استمرار الانتهاكات الفظيعة وفشل الانتقال السياسي، يدمر ما تبقى من سوريا ويمنع اللاجئين من العودة
بيان صحفي:
(لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل)
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في عام 2020 وفي كانون الأول منه، مشيرة إلى أن استمرار الانتهاكات الفظيعة وفشل الانتقال السياسي، يدمر ما تبقى من سوريا ويمنع اللاجئين من العودة.
واستعرَض التَّقرير -الذي جاء في 41 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها عام 2020 وفي كانون الأول منه، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة غير المشروعة (الذخائر العنقودية، الأسلحة الكيميائية، البراميل المتفجرة، الأسلحة الحارقة) وعلى عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في عام 2020 مقتل 1734 مدنياً، بينهم 326 طفلاً و169 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، من بين الضحايا 13 من الكوادر الطبية و5 من الكوادر الإعلامية و3 من كوادر الدفاع المدني. كما سجل مقتل 157 شخصاً قضوا بسبب التعذيب. إضافة إلى ما لا يقل عن 42 مجزرة ارتكبتها أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا. وأشار التقرير إلى توثيقه مقتل 99 مدنياً، بينهم 12 طفلاً و9 سيدات و1 من الكوادر الإعلامية في كانون الأول. كما سجل في كانون الأول مقتل 8 أشخاص بسبب التعذيب. وما لا يقل عن مجزرة واحدة.
وثَّق التقرير في عام 2020 ما لا يقل عن 1882 اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 52 طفلاً و39 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات درعا فريف دمشق فحلب. وأوضحَ أن ما لا يقل عن 149 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز قد تم توثيقها في كانون الأول على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينها 9 طفلاً و2 سيدة (أنثى بالغة)، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات درعا فريف دمشق فدمشق.
ووفقَ التقرير فقد شهدَ العام المنصرم 2020 ما لا يقل عن 326 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 248 منها كانت على يد قوات الحلف السوري الروسي ومعظمها في محافظة إدلب. وكان من بين هذه الهجمات 62 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية (مدارس ورياض أطفال)، و25 على منشآت طبية، و80 على أماكن عبادة. وبحسب التقرير فقد شهدَ كانون الأول حادثة اعتداء واحدة على يد قوات الجيش الوطني.
وفقاً للتقرير فقد نفَّذت قوات النظام السوري 4 هجمات استخدمت فيها الذخائر العنقودية في عام 2020، كانت في محافظتي إدلب وحماة وتسبَّبت في مقتل 13 مدنياً بينهم 7 طفلاً، و3 سيدة، وإصابة 27 شخصاً.
وبحسب التقرير فقد تم توثيق ما لا يقل عن 474 برميلاً متفجراً ألقاها طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح على محافظات إدلب وحلب وحماة في العام المنصرم 2020، وقد تسبَّبت هذه الهجمات في مقتل 13 مدنياً، بينهم 4 طفلاً، و2 سيدة. وتضرر ما لا يقل عن 27 مركزاً حيوياً مدنياً، بينها 5 مدارس، و8 أماكن عبادة، و2 من المنشآت الطبية.
طبقاً للتقرير فإن قوات النظام السوري وميليشياته واصلت في كانون الأول عمليات القصف المدفعي والصاروخي على مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي، لكن بوتيرة أخفض من الأشهر الثلاثة الأخيرة. فيما تراجعت وتيرة القصف الجوي الروسي مقارنة مع الشهرين السابقين حيث لم يرصد التقرير غارات على محافظة إدلب، فيما سجل غارات عدة على منطقة الكبينة في ريف اللاذقية. ووفقاً للتقرير فقد شهدت بادية ريف دير الزور الجنوبي، معارك بين قوات النظام السوري والقوات الروسية ضد خلايا لتنظيم داعش. كما استمرت في كانون الأول المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني في ناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي، في محاولة من الأخيرة للتقدم وإحكام سيطرتها على المنطقة بحسب التقرير.
وأضافَ التقرير أنَّ التفجيرات (بعبوات ناسفة أو دراجات نارية وسيارات مفخخة) تواصلت في معظم المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري، وفي منطقتي الباب وعفرين في ريف حلب على وجه التحديد. كما أنَّ الألغام ما زالت تحصد أرواح المدنيين، وكانت جلُّ حوادث الألغام في الأراضي الزراعية القريبة من خطوط التماس بين قوات النظام السوري وفصائل في المعارضة المسلحة. رصد التقرير أيضاً استمرار عمليات الاغتيال في مناطق شمال غرب محافظة حلب وشرقها، وشرق محافظة دير الزور وشمالها أيضاً، وفي محافظة درعا.
وجاء في التقرير أنَّ وباء كوفيد-19 ما زال يفتك بالسوريين في عموم المناطق، وتسجل عشرات الوفيات يومياً بسببه، وإن كانون الأول لم يكن أفضل من سابقيه في هذا العام على صعيد جائحة كوفيد-19، وقال التقرير إنه من خلال رصده لواقع الإصابات والوفيات بين المواطنين يزداد اليقين باتساع الهوة بين الأرقام الفعلية وبين ما يتم رصده من قبل السلطات الحاكمة والإعلان عنه. مشيراً إلى أنه في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، تم الإعلان رسمياً من قبل وزارة الصحة عن 3547 حالة إصابة، و294 حالة وفاة في كانون الأول، وهي الحصيلة الشهرية الأعلى حتى الآن. كما سجَّلت في كانون الأول 4268 إصابة، و143 حالة وفاة في شمال غرب سوريا، وفقَ ما أعلنه نظام الإنذار المبكر EWARN. أما في شمال شرق سوريا، فقد تم تسجيل 993 إصابة و76 حالة وفاة في كانون الأول وفق ما تم الإعلان عنه من قبل هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
تحدث التقرير عن تردي الأوضاع المعيشية، وأشار إلى انعكاسات الانهيار الاقتصادي على المواطن السوري الذي بات عاجزاً عن تأمين الغذاء اللائق به وبأسرته، وأشار التقرير إلى ازدياد انتشار ظاهرتي التسول والتشرد في معظم المناطق وخاصة في مناطق سيطرة قوات النظام السوري. كما أشار إلى اضطرار المواطنين إلى استخدام مواد تدفئة من النوع الرديء، والتي تتسبَّب في اندلاع حرائق جراء انفجار المدافئ، ووقوع خسائر بشرية في بعض هذه الحوادث، وذلك نظراً لغلاء أسعار مواد التدفئة.
وتطرق التقرير إلى ما تُعانيه سوق الدواء في مناطق سيطرة قوات النظام السوري -جراء تداعيات الأزمة الاقتصادية- من شحِّ في الأدوية وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، بحيث يصعب على المواطن ذي الدخل المحدود اقتناؤها. وأكد التقرير على استمرار النظام السوري في التضييق على مواطنيه رغم الأزمة الاقتصادية التي تعانيها سوريا، حيث قامت العديد من البلديات بإزالة مخالفات بناء، وهدم أبنية تعتبر ملاذاً لعشرات الأسر وجلُّهم مشردون من منازلهم في مناطق أخرى.
وفقاً للتقرير فقد شهدت ناحية عين عيسى في ريف الرقة حركة نزوح لمئات المدنيين الفارين من منازلهم جراء عمليات قصف الجيش الوطني للمنطقة، جلُّهم نزحوا باتجاه مدينة الرقة. ومع دخول فصل الشتاء تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً في مخيمات الشمال السوري وسط مخاوف من تشكُّل سيول تجرف الخيام وتتسبَّب في غرقها على غرار الأعوام السابقة.
أشارَ التقرير إلى أن قوات النظام السوري قامت في 16 كانون الأول بإرغام أهالي ثلاثة من قرى وادي بردى “بسيمة وعين الفيجة وعين الخضراء” المهجرين على التجمع عند إحدى نقاط التفتيش (حاجز) وإجبارهم على الهتاف لرئيس النظام السوري بشار الأسد قبل السماح لهم بالدخول إلى قراهم لساعات فقط، بشرط أن يكونوا قد حصلوا على موافقة أمنية.
توسّع التقرير في الحديث عن جائحة كوفيد-19، مشيراً إلى تعامل النظام السوري باستخفاف وإهمال شديدين مع هذه الجائحة منذ بداية تفشي الوباء عالمياً، وتحدَّث التقرير عن أن المجتمع في سوريا يعاني من سوء إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، على اختلاف مناطق السيطرة، وأوردَ أمثلة على ذلك، وذكر أن كافة المناطق التي شهدت عمليات قصف وتدمير وتشريد قسري تعاني من تحديات إضافية، وبشكل خاص إدلب وما حولها، بسبب حركات النزوح المتواصلة التي تشهدها؛ ما يستوجب وفقاً للتقرير تركيز جهود المساعدات الإنسانية بشكل استثنائي على النازحين في المناطق التي تشردوا إليها. وذكَّر التقرير أن النظام السوري وحليفه الروسي متَّهمان بشكل أساسي بتدمير وقصف معظم المراكز الطبية في سوريا، وبقتل واعتقال/ إخفاء المئات من الكوادر الطبية بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وأضافَ التقرير أنَّ عدم الإفراج عن المعتقلين تعسفياً وبشكل خاص الموقوفين دون أية تهمة، وكبار السن، هو دليل واضح على مسؤولية النظام السوري الأساسية عن انتشار جائحة كوفيد-19 باعتباره يتحكم بمؤسسات الدولة وإدارتها.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) والآلية الدولية المحايدة المستقلة (IIIM) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، وإيقاف عمليات التعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والكشف عن مصير قرابة 84 ألف مواطن سوري اعتقلتهم الأجهزة الأمنية وأخفت مصيرهم حتى الآن والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره، ما لم توقف قوات سوريا الديمقراطية جميع انتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنساني والقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الهجمات التي تسبَّبت في ضحايا مدنيين، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وطالب التقرير النظام السوري وجميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قام بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وبذل جهود في عمليات إزالة الألغام على التوازي مع العمليات الإغاثية كلما أتيحت الفرصة لذلك. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.