العودة ما تزال غير آمنة، تسجيل 62 حالة اعتقال/ اختفاء قسري من العائدين من لبنان منذ بداية 2020
بواسطة: Mohamed Azakir/Reuters
بيان صحفي:
(لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل)
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن النظام السوري يمنع مئات المواطنين السوريين من العودة من لبنان إلى وطنهم، مشيرة إلى تسجيل 62 حالة اعتقال/ اختفاء قسري من العائدين من لبنان منذ بداية 2020.
وذكر التقرير الذي جاء في 12 صفحة أن الانتهاكات والمخاطر في سوريا التي توسَّعت بشكل كبير بعد تحول الحراك الشعبي الذي طالب بالتغيير السياسي إلى نزاع مسلح داخلي، أدت إلى تشريد قرابة 13 مليون مواطن سوري ما بين نازح ولاجئ، مشيراً إلى أن النظام السوري هو أكثر الأطراف ممارسة للانتهاكات، التي بلغ كثير منها حدَّ الجرائم ضد الإنسانية، والتي استخدم فيها العديد من مؤسسات الدولة السورية التي يسيطر عليها ويتحكم بها.
وأوضح التقرير أن الظروف القاهرة التي يمرُّ بها بعض اللاجئين في دول اللجوء دفعتهم نحو العودة، كما حصل مع عدد من اللاجئين السوريين إثر التداعيات الاقتصادية التي وقعت على لبنان بعد انفجار ميناء بيروت في 4/ آب المنصرم، وأكَّد التقرير أنه على الرغم من الظروف المأساوية التي يعيشها كثير من اللاجئين السوريين في لبنان فما يزال الغالبية العظمى منهم يرفضون العودة، وطبقاً للتقرير فإن نسبة الذين عادوا تقدر بقرابة 12 % من إجمالي اللاجئين السوريين في لبنان، وهي الأعلى بين الدول التي عاد منها لاجئون سوريون، أما النسبة الإجمالية للعائدين من كافة دول العالم فهي لا تتجاوز 7 % غالبيتهم من لبنان ثم الأردن.
رصد التقرير حرمان النظام السوري مواطنين سوريين من دخول بلدهم ما لم يقوموا بتصريف 100$ أمريكي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، وفق سعر الصرف الذي يحدده البنك المركزي، مشيراً إلى قيام النظام السوري باعتقال/ إخفاء ما لا يقل عن 37 مواطناً سورياً عادوا من لبنان منذ كانون الثاني/ 2020 حتى الآن.
واعتمد التقرير على قاعدة بيانات المعتقلين والمختفين قسرياً لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الناتجة عن حالات المراقبة والتوثيق اليومية المستمرة منذ عام 2011 حتى الآن لحوادث التعذيب والاعتقال والاختفاء القسري مؤكداً أن ما ورد فيه يُمثِّل الحدَّ الأدنى من الانتهاكات التي تم توثيقها، وأنَّ الإحصائيات الحقيقية أكبر من ذلك بكثير.
كما اعتمد التقرير على عدد من اللقاءات التي أجريت مع أشخاص من الذين لم يسمح لهم بدخول بلدهم، وظلوا عالقين على الحدود اللبنانية السورية، ومع أشخاص من الذين تمكنوا من العودة، ومع عائلات الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال والاختفاء القسري من العائدين من مختلف المحافظات السورية، واستعرض التقرير خمس روايات منها.
أشار التقرير إلى إصدار النظام السوري قراراً تعسفياً في 22/ آذار/ 2020 يقضي بإغلاق المعابر البرية بين لبنان وسوريا، ورصدَ إثر ذلك اكتظاظ وتكدس المئات من المواطنين السوريين ومن ضمنهم نساء وأطفال، في المنطقة الحدودية لأسابيع طويلة في آذار، ولاحقاً في حزيران وحتى اليوم بحسب التقرير، وأوضحَ التقرير أن هذا القرار التعسفي أجبر العشرات من المواطنين السورين على دخول وطنهم بطريقة غير نظامية عبر عمليات التهريب بين الحدود، الأمر الذي شكَّل خطراً على أمنهم وحياتهم. وفصَّل التقرير في الحديث عن مزيد من الإجراءات التعسفية التي أعلنت عنها السفارة السورية في لبنان فيما يخص من يريدون العودة من المواطنين السوريين، كما تحدث عن قيام سلطات المعبر من الجانب السوري بتكديس من سمحت لهم بالدخول لاحقاً، بشكل جماعي في غرف الحجر داخل مراكز الحجر، وبشكل ينافي أبسط المعايير الوقائية من وباء كوفيد-19.
جاء في التقرير أن رئاسة مجلس الوزراء العاملة لدى النظام السوري، أصدرت في 8/ تموز/ 2020، قراراً تعسفياً يشكل عملياً قرار سطو بالقوة والإجبار على أموال المواطنين الراغبين في العودة إلى بلدهم، وينتهك العديد من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، ويُشرعن عملية نهب الأموال، حيث يُلزِم القرار جميع السوريين العائدين إلى سوريا بصرف مبلغ 100 دولار أمريكي أو ما يُعادلها من العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سوريا المركزي حصراً إلى الليرات السورية. وبحسب التقرير فإن الكثير من اللاجئين السوريين في لبنان قد تأثرت أعمالهم بسبب جائحة كوفيد-19 وكذلك بعد الانفجار المروع لميناء بيروت في 4 آب؛ ما دفع المئات منهم للعودة إلى وطنهم، والغالبية العظمى من هؤلاء هم من فئة من يعملون بنظام الساعة أو اليوم، وليس لديهم مدخرات تصل إلى 100 دولار أمريكي.
وأشار التقرير إلى أن عدداً من اللاجئين السوريين في لبنان اضطروا إلى استخدام أساليب غير نظامية للدخول إلى وطنهم لتجاوز العراقيل التعسفية التي وضعها النظام السوري، والتي تفوق قدرة غالبية اللاجئين، وهذا أدى إلى قيام الأجهزة الأمنية بملاحقتهم وقد وجهت السلطات السورية إليهم تهماً تتعلق بالإرهاب بحجة تعاملهم مع مهربين مطلوبين للنظام السوري وإجراء اتصالات معهم، وبعد انتزاع تهم منهم تحت التعذيب تمت إحالة كثير منهم من الأفرع الأمنية مباشرة إلى محكمة الإهارب.
سجَّل التقرير منذ مطلع عام 2020 حتى أيلول/ 2020 ما لا يقل عن 62 حالة اعتقال قامت بها قوات النظام السوري، استهدفت العائدين من لبنان إلى مناطق إقامتهم في سوريا، وقد أفرج النظام السوري عن 25 حالة منها، بينما لا يزال 37 شخصاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، وأضاف التقرير أن النظام السوري قام بإعادة اعتقال عدد ممن أفرج عنهم، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري في صفوف قواته التي ترتكب أسوأ أنواع الانتهاكات.
أكد التقرير أن النظام السوري وضع عراقيل تعسفية تنتهك حق المواطن السوري في العودة إلى بلده، وأن القوانين الصادرة عن النظام السوري ولو أسماها مراسيم أو قوانين فهي في حقيقتها إجراءات قهرية تستند إلى القوة والتسلط، لأنها تخالف بشكل صارخ مبادئ حقوق الإنسان الأساسية وتنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما يشرعن القرار رقم 46 الذي ورد في التقرير عملية السطو على أموال المواطنين، ويحاول تغليفها بغطاء قانوني، واعتبر التقرير هذا القرار فعلاً بربرياً، يخالف المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنصُّ على أن “لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”، كما أن هذا القرار يعارض المادة 38 من الدستور السوري الحالي.
كما ذكر التقرير أن النظام السوري انتهك قرار مجلس الأمن رقم 2254، لا سيما المادة 14 منه، كما أكد أن النظام السوري يعرقل عودة اللاجئين عبر فرض رسوم تعسفية بربرية، وعبر عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري.
واعتبر التقرير أن النظام السوري يسخر هذه الأموال التي حصل عليها بالقهر والاغتصاب لخدمة عملياته العسكرية والأمنية.
طالب التقرير اللاجئين السوريين في لبنان وحول العالم، وكذلك النازحين داخل سوريا بعدم العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري الذي يستمر حتى الآن بحكم تلك المناطق بعقلية متوحشة تؤدي إلى ارتكاب مختلف أنماط الانتهاكات. كما أوصى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بضرورة إشعار اللاجئين بمخاطر العودة في ظلِّ عدم تغير النظام الحاكم الحالي في سوريا، وتنبيه اللاجئين بشكل دوري إلى ذلك، ومتابعة وضع اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا والإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
حثَّ التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان على إدانة القرارات التعسفية الصادرة عن النظام السوري التي تعرقل عودة المواطنين السوريين وتهدف إلى نهب أموالهم وبشكل خاص الفقراء منهم وطالب بإعداد تقرير خاص يرصد ويدين الانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون بعد عودتهم إلى سوريا، وفضح ممارسات الحكومة والنظام الحالي في عمليات النهب المنظمة التي يقوم بها ويغلفها بقوانين تُشرعن جريمته.
طالب التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة ببذل جهود حقيقية لتطبيق قرار الانتقال السياسي 2254 ضمن جدول زمني صارم لا يتجاوز 12 شهراً على أبعد تقدير، مما يحقق عودة آمنة وكريمة وطوعية للمواطنين السوريين كما قدم التقرير توصيات إلى كل من المجتمع الدولي ولجنة التحقيق الدولية المستقلة وأوصى دول اللجوء بالتوقف عن حملات التضييق العنصرية بحق اللاجئين السوريين التي تدفعهم إلى العودة وبالتالي خطر الاعتقال والإخفاء القسري أو التعذيب حتى الموت، وتحمل مسؤولياتها في هذا الخصوص.