القوات الروسية مسؤولة عن 43 حادثة اعتداء على منشآت طبية في شمال غرب سوريا منذ اتفاق سوتشي حتى الآن، و207 منذ تدخلها العسكري في أيلول 2015
بيان صحفي
طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم محققي الأمم المتحدة في شمال غرب سوريا بأن يثبتوا مسؤولية القوات الروسية عن قصف تجمع للمدارس في قلعة المضيق، وذلك بعد صدور تقرير مجلس التحقيق الداخلي التابع للأمم المتحدة في شمال غرب سوريا.
وبحسب التقرير الذي جاء في تسع صفحات فقد شهد النزاع السوري المسلح الداخلي قيام قوات النظام السوري والقوات الروسية بعمليات استهداف غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية للمراكز الطبية، وكذلك المراكز الحيوية المدنية كالمدارس ومقرات الدفاع المدني وأماكن العبادة وغيرها، وذكر التقرير أن تكرار قصف المراكز الطبية، والمنشآت الحيوية المدنية قد جاء نتيجة إفلات النظام السوري التام من العقاب بسبب حق النقض الروسي في مجلس الأمن، حيث شعرت قوات النظام السوري أنَّ لديها ضوءاً أخضر، وتستطيع قصف ما تريد وكيفما تريد، ودائماً ما بررت قصف هذه المنشات بأنها قد خرجت عن وظيفتها وأصبحت في يد الإرهابيين وبعد تدخل القوات الروسية عسكرياً في سوريا في أيلول/ 2015 سارت على النهج الذي اتبعته قوات النظام السوري ذاته، من قصف المراكز الطبية والمنشآت الحيوية.
طبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 43 حادثة اعتداء على منشآت طبية قد وقعت على يد القوات الروسية منذ اتفاق سوتشي في أيلول/ 2018 حتى 17/ نيسان/ 2020 في حين أن حصيلة حوادث الاعتداء التي نفَّذتها القوات الروسية على المنشآت الطبية في مختلف المحافظات السورية، منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015 حتى 17/ نيسان/ 2020 بلغت 207 حوادث اعتداء.
وأشار التقرير إلى إنشاء آلية تجنب استهداف المراكز الطبية من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA إلا أنه نوه إلى وجود خلل جوهري في عملها ،ولاسيما في ظل استمرار النظام السوري والنظام الروسي في قصف مراكز طبية على الرغم من كونها مسجلة ضمن الآلية وفي هذا السياق أشار التقرير إلى تحديد 7 مراكز طبية قد تم استهدافها 12 مرة، على الرغم من كونها مسجلة ضمن آلية تجنب الاستهداف، وذلك من قبل قوات النظام السوري أو قوات النظام الروسي.
وذكر التقرير قرار الأمين العام للأمم المتحدة، بإنشاء “مجلس تحقيق داخلي” بغرض التحقيق في حوادث استهداف منشآت طبية وحيوية وقعت في شمال غرب سوريا، منذ بدء تنفيذ اتفاق سوتشي في 17/ أيلول/ 2018 وقد أصدر هذا المجلس تقريره في 6/ نيسان/ 2020.
واستعرض التقرير ملحوظات رئيسة عن تقرير مجلس التحقيق الداخلي التابع للأمم المتحدة، الذي كان من المفترض أن يحقق في 7 حوادث ولكنه لم يتمكن من التحقيق سوى في خمس منها واتهم المجلس النظام السوري بأربع هجمات من ضمن الهجمات الخمس التي حقق فيها في حين حمل المجلس مسؤولية الحادثة الخامسة لهيئة تحرير الشام المتطرفة، أو لإحدى فصائل المعارضة المسلحة.
وأشاد التقرير ببعض النقاط الإيجابية التي وردت في تقرير المجلس كإثباته عرقلة النظام السوري للتحقيقات من خلال منع النظام السوري مجلس التحقيق من دخول البلاد إضافة إلى تأكيد تقرير المجلس أن المراكز الطبية التي تمَّ قصفها كانت تقدم خدمات الرعاية الصحية، وهو ما يدحض رواية النظام السوري بأن هذه المراكز خضعت لسيطرة الجماعات الإرهابية ولم تعد تخدم غرضها الأساسي.
ونوه التقرير إلى بعض النقاط المخيبة للآمال في تقرير المجلس كعدم تحميل القوات الروسية المسؤولية بشكل مباشر عن قصف بعض المراكز الطبية والاكتفاء بالقول النظام السوري وحلفاؤه دون تسمية من هم هؤلاء الحلفاء، إضافة إلى أن توصيات التقرير بشكل عام جاءت مخيبة للآمال وبشكل خاص فيما يتعلق بالطلب من آلية تجنب الاستهداف مشاركة النظام السوري ببيانات المراكز الطبية، والذي يعطي شرعية للنظام السوري المتهم بحسب التقرير في قرابة 540 عملية استهداف للمراكز الطبية منذ آذار/ 2011 حتى الآن.
طالب التقرير كافة لجان التحقيق بأن تكون مدعومة بآليات عقابية في حال عدم تجاوب السلطات الحاكمة في الدولة مع متطلباتها، كمنعها من دخول البلاد والتشكيك ورفض عملها كما فعل النظام السوري، ومن الآليات العقابية الطلب من الأمم المتحدة فرض عقوبات أممية على النظام السوري، اقتصادية وسياسية، وربما عسكرية.
وأكد أن مهمة لجان التحقيق الأساسية هي الكشف للشعوب المضطهدة عن الجهة التي قامت بقتل أبنائهم وقصف مراكزهم الطبية والحيوية، واعتبر أن الفشل في تسمية الجهة التي ارتكبت الانتهاك أو الجريمة يعتبر فشلاً مركزياً في عمل لجان التحقيق، وليس فشلاً ثانوياً.
أوصى التقرير بالعمل على إيجاد آلية فعالة في حماية المراكز الطبية والحيوية المدنية من عمليات القصف الوحشي التي تهدف إلى تدميرها وإخراجها عن عملها الإنساني في أسرع وقت ممكن، حيث أثَّر استهداف النظام السوري والنظام الروسي للمراكز الطبية في شمال غرب سوريا، وفي المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام السوري سابقاً مثل الغوطة الشرقية وداريا ودرعا وغيرها على إمكانات الدولة السورية في عملية الرعاية الصحية، وجعلها بالتالي مهددة بشكل أكبر بكثير لانتشار وباء كوفيد-19 في صفوف أبناء الشعب السوري.
وأخيراً طالب التقرير الأمانة العامة للأمم المتحدة بأن يتم بذل جهود أكبر لمنع استخدام حق النقض لحماية نظام يرتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب مثل النظام السوري.