لا معنى لمسار اللجنة الدستورية في ظل ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الإنسانية
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم أن ما لا يقل عن 87 مدنياً قتلوا منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار الروسي التركي في 12/ كانون الثاني/ 2020 مشيرة إلى أنه لا معنى لمسار اللجنة الدستورية في ظل ارتكاب النظام السوري جرائم ضد الإنسانية.
وذكر التقرير الذي جاء في 15 صفحة أن منطقة شمال غرب سوريا قد شهدت منذ 26/ نيسان/ 2019 تصعيداً عسكرياً من قبل قوات الحلف السوري الروسي، هو الأعنف مقارنة بما شهدته من حملات عسكرية سابقة، وأشار التقرير إلى أربع اتفاقات وقف إطلاق نار شهدتها المنطقة منذ ذلك التاريخ مؤكداً عدم نجاحها في إيقاف الهجمات العسكرية وعمليات القصف العشوائي.
وتضمن التقرير توثيقاً للهجوم الجوي الذي شنَّه طيران ثابت الجناح تابع للنظام السوري على منطقة شرق مدينة إدلب في 15/ كانون الثاني/ 2020، كما استعرض حصيلة المجازر على يد قوات الحلف السوري الروسي منذ 26/ نيسان/ 2019 حتى 27/ كانون الثاني/ 2020.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن ارتكاب قوات النظام السوري مجزرة بهذا الحجم من الضخامة في مدينة إدلب بعد ثلاثة أيام من اتفاق وقف إطلاق النار المزعوم يؤكد بشكل صارخ استحالة ضبط النظام السوري المتوحش بأي نوع من الاتفاقيات بما فيها التي يكون حليفه الروسي طرفاً مباشراً فيها، ودليل إضافي على أنه لا يمكن لمسار اللجنة الدستورية أن ينجح أو يكترث به المجتمع السوري مهما بذل المبعوث الأممي وفريقه من جهود، طالما هناك استمرارية في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية من قبل النظام السوري الطرف المباشر في مناقشة الدستور!”
بحسب التقرير فقد قتل 87 مدنياً، بينهم 33 طفلاً و11 سيدة (أنثى بالغة)، وتم ارتكاب 4 مجازر، على يد قوات الحلف السوري الروسي في شمال غرب سوريا، منذ 12 حتى 27/ كانون الثاني/ 2020، قوات النظام السوري قتلت 37 مدنياً، بينهم 8 أطفال، و3 سيدة، وارتكبت مجزرة واحدة، أما القوات الروسية فقد قتلت 50 مدنياً، بينهم 25 طفلاً، و8 سيدة، وارتكبت 3 مجزرة.
سجل التقرير هجوماً جوياً من قبل طيران ثابت الجناح (MiG-23) تابع لقوات النظام السوري يوم الأربعاء 15/ كانون الثاني/ 2020؛ تسبَّب الهجوم بحسب التقرير في مقتل 22 مدنياً، بينهم طفلان اثنان، وكان من بين الضحايا أحد عناصر الدفاع المدني السوري، كما أصيب قرابة 68 آخرين بجراح، وطبقاً للتقرير فإن هذه المجزرة تعتبر الأضخم من حيث الخسارة البشرية، وتأتي بعد ثلاثة أيام فقط من الإعلان المزعوم لوقف إطلاق النار.
وذكر التقرير أن مجزرة إدلب حلقة ضمن سلسلة طويلة من المجازر ارتكبتها قوات الحلف السوري الروسي، شجع عليها فشل مجلس الأمن في حماية المدنيين، وعدم بناء تحالف حضاري يتولى مهمة حماية المدنيين في حال فشل مجلس الأمن، وبناء على ذلك فقد قامت قوات الحلف السوري الروسي بارتكاب شبه مفتوح لأنماط واسعة من الانتهاكات، وفي هذا السياق ركز التقرير على أن روسيا هي الراعي لاتفاقاات وقف إطلاق النار، إلا أنها هي وحليفها النظام السوري أكثر من خرق تلك الاتفاقات.
سجل التقرير ارتكاب قوات الحلف السوري الروسي 66 مجزرة في شمال غرب سوريا منذ 26/ نيسان/ 2019 حتى 27/ كانون الثاني/ 2020، ارتكبت قوات النظام السوري 45 مجزرة في حين ارتكبت القوات الروسية 21 مجزرة، مشيراً إلى أن 4 منها وقعت بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار الأخير حيز التنفيذ في 12/ كانون الثاني حتى 27/ كانون الثاني/ 2020.
وقد تسبَّبت هذه المجازر بحسب التقرير في مقتل 542 مدنياً، بينهم 187 طفلاً، و107 سيدة (أنثى بالغة)، أي أنَّ 55 % من الضحايا هم نساء وأطفال، وهي نسبة مرتفعة جداً وهذا وفقاً للتقرير مؤشر على أن الاستهداف في معظم تلك المجازر كان بحق السكان المدنيين.
وفقاً للتقرير فقد ارتكب النظام السوري على مدى ثماني سنوات جرائم وانتهاكات فظيعة بحق المدنيين السوريين، ولم يستجب لأي من مطالب لجنة التحقيق الدولية بشأن الجمهورية العربية السورية، ولا مطالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولا حتى قرارات مجلس الأمن، وكان يفترض بمجلس الأمن أن يتَّخذ تدابير جماعية ويتحرك بموجب المادتين 41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه فشل أيضاً بسبب الحصانة التي منحتها روسيا للنظام السوري، كما أنَّها لم تُحجم عن استخدام حق النقض في حالة النظام السوري، الذي ليس فقط لم يلتزم بمسؤولية حماية المدنيين، بل هو من ارتكب أفظع الانتهاكات بحقهم، وصلت مرتبة جرائم ضدَّ الإنسانية، وإبادة داخل مراكز الاحتجاز عبر عمليات التعذيب.
وبحسب التقرير فإنَّ ما يحصل في سوريا ليس مجزرة واحدة أو انتهاك واحد بل هو استمرار في عمليات القتل والتعذيب، والعنف الجنسي، والإخفاء القسري، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، وحصار المدنيين واقتبس التقرير ما ذكرته اللجنة الدولية المعنية بالتَّدخل وسيادة الدول في تقريرها المنشور في كانون الأول 2001، الذي جاء فيه: “إنْ تخلَّف مجلس الأمن عن الوفاء بمسؤوليته في أوضاع تهز الضمير وتستصرخ النجدة فسيكون من غير المعقول أن نتوقع من الدول المعنية أن تستبعد استخدام وسائل أخرى أو اتخاذ أشكال أخرى من التدابير للتصدي لخطورة وإلحاح هذه الأوضاع”
أكد التقرير أن القوات السورية والروسية انتهكت قواعد عدة في القانون الدولي الإنساني، على رأسها عدم التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والعسكرية، وقصفت مشافٍ ومدارس ومراكز وأحياء مدنية، وترقى هذه الانتهاكات إلى جرائم حرب وطبقاً للتقرير فإنَّ النزوح أو التشريد القسري جريمة حرب في النِّزاعات المسلحة غير الدولية، عندما يرتكب في إطار هجوم مدروس أو واسع النطاق وموجَّه ضدّ السكان المدنيين ويمكن اعتبارها أيضاً جرائم ضدّ الإنسانية.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بضرورة إصدار قرار من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وأن يتضمَّن إجراءات عقابية لجميع منتهكي وقف إطلاق النار وطالب بضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
كما قدم التقرير مجموعة من التوصيات إلى المجتمع الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة كما طالب الدول المانحة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بتأمين مستلزمات الحياة الأساسية والاهتمام والرعاية لآلاف النازحين السوريين المشردين في مناطق ريف إدلب الشمالي الغربي، وفي مقدِّمتها الماء والغذاء والمسكن والملبس وخدمات الرعاية الطبيَّة.