نداء استغاثة عاجل لقرابة 700 ألف مهجر قسريا مؤخرا بسبب هجمات الحلف الروسي الايراني السوري على شمال غرب سوريا
بواسطة : انس المعراوي
بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أصدرته اليوم إنها وثقت مقتل 167 مواطنا سوريا بينهم 77 طفلاً، قد توفوا بسبب البرد في سوريا منذ آذار 2011، موجهة نداء عاجلاً لإغاثة قرابة 700 ألف مهجر قسرياً مؤخراً بسبب هجمات الحلف الروسي الإيراني السوري على شمال غرب سوريا، في ظلِّ موجة البرد التي تضرب المنطقة.
وذكر التقرير الذي جاء في 5 صفحات أن قرابة 689 ألف شخص قد تشردوا في الشهر الأخير بسبب العمليات العسكرية التي يشنُّها الحلف السوري الإيراني الروسي على مدن وبلدات عدة في شمال غرب سوريا في ظل خضوع المنطقة لموجات من البرد الشديد حيث وصلت درجات الحرارة في اليومين الماضيين إلى -8، وأكد التقرير أن الحلف السوري الإيراني الروسي جعل السكان المدنيين هدفاً للهجمات، ومارس القصف العشوائي بصورة بربرية بمختلف أنواع الأسلحة وبحسب التقرير فإن القصف العشوائي وعمليات الاعتقال وقتل المدنيين التي تمت في مناطق سابقة سيطرت عليها هذه القوات هو السبب الرئيس، الذي دفع سكان مدن للفرار بنسبة تتجاوز الـ 95 % نحو مناطق لا يسيطر عليها النظام السوري وحلفاؤه.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن قضية الوفيات والإصابات بسبب البرد مرتبطة بشكل كبير بقضية التشريد القسري، ونحن نوجه نداء إغاثة لإنقاذ مئات آلاف المشردين ضمن الخيام، وخلق ضغط دولي عبر اجتماع عاجل من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لإيقاف الهجمة العسكرية وإتاحة هدنة إنسانية لترتيب أوضاع المشردين، وبحيث تستمر الهدنة على الأقل لمدة تجاوز المنخفض الجوي الحاد الذي يعصف بالمنطقة، ونحن على يقين تام بأن النظام السوري وحلفاءه لا يكترثون بحياة هؤلاء المشردين ومعاناتهم، بل هم السبب الرئيس لهذه المعاناة، فإنه يتوجب على بقية دول العالم الالتفات إلى هذه الكارثة الإنسانية العاجلة، التي تهدد حياة عشرات الأطفال حديثي الولادة، وكذلك المرضى وكبار السن”.
سجل التقرير منذ آذار/ 2011 حتى 31/ كانون الثاني/ 2020 مقتل 167 مدنياً، جراء البرد في سوريا، بينهم 77 طفلاً و18 سيدة (أنثى بالغة)، وأوردَ التقرير توزيع الضحايا بحسب ممارسات الأطراف التي تسبَّبت في موتهم، فكان 146 منهم على يد قوات النظام السوري بينهم 25 قضوا في سجونه نتيجة البرد أيضاً، فيما أسند التقرير مسؤولية وفاة 11 مدنياً بسبب البرد إلى قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، و5 إلى تنظيم داعش، فيما قضى 5 آخرين في أثناء هجرتهم إلى أوروبا.
وعزا التقرير حالات الوفاة بسبب البرد إلى ثلاثة أسباب رئيسة، جاء في مقدمتها التشريد، حيث أن نزوح هؤلاء الأشخاص وبالتالي إقامتهم في العراء أو في خيام بدائية وعدم توفر ملابس أو مواد تدفئة كان هو السبب الأساسي في وفاتهم. وأضاف أن الحصار أيضاً شكل سبباً من أسباب الوفاة جراء البرد، حيث توفي أشخاص في منازلهم بعد أن انعدمت لديهم وسائل التدفئة، في المناطق التي عانت حصاراً طويلاً من قبل قوات النظام السوري أو في مخيمي الهول بريف الحسكة، وعين عيسى بريف الرقة اللذان فرضت عليما قوات سوريا الديمقراطية حصاراً أيضاً.
وبحسب التقرير فإنَّ التعذيب كان أحد أسباب الوفاة بسبب البرد أيضاً، حيث مورس كأسلوب تعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، حيث تمتنع قوات النظام السوري عن إعطاء المعتقلين الكمية الضرورية من الوسائد والأغطية والملابس، ويُحرم المعتقل من الحصول على ملابس مناسبة وغالباً ما يرتدي ملابس داخلية فقط؛ وذلك نظراً لاهتراء ملابسه أو تمزقها في أثناء عمليات التعذيب أو نزعها عنه عنوةً في أثناء التفتيش؛ وهذه الممارسات جميعها تُعرِّض المعتقلين للبرد القارس في فصل الشتاء، عندما تكون درجات الحرارة في حدودها الدنيا، فضلاً عن أن مراكز الاحتجاز لا تحتوي على تدفئة مناسبة أبداً. وجميع تلك الممارسات تسببت وفقاً للتقرير في مقتل 25 مدنياً بسبب البرد في المعتقلات التابعة للنظام السوري.
حذر التقرير من أنَّ الوضع الكارثي للنازحين من منطقة إدلب يُنذر بخطر وقوع وفيات جديدة بسبب البرد، موضحاً أن ريفي إدلب الجنوبي والشرقي شهدت تصعيداً عسكرياً لقوات الحلف السوري الروسي منذ مطلع كانون الأول/ 2019، ترافق مع موجة نزوح هي الأسوأ على الصعيد الإنساني منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا، وأضاف أن هناك ما لا يقل عن 689 ألف مشرَّد ترك منزله وأرضه بفعل العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة إدلب منذ 1/ كانون الأول/ 2019، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأشار التقرير إلى أن مئات الآلاف من المشردين يقبعون الآن في مناطق متفرقة بعضهم انتشر على الحدود السورية التركية، التي انتشرت عليها مئات المخيمات الصغيرة، بينما اتجه نازحون آخرون نحو المناطق الجبلية بريف إدلب الشمالي، النسبة العظمى منهم لا يجدون أي مأوى في ظلِّ درجات حرارة متدنية وصلت في الأيام الماضية إلى 8 درجات مئوية تحت الصفر.
قال التقرير إن قوات الحلف السوري الروسي مارست جريمة التَّشريد في إطار منهجي وواسع النِّطاق، ومنظَّم ضدَّ السكان المدنيين، ويُشكِّل ذلك جريمة حرب في النِّزاعات المسلحة غير الدولية، عندما يرتكب في إطار هجوم مدروس أو واسع النطاق وموجَّه ضدّ السكان المدنيين (المادتان 8-2-ب-7 و8-2-هـ-8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، ويمكن اعتبارها أيضاً جرائم ضدّ الإنسانية (المادة 7-1- د من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية) ولم يُسجِّل وفقا للتقرير قيام هذه القوات بأية تدابير لتوفير مأوى أو رعاية صحية أو غذاء للمدنيين المشرَّدين.
طالب التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار بشأن قرابة 7 مليون نازح داخل سوريا، يُعالج عملية التَّشريد القسري وعدم تحوُّل النزوح إلى حالة مستدامة، والضغط على النظام السوري لإيقاف التَّهجير وشرعنة قوانين تستهدف نهب ممتلكات النَّازحين وعقاراتهم. كما أوصى المجلس بإصدار قرار من أجل إقرار هدنة ومنطقة آمنة للنازحين الفارين، تُشكل منطقة استقرار نسبي بالنسبة لهم، وتدفعهم للاطمئنان بعدم التشريد مجدداً.
وطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد اجتماع طارئ للنظر في أحوال قرابة 700 ألف نازح يعانون وسط موجة برد رهيبة، والعمل على إيجاد حلول لحماية هؤلاء من عمليات تشريد مستقبلية عن طريق إيجاد منطقة آمنة من أشكال القصف كافة.
كما قدم التقرير مجموعة من التوصيات إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسق الشؤون الإنسانية، وحثَّ المجتمع الدولي على التَّحرك على المستوى الوطني والإقليمي لإقامة تحالفات لدعم الشعب السوري، وحمايته من عمليات القتل اليومي ورفع الحصار، وزيادة جرعات الدعم المقدَّمة على الصَّعيد الإغاثي.