ملاحقة قرابة 550 مدرِّس رفضوا الالتحاق بالتجنيد الإجباري، وفصلوا تعسفياً من عملهم في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة
بيان صحفي:
(لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل)
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إن ما لا يقل عن 61 مُـدرِّسـاً قد تم اعتقالهم/ احتجازهم بسبب المناهج التعليمية وبهدف التجنيد الإجباري من قبل قوات سوريا الديمقراطية منذ بداية عام 2021؛ إضافة إلى ملاحقة قرابة 550 مدرِّس رفضوا الالتحاق بالتجنيد الإجباري، وفصلوا تعسفياً من عملهم في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة.
قال التقرير -الذي جاء في 15 صفحة- إنَّ السياسات والقرارات التي تفرضها قوات سوريا الديمقراطية على مؤسسات التعليم تهدد مستقبل قرابة نصف مليون تلميذ في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، مشيراً إلى أن الإدارة الذاتية لهذه المنطقة سعت تدريجياً منذ تأسيسها نحو عملية تغيير المناهج التعليمية وإدخال مواد تعليمية مشوَّهة ومغلوطة ومخالفة لتاريخ سوريا والمجتمع الذي تُسيطر عليه، موضحاً أنَّ عملية التغيير هذه بالمجمل قد تمَّت دون مشاورة علمية حقيقية مع الخبراء من سكان المنطقة أو مختصين دوليين، وتم فرضها وفقاً لرؤية أحادية آيديولوجية تُجسِّد تصورات السلطة الحاكمة، على غرار المناهج التعليمية التي يضعها النظام السوري والتي تمجِّد حزب البعث وعائلة الأسد.
ووصف التقرير هذه السياسات التراكمية بالكارثية، موضحاً أنها أدت إلى ارتفاع مخيفٍ في نسبة الأطفال المتسربين من المدارس، وإلى اضطرار العديد من الأطفال للذهاب إلى المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري؛ ما أدى إلى اكتظاظ الطلاب في تلك المدارس؛ مما يشكل تهديداً لهم في ظلِّ جائحة كوفيد-19، وأضاف أنَّ تنقل الطلاب يُشكل عبئاً مادياً ومعنوياً على أهاليهم، وهذا كله يُشكل تهديداً جدياً لقرابة نصف مليون طفل طالب في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ويستدعي من قوات التحالف الدولي الضغط لتحقيق سلطة ديمقراطية من كافة مكونات المنطقة تكترث لمصير أبنائها.
تحدث التقرير عن انتهاك وقَع مؤخراً من قبل قوات سوريا الديمقراطية بحقِّ العملية التعليمية عبر شنِّ حملات اعتقال تعسفي طالت العشرات من الأساتذة، وذلك منذ مطلع كانون الثاني/ 2021 حتى منتصف شباط الجاري، وقال إن القوى المسيطرة تُبرر عمليات الاعتقال تلك بهدف تجنيد الأساتذة ضمن صفوفها، أو نظراً لأنهم قاموا بإعطاء دروس خاصة أو دورات تعليمية لتدريس الطلاب وفقَ المنهاج التعليمي التابع للنظام السوري، واعتمد التقرير على إفادات عدد من المدرسين العاملين في المدارس في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، إضافة إلى إفادات شهود عيان وطلبة ونشطاء محليين، واستعرض ثمانية منها.
تخوَّفَ التقرير من إخفاء قسري لعشرات المدرسين، حيث نفَّذت قوات سوريا الديمقراطية عمليات الاعتقال بحقِّ المدرسين من دون إبراز مذكرة اعتقال أو توجيه تهم واضحة أو التعريف عن نفسها، من حيث تبعيتها لأيِّ المراكز أو الإدارات الأمنية، في أسلوب أقرب إلى عمليات الخطف، وتُشير قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن ما لا يقل عن 3784 شخصاً بينهم 659 طفلاً و176 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي لدى قوات سوريا الديمقراطية التي ورثَت ما كان موجوداً لدى قوات حزب الاتحاد الديمقراطي، وقد تحوَّل ما لا يقل عن 2147 شخصاً منهم، بينهم 113 طفلاً و83 سيدة إلى مختفين قسرياً، وذلك منذ بدايات سيطرة قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على بعض المناطق السورية في تموز/ 2012 حتى شباط 2021، وبحسب التقرير فإنه يُخشى أن يتحول مصير المدرسين المعتقلين إلى مختفين قسرياً في حال عدم وجود تحرك جدي من قوات التحالف الدولي وبشكل خاص وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
سجل التقرير منذ بداية كانون الثاني/ 2021 حتى 15/ شباط/ 2021 ما لا يقل عن 61 حالة اعتقال تعسفي طالت مدرسين، 27 منهم اعتقلوا على خلفية قيامهم بتدريس المناهج التعليمية التابعة للنظام السوري، فيما اعتقل 34 بهدف تجنيدهم إجبارياً ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية، كما رصد التقرير عمليات ملاحقة مدروسة لمئات المدرسين الذين رفضوا الالتحاق بصفوف قوات سوريا الديمقراطية، وقد تمَّ فصلهم من عملهم في المدارس التابعة لهيئة التعليم والتربية التابعة للإدارة الذاتية في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، وقدَّر التقرير أن عمليات الملاحقة والفصل على خلفية التجنيد الإجباري قد طالت قرابة 550 مدرساً منذ مطلع كانون الثاني 2021.
استنتجَ التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية/ الإدارة الذاتية وضعت نصوصاً وفرضتها كقوانين دون أية معايير تشريعية أو قانونية، وإنما استناداً إلى واقع السيطرة العسكرية، ثم قامت بمعاقبة السكان المحليين وفقاً للنصوص والمراسيم التي أصدرتها.
وقال إنَّ التجنيد الإجباري ضمن هذه القوات المتورطة بحسب تقارير أممية ودولية ومحلية في ارتكاب عدة أنماط من الانتهاكات بحق السكان المحليين، يُعدُّ انتهاكاً للحق في الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية وحرية الحركة وحق كل فرد في إبداء الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية كممارسة مشروعة للحق في حرية الفكر والوجدان والدين خاصة في ظل النزاعات المسلحة، وحق الأفراد في عدم المشاركة العسكرية فيها، وإنَّ الفصل التعسفي من العمل، والملاحقة والاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري استناداً إلى رفض التجنيد الإجباري، كل ذلك يُعد انتهاكات مضاعفة ومتراكمة لأبسط مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكّد التقرير أن على الإدارة الأمريكية الجديدة تعزيز حالة حقوق الإنسان في شمال شرق سوريا، والبدء في مسار انتخابات ديمقراطية نزيهة تعبر عن كافة السكان المحليين، وإنهاء الحكم العسكري الشمولي؛ مما يسمح بإنشاء سلطة تشريعية وقضائية مستقلة ونزيهة.
وأوصى قوات التحالف الدولي والدول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية بفتح تحقيقات ومحاسبة المسؤولين المتورطين عن الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في شمال شرق سوريا، وإنهاء حالة الإفلات التام من العقاب، والضغط على قوات سوريا الديمقراطية لوقف عمليات التجنيد الإجباري، وفصل واعتقال المدرسين على خلفية رفضهم له.
كما طالبها بالعمل على كشف مصير المختفين قسرياً لدى قوات سوريا الديمقراطية، وإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً وفي مقدمتهم المدرسين. ودعم بناء وتأسيس قضاء نزيه ومستقل يحظر على الجهات العسكرية القيام بعمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري من تلقاء نفسها، ويحاسب المسؤولين عن الانتهاكات بحق السكان المحليين.
وقال التقرير إن على قوات سوريا الديمقراطية إيقاف أشكال الاعتقال التعسفي كافة والكشف عن مصير المختفين قسرياً، والسماح لعائلاتهم بزيارتهم والتواصل معهم وإخضاعهم لمحاكمات عادلة ومستقلة، والإفراج الفوري عن جميع المدرسين المعتقلين تعسفياً، وإيقاف عمليات التجنيد الإجباري.
وقدم التقرير توصيات إلى كل من مجلس حقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.