عن الهجوم، أو يتم إثبات أنَّ الهجوم فعلاً كان مشتركاً عبر تنسيق الجهتين معاً فيما بينهما. وفي الحالات التي لم يتسنى إسناد عملية القتل فيها لأحد الطرفين المتصارعين؛ نظراً لقرب المنطقة من خطوط الاشتباكات أو استخدام أسلحة متشابهة أو لأسباب أخرى يتم تصنيف الحادثة ضمن جهات أخرى ريثما يتم التوصل إلى أدلة كافية لإسناد الانتهاك إلى أحد الطرفين.
وبحسب التقرير فقد بدأت في 9/ تشرين الأول/ 2019 العمليات العسكرية لعملية نبع السلام بين قوات عملية نبع السلام (القوات التركية وقوات الجيش الوطني) وقوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سوريا، تجري العمليات العسكرية المتعلقة بهذه العملية ضمن الأراضي السورية المتاخمة للحدود السورية التركية في مناطق تخضع لسيطرة كل من قوات سوريا الديمقراطية وفصائل في المعارضة المسلحة، وقد تسببت تلك العمليات في مقتل مدنيين في سوريا ودول الجوار ويشمل هذا التقرير حصيلة الضحايا الذين قتلوا في بلدان الجوار على خلفية النزاع في سوريا. ويشير التقرير إلى أنَّ ما وثَّقه يُمثل الحد الأدنى من حصيلة الضحايا التي وقعت على خلفية النزاع المسلح الداخلي في سوريا. في ظلِّ أن مدى وصول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى مصادر ومعلومات تفيد في تحقيقاتها يختلف باختلاف الجهة المسيطرة، وذلك مرتبط بشكل أساسي بمدى الانتهاكات التي تعرضت لها المنطقة على مدار سنوات النزاع الثماني الماضية.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في تشرين الثاني المنصرم مقتل 277 مدنياً بينهم 72 طفلاً و32 سيدة (أنثى بالغة)، منهم 56 بينهم 19 طفلاً وست سيدات قتلوا على يد قوات النظام السوري. فيما قتلت القوات الروسية 70 مدنياً، بينهم 26 طفلاً و11 سيدة. كما سجل التقرير مقتل خمسة مدنيين على يد تنظيم داعش وستة آخرين على يد هيئة تحرير الشام بينهم طفل واحد وسيدة واحدة، وأربعة مدنيين على يد قوات الحزب الإسلامي التركستاني، فيما وثق مقتل مدني واحد على يد فصائل في المعارضة المسلحة. وستة مدنيين بينهم طفلان اثنان على يد قوات سوريا الديمقراطية، وثلاثة مدنيين على يد قوات التحالف الدولي.
كما وثق التقرير في تشرين الثاني مقتل 126 مدنياً بينهم 24 طفلاً و14 سيدة على يد جهات أخرى.
وذكر التقرير أنَّ من بين الضحايا ثلاثة من الكوادر الطبية اثنان منهم قتلا على يد قوات النظام السوري وواحد إثر تفجير لم يتمكن التقرير من تحديد مرتكبيه. وأضاف أنَ اثنين من الكوادر الإعلامية تم توثيق مقتلهم في تشرين الثاني أيضاً أحدهما على يد قوات النظام السوري والآخر على يد قوات حلف عملية نبع السلام. وبحسب التقرير فإن اثنين من كوادر الدفاع المدني تم توثيق مقتلهم أيضاً أحدهم على يد قوات النظام السوري والآخر على يد قوات الحزب الإسلامي التركستاني.
ووفق التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تشرين الثاني مقتل 27 شخصاً بسبب التعذيب، 25 منهم على يد قوات النظام السوري واثنان على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وجاء في التَّقرير أنَّ 13 مجزرة تم توثيقها في تشرين الثاني، واحدة منها على يد قوات النظام السوري، وأربعة على يد القوات الروسية، وسبعة إثر تفجيرات لم يتمكن التقرير من تحديد مرتكبيها، وواحدة إثر انفجار ألغام مجهولة المصدر. واعتمد التقرير في توصيف لفظ مجزرة على أنه الهجوم الذي تسبَّب في مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص مسالمين دفعة واحدة.
أكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي كافة، وبشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
ولم يُسجِّل التقرير توجيه قوات النظام السوري أو الروسي أي تحذير قبل أية هجمة من الهجمات بحسب اشتراطات القانون الدولي الإنساني، وهذا لم يحصل مطلقاً منذ بداية الحراك الشعبي، ويدلُّ بشكل صارخ على استهتار تام بحياة المدنيين في سوريا.
وبحسب التقرير فإن التنظيمات الإسلامية المتشددة انتهكت القانون الدولي الإنساني بقتلها المدنيين. كما شنَّت قوات الحلف “قوات التحالف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية” هجمات تعتبر بمثابة انتهاك للقانون الإنساني الدولي العرفي، متسببة في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم بصورة عرضية.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI، والآلية الدولية المحايدة المستقلة IIIM، بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل.
وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
وشدَّد التقرير على وجوب فتح النظام الروسي تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، وإطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين، وطالب النظام الروسي باعتباره طرف ضامن في محادثات أستانا بالتَّوقف عن إفشال اتفاقات خفض التَّصعيد.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره، ما لم توقف قوات سوريا الديمقراطية جميع انتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنساني والقانون الدولي الإنساني.
وأوصى فصائل المعارضة المسلحة بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الهجمات التي تسبَّبت في سقوط ضحايا مدنيين، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
كما قال التقرير أنَّ على تحالف عملية نبع السلام أن تحقق في الحوادث التي خلفت سقوط ضحايا مدنيين ومعرفة أسباب ذلك، وتعويض الضحايا، ومحاسبة المتورطين من أجل منع تكرار ذلك. وأضاف أنَّ على لجنة متابعة التجاوزات والمُخالفات المُشكَّلة من قبل وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المُؤقّتة نشر ما توصلت إليه من تحقيقات عن وقوع انتهاكات على موقع إلكتروني خاص، وتحديث تلك البيانات، ووضع توصيات ومتابعة تنفيذها.
وأخيراً شدد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً.