تعتبر قضية العقوبات المفروضة على سوريا، كالعقوبات الأمريكية والأوروبية، من أكثر القضايا الجدلية على الساحة السورية في الوقت الحالي، وخاصة بين منظمات المجتمع المدني السوري. فمنذ أن تم فرضها في عام 2011 وحتى الآن لم يكن هنالك سوى محاولات قليلة لتحديد مدى فعالية هذه العقوبات في تحقيق الأهداف المرجوة منها وقياس مدى تأثيرها على الحياة اليومية للسوريين، مما جعل من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وبين ما هو مختلق من قبل السلطات السورية في ظـل الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها السوريون. علاوة على ذلك، فإن موضوع العقوبات هو موضوع معقد وله عدة جوانب اقتصادية، سياسية، اجتماعية، إنسانية وقانونية ولا بد من أخذ كل هذه الجوانب في عين الاعتبار عند اتخاذ أي موقف من العقوبات من قبل المجتمع المدني السوري.
إضافة إلى أنه كثيراً ما يتم الخلط بين العقوبات القطاعية والعقوبات التي تستهدف أفراد وكيانات معينة. فالعقوبات القطاعية هي عقوبات تستهدف قطاعات اقتصادية معينة وتهدف بشكل أساسي إلى حرمان السلطات السورية من مواردها المالية ومن أي مساعدة تقنية قد تساعدها على الاستمرار في قمع الشعب السوري، ويشمل هذا النوع على سبيل المثال، قيود على استيراد النفط والمشتقات النفطية السورية، قيود على توريد المعدات أو التكنولوجيا أو البرمجيات التي يمكن استخدامها لمراقبة أو اعتراض الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية، القيود على المعدات والتكنولوجيا الخاصة بقطاع النفط والغاز والقيود المالية والمصرفية. أما العقوبات الفردية، فإنها تستهدف أفراد وكيانات معينين لارتباطهم بالسلطات السورية وجرائمها ولاعتبارهم مسؤولين عن قمع السكان المدنيين، حيث يخضع الأشخاص المستهدفين بموجب هذا النوع إلى تجميد الأصول وحظر إتاحة الأموال لهم وإلى حظر سفر.
في ظل هذا الغموض والتعقيد الذي يحيط بموضوع العقوبات كان من الطبيعي أن تتزايد الأصوات التي تلقي باللوم على العقوبات كسبب رئيسي للأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها الشعب السوري وذلك بحجة أنها تمنع استيراد العديد من المواد الضرورية والأساسية التي يحتاجها السوريون في حياتهم اليومية كالأدوية والمعدات الطبية والمشتقات النفطية وتعرقل وصول أموال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.