مقتل ما لا يقل عن 28316 أنثى وما لا يقل عن 9668 أنثى لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بمناسبة اليوم الدولي للمرأة أن المرأة السورية لا تزال تعاني من أسوأ أنماط الانتهاكات، ووثقت مقتل ما لا يقل عن 28316 أنثى، في حين أن ما لا يقل عن 9668 أنثى لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.
وذكر التقرير الذي جاء في ست صفحات أن التحديات المرافقة للحراك الشعبي والمطالبة بتغيير سياسي في بلد مثل سوريا محكوم بنظام استبدادي طويل الأمد تزداد وطأة على المرأة بشكل خاص ضمن المجتمع السوري، وذلك نظراً لظروف اقتصادية واجتماعية تحكم هذا المجتمع، واعتبر التقرير أن المرأة السورية التي انخرطت في مسار التغيير السياسي قد عرضت نفسها لأنماط الانتهاكات ذاتها، التي مارسها النظام السوري بحق الرجل منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي، وعلى الرغم من ذلك لم تتوقف عن المساهمة في الحراك بشكل فعال وحيوي، وبالتالي فهي تدفع أثماناً باهظة في المسيرة نحو الديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“على الرغم من حساسية الانتهاكات بحق المرأة والتنديد الواضح لنصوص القانون الدولي بها، نلاحظ فشلاً تاماً في تطبيق حماية للمرأة في سوريا من قبل مجلس الأمن أولاً، ومن المجتمع الدولي ثانياً، كما أنَّ كثيراً من الانتهاكات بحق المرأة، والتي بلغت حد الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب لم تحصل على المستوى الكافي من التنديد والإدانة وممارسة الضغوطات الاقتصادية والسياسية الكافية للتخفيف منها على الأقل في حال فشل إنهائها”
وبحسب التقرير فقد تعرضت الإناث في سوريا -طفلات وبالغات- لمختلف أنماط الانتهاكات من القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإعدام، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي، والتشريد القسري، والحصار، والحرمان من الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، ووصلت العديد من هذه الانتهاكات وخاصة القتل والتعذيب والإخفاء القسري إلى معدلات هي الأسوأ في العالم. ولم تقع النساء والفتيات السوريات ضحايا للنزاع بشكل عارض، بل كنَّ وعلى نحو كبير مستهدفات بشكل مباشر، حيث تم استهدافهن إما بسبب مساهمتهن الفعالة في العمل الاجتماعي والإنساني، والسياسي، والحقوقي، والإغاثي، والطبي، والإعلامي، أو لمجرد كونهنَّ إناثاً؛ بهدف تهميشهن وكسرهن، ولقمع المجتمع وترهيبه من عواقب مناهضته للسلطات؛ لما تحتله المرأة من مكانة في المجتمع السوري مرتبطة بأعراف ومعتقدات.
وفي هذا السياق أشار التقرير أن النزاع المسلح الداخلي فرضَ على السوريات تغييراً ثقيلاً، فقد تسبَّبت الحصيلة المرتفعة من حيث القتل والاختفاء بحق الرجال في المجتمع، في انتقال عبء إضافي إلى المرأة، حيث ارتفعت نسبة الأُسر التي تُعيلها السيدات، وبالتالي لعبت السيدات دوراً جديداً يُضاف إلى أدوارهنَّ الاعتيادية، وخضعت بالتالي إلى ظروف مركَّبة يصعب التأقلم معها؛ لأنها تفوق في كثير من الأحيان قدراتها وإمكاناتها المادية والمعنوية، ومع غياب الأمن والرعاية الاجتماعية بسبب فقدان الزوج أو الأخ بشكل أساسي وشلل العملية التعليمية بالنسبة لأطفالها أو إخوتها الصغار؛ فقد انعكس كل ذلك بشكل كارثي على الجانب النفسي؛ ومما زاد من المعاناة عدم وجود منظمات مختصة في رعاية ودعم المرأة السورية بشكل كافٍ داخل سوريا أو في بلدان اللجوء.
سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 28316 أنثى على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2020، قتل النظام السوري 21933 أنثى بينما قتلت القوات الروسية 1578 أنثى، وقتل تنظيم داعش 980 أنثى، وقتلت هيئة تحرير الشام 81 أنثى، وبحسب التقرير فإن 1307 أنثى قتلنَ يد فصائل في المعارضة المسلحة، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية 250 أنثى، وقتلت قوات التحالف الدولي 959 أنثى، كما سجل التقرير مقتل 1228 أنثى على يد جهات أخرى.
طبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 9668 أنثى لا يزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2020، 8156 منهم لا تزلنَ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري، فيما لا تزال ما لا يقل عن249 أنثى قيد الاختفاء القسري بعد اعتقالهن من قبل تنظيم داعش، و29 أنثى لا تزلن قيد الاعتقال او الاختفاء القسري على يد هيئة تحرير الشام، فما لا تزال 851 أنثى قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد فصائل في المعارضة المسلحة، وسجَّل التقرير وجود ما لا يقل عن 383 أنثى قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 90 أنثى قد قتلنَ بسبب التَّعذيب على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2020، 72 منهن على يد قوات النظام السوري، و14 على يد تنظيم داعش، وأنثى واحدة قتلت بسبب التعذيب على يد كل من فصائل في المعارضة المسلحة وجهات أخرى، واثنتان على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وسجَّل التقرير وجود ما لا يقل عن 11523 حادثة عنف جنسي منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2020، ارتكب النظام السوري 8013 منها، بينها 871 حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وارتكب تنظيم داعش 3487 حادثة عنف جنسي، في حين أن ما لا يقل عن 11 حادثة عنف جنسي ارتكبتها فصائل في المعارضة المسلحة، و12 حادثة على يد قوات سوريا الديمقراطية.
أكد التقرير إنَّ اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لها لعام 1977 ينصون بشكل واضح على حماية النساء من التَّهجم على شرفهن وإهانات الكرامة الشخصية والمعاملة المهينة والمذلة، وتُشكِّل ممارسات النظام السوري وأطراف النزاع الأخرى انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف ولأحكام القانون الدولي. مشيراً إلى أن عجز آليات القانون الدولي وبالتالي فقدان حماية المرأة السورية من الانتهاكات الفظيعة يعتبر من أسوأ ما عانت منه المرأة السورية.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار ملزم خاص بالحقوق الأساسية للمرأة، يحميها بشكل قطعي من عمليات القتل العشوائي، وضدَّ أي اعتداء على شرفها، ولا سيما ضدَّ الاغتصاب، والإكراه على البغاء وأي هتك لحرمة الإناث، وطالب بإيصال مساعدات عاجلة للمشردات قسرياً، وإطلاق سراح المعتقلات فورياً واتخاذ فعل حقيقي تجاه كل هذا الكم المرعب من الانتهاكات بحقها وحث التقرير المقرّر الخاص المعني بالعنف ضدَّ النساء وأسبابه ونتائجه تكثيف جهوده في سوريا؛ نظراً لحجم العنف الذي تتعرض له المرأة السورية، على وجه الخصوص من قبل الحكومة السورية نفسها، مقارنة بأية امرأة تحت ظلِّ أية حكومة في العالم وبشكل خاص النساء في مراكز الاعتقال التابعة للنظام السوري وأجهزته الأمنية.