على روسيا وإيران والدول الداعمة للنظام السوري تزويده بالمواد الطبية لمكافحة فيروس كورونا بدلاً من تزويده بالسلاح والقوات والمرتزقة
بيان صحفي:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بعنوان “العقوبات مرتبطة باستمرار الانتهاكات ولا تشمل المواد الطبية والغذائية، والتي لا يجب أن تكون عبر النظام السوري” إن على روسيا وإيران والدول الداعمة للنظام السوري تزويده بالمواد الطبية لمكافحة فيروس كورونا بدلاً من تزويده بالسلاح والقوات والمرتزقة.
وذكر التقرير الذي جاء في 16 صفحة أن دولاً شمولية كروسيا والصين وكوبا وإيران تقود حملة تطالب برفع أو تخفيف العقوبات عن النظام السوري في حين أن النظام السوري لم يقدم على أية خطوات فعلية لصالح الشعب السوري، كإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً ومعتقلي الرأي، أو التوقف عن نهب محتويات المنازل في المناطق التي سيطر عليها مؤخراً، أو إلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية التي تُشرعن عملية سرقة الممتلكات، وأشار التقرير إلى أن الميليشيات الإيرانية والعراقية وحزب الله اللبناني والمرتزقة الروس (شركة فاغنر) الداعمين للنظام السوري لا تزال منتشرة في محافظات سورية متعددة، ولم يتمكن 95 % على الأقل من المشردين قسرياً من العودة إلى منازلهم بسبب الدمار الرهيب الذي تسبَّبت به هجمات قوات النظام السوري، وبسبب عمليات النهب والحرق التي طالت الممتلكات بعد أن فرَّ أهلها خوفاً من الإعدام والاعتقال والتجنيد الإجباري والغالبية العظمى منهم يقطنون الآن في مخيمات عشوائية ومعرضون لانتشار وباء كوفيد-19.
وأوردَ التقرير حصيلة أبرز انتهاكات النظام السوري في شهري آذار ونيسان 2020، مذكِّراً أنَّ هذين الشهرين شهدا توسعاً في انتشار وباء كوفيد-19، وتعالت فيه أصوات تلك الدول مع بعض منظمات المجتمع المدني، -التي أنشأها النظام السوري وحلفاؤه- مطالبة بتخفيف العقوبات؛ الأمر الذي يؤكد بحسب التقرير أن النظام السوري مستمر في ارتكاب الجرائم ويرغب في الوقت نفسه أن ترفع عنه العقوبات.
طبقاً للتقرير فقد قتل النظام السوري 44مدنياً بينهم 6 أطفال في آذار ونيسان 2020، واعتقلت قواته 156 شخصاً، كما ارتكبت قواته ما لا يقل عن 4 حوادث اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 2 على مدارس.
وأشار التقرير إلى أن المعتقلين داخل مراكز احتجاز النظام السوري هم الفئة الأكثر تعرضاً لخطر انتشار وباء كوفيد-19، وعلى الرغم من مطالبة الأمم المتحدة وعشرات المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي والموقوفين احتياطاً والذين تتجاوز أعمارهم الستين عاماً، وقيام عدد من دول العالم بذلك، ومن بينها إيران وهي دولة قدوة وحليفة للنظام السوري، إلا أنَّ النظام السوري لم يطلق سراح المعتقلين بل قام بحسب التقرير بعمليات اعتقال تعسفي إضافية، ورفع من حصيلة المعتقلين الإجمالية في مراكز الاحتجاز التابعة له، وقد تجاوزت تلك الحصيلة الـ 130000 مواطن سوري.
أكد التقرير أن روسيا متهمة بشكل واضح بالمشاركة في تجويع عشرات آلاف المدنيين السوريين، واستعرض نموذجين من الأدلة التي تثبت ذلك، الأول هو عرقلة تمديد قرار إدخال المساعدات العابرة للحدود حيث عارضت روسيا والصين في مجلس الأمن في كانون الأول/ 2019 مشروع قرار ينصُّ على تمديد العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2165 الذي يتيح للأمم المتحدة إدخال المساعدات عبر الحدود، وبعد جدال واسع، وافقت كلا الدولتين على تمديد القرار في 10/ كانون الثاني/ 2020 ولكن لمدة ستة أشهر فقط، ومن معبرين حدوديين فقط، بدلاً عن أربعة معابر وقد تسبب هجوم قوات النظام السوري وحليفه الروسي على إدلب وما حولها منذ منتصف كانون الأول/ 2019 حتى نيسان/ 2020 في تشريد ما لا يقل عن 1.1 مليون شخص من منازلهم، وأضاف التقرير أنه في ظل انتشار وباء كوفيد-19 حول العالم وبشكل خاص ابتداءاً من شهر آذار/ 2020، فإنه من المرعب تصور حجم الضرر الذي كان سوف يلحق بملايين السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في شمال سوريا لو نجحت روسيا في عرقلة تمديد قرار إدخال المساعدات عبر الحدود في كانون الثاني/ 2020، موضحاً أنَّ روسيا ما تزال تهدد بعرقلة تمديد القرار عند مناقشة ذلك في حزيران القادم.
وبحسب التقرير فإن الدليل الثاني على التورط الروسي هو المشاركة المباشرة في حصار عدد كبير من المناطق وتجويع أهلها حيث ساندت القوات الروسية النظام السوري في معظم انتهاكاته، وتحديداً فيما يتعلق بعرقلة إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، فقد قصفت القوات الروسية أحياء حلب الشرقية المحاصرة، وكذلك شاركت في حصار الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، وريف مدينة حمص الشمالي، وقد ساهم القصف الروسي بشكل محوري في سيطرة النظام السوري على هذه المناطق وبالتالي تشريد الغالبية العظمى من أهلها، والنازحون هم عرضة بشكل إضافي لانتشار وباء كوفيد-19.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“إن النظام الروسي متورط في ارتكاب جرائم حرب في سوريا لسببين اثنين: الأول: دعم النظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب والتبرير له، وقد ساهم الدعم الروسي في ارتكاب النظام السوري مزيداً من الجرائم وتوسُّعه بها، والثاني: هو ارتكاب القوات الروسية بنفسها جرائم حرب عبر عمليات القتل والقصف العشوائي أو المتعمَّد للمراكز المدنية، ويتوجب على روسيا التوقف عن دعم النظام السوري، وعن ارتكاب الجرائم، ودعم انتقال سياسي نحو الديمقراطية والاستقرار، ثم بعد ذلك يمكنها المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية.”
وذكر التقرير أن الدولة الروسية أنفقت مبالغ ضخمة جراء عملياتها العسكرية وتسبَّبت في تشريد مئات آلاف المدنيين، وتدمير العشرات من المنشآت الحيوية، لكنها على المقلب الآخر لم تقدم مساعدات مادية تساهم في إعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الروسية نفسها، أو مساعدة المشردين، أو تقديم مساعدات طبية لدعم حليفها النظام السوري في مواجهة فيروس كورونا المستجد، بل إنها تطلب من دول أخرى تقديم المساعدات الطبية والإنسانية وإعادة الإعمار ويرى التقرير أنه من الأجدى أن تقوم كل من روسيا والصين بالوقوف إلى جانب حليفهما النظام السوري إغاثياً كما وقفت إلى جانبه عسكرياً.
وأورد التقرير خمسة عناصر أساسية تفرغ المساعدات الإنسانية من مضمونها بشكل كبير جداً في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري أولها استهداف عمال الإغاثة والدفاع المدني بالاعتقال والقصف والقتل وذكر التقرير أنه منذ آذار/ 2011 حتى نهاية نيسان/ 2020 قتلت قوات النظام السوري 893 عاملاً في المجال الإنساني بينهم 669 من الكوادر الطبية، و165 من عناصر الدفاع المدني بالإضافة إلى وجود ما لا يقل عن 3327 شخصاً بينهم 182 سيدة، من الكوادر الطبية وعمال الإغاثة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، حتى نهاية نيسان 2020، وأشار التقرير إلى وقوع ما لا يقل عن 24 حادثة اعتداء على منشآت طبية، و23 حادثة على مراكز حيوية تابعة للدفاع المدني منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على إدلب وما حولها منذ مطلع كانون الأول/ 2019 حتى نهاية نيسان/ 2020 ارتكبتها قوات الحلف الروسي السوري.
كما أشار التقرير إلى سياسة النظام السوري في حصار مناطق وعرقلة إدخال المساعدات والتحكم بكمياتها، وابتزاز الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في سبيل إدخال المساعدات، وذكر أن الشركاء المحليون وهم المنظمات الانسانية التي تشرف على توزيع المساعدات في مناطق سيطرة النظام السوري إما تابعون للنظام السوري أو مراقَبون بأدق التفاصيل من قِبَلِ أجهزة الأمن التي تغولت ضمن مفاصل المجتمع والدولة كافة بما في ذلك المساعدات الإنسانية، وأكَّد التقرير على أن النظام السوري وفقاً لطرق توزيع المساعدات الحالية مستفيد بالغالبية العظمى من إجمالي المساعدات على حساب المناطق الأكثر تضرراً.
أكد التقرير أنَّ النظام السوري هو المسؤول الأول والأساسي عن وضع الاقتصاد السوري الحالي بسبب تسخير معظم موارد الدولة السورية للحفاظ على حكم السلطة والعائلة الحاكمة، وهذه الأسباب هي عوامل رئيسة في انهيار الاقتصاد السوري، ويضاف إليها شبكة الفساد والمصالح المرتبطة بالنظام السوري، التي تقوم بعمليات نهب واسعة من مقدرات الدولة السورية.
وأشار إلى أن النظام السوري وحلفاءه مسؤولون عن تدهور القطاع الطبي عبر عمليات استهداف واسعة طالت المراكز الطبية، وكذلك عبر قتل واعتقال آلاف الكوادر الطبية من المواطنين السوريين.
وبحسب التقرير فإنه لا يمكن رفع العقوبات طالما استمرت الانتهاكات ولم يحصل تقدم جدي على صعيد حقوق الإنسان الأساسية، والبدء بعملية انتقال سياسي نحو الديمقراطية تضمن الاستقرار والعودة الآمنة والطوعية للنازحين واللاجئين، ويرى التقرير أن العقوبات تُشكِّل ورقة ضغط جدية وفاعلة على الأنظمة القمعية، ويجب أن يتم تصعيدها وأن تكون مترافقة مع عقوبات عسكرية؛ نظراً لانتهاك النظام السوري اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وقرار مجلس الأمن رقم 2118.
وذكر التقرير أن النظام السوري قد حكم الدولة السورية منذ عام 1970، وتغلغل في مفاصل الدولة ومؤسساتها، بحيث أصبح من الصعوبة الفصل بينه وبين أجهزة الدولة ومؤسساتها، وقد خلق بيئة من القوانين والسياسيات جعلت عمل المنظمات الإغاثية في سوريا يمر من خلاله بشكل أساسي، ومن الصعوبة تجاوزه أو العمل خارجه؛ ما أدى بحسب التقرير إلى انتهاك المنظمات بانتهاك مفهومي الحياد، والاستقلالية، وهما مبدآن أساسيان من مبادئ العمل الإنساني وأكد التقرير أن بقاء عمل المنظمات الإنسانية داخل الإطار المرسوم من قبل النظام السوري قد ساهم خلال السنوات التسع الماضية في وقوع قسم كبير من عوائد المساعدات في يد النظام السوري؛ مما خفَّف من فعالية العقوبات المفروضة عليه أولاً، وساعده في الاستمرار بارتكاب الانتهاكات ثانياً.
طالب التقرير الحكومة الروسية والصينية والكوبية والإيرانية وحكومات الدول الداعمة للنظام السوري بتقديم الدعم الطبي والإغاثي للنظام السوري للمساهمة في مكافحة وباء كوفيد-19، عوضاً عن الدعم العسكري والقوات البرية والميليشيات والمرتزقة لتوقف عن كافة أشكال الدعم للنظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتوقف القوات الروسية عن ارتكاب مثل هذه الجرائم قبل المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية، والسماح بتمديد قرار مجلس الأمن الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وإعادة تضمينه لمعبر اليعربية مع العراق ومعبر نصيب مع الأردن، بحيث تستفيد منه منطقة الجزيرة السورية، وجنوب سوريا.
كما أوصى التقرير منظمة الشؤون الإنسانية والمنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة النظام السوري بإيجاد آلية موحدة لتنسيق الدعم الإغاثي تُفاوِض النظام السوري بشكل جدي وحقيقي وأن لا تقبل أن تكون شريكاً مع منظمات مرتبطة بالأفرع الأمنية أو وزارة الداخلية، أو منشأة من قبل شخصيات تابعة للنظام السوري، وتجنب أي نوع من الأعمال مع المنظمات المنشأة من قِبَل الأجهزة الأمنية أو الخاضعة لها؛ لأن ذلك يعزز من قدرة هذه الأجهزة على الاستمرار في تمويل نشاطاتها وارتكاب المزيد من الانتهاكات.
وحثَّ التقرير الدول التي فرضت عقوبات على النظام السوري بدعم إنشاء آلية التنسيق السابق ذكرها، وتشكيل مجلس استشاري لمراقبة فعالية عملها وأن تترافق العقوبات الاقتصادية مع إدارة سياسية وتحرك جدي ضمن خطة زمنية صارمة في مسار العملية السياسية، يهدف إلى تحقيق الانتقال السياسي وتقييم العقوبات بشكل دوري، وإضافة الأفراد والشركات التي لا تزال مستمرة في دعم النظام السوري ووضعها على قوائم العقوبات.
وأكَّد التقرير على ضرورة زيادة الدعم المادي للمنظمات الإغاثية المحلية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، وتقديم الدعم لها بشكل مباشر بعيداً عن بيروقراطية منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى مساعدة المنظمات الإنسانية العاملة والتي لا تتمكن وحدها من مفاوضة النظام السوري وترضخ لأغلب شروطه، وذلك عن طريق إيجاد أساليب للضغط على النظام السوري لرفع الإطار الأمني الذي وضعه بهدف السيطرة على النسبة العظمى من المساعدات وتوظيفها لصالحه.
أوصى التقرير الأمم المتحدة بفرض عقوبات أممية على النظام السوري في حال استمرار ارتكابه للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، إضافة إلى ضرورة عدم التعامل مع الأفراد والشركات والهيئات المتورطين في ارتكاب الانتهاكات، ويمكن هنا الاستعانة ببيانات لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وآلية التحقيق الدولية المستقلة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وهي جميعاً هيئات صادرة عن الأمم المتحدة وعدم إخضاع قضية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لحق النقض.