سوريا بلد غير آمن لإجراء أية “انتخابات” حرة قبل إنهاء النزاع وإجراء انتقال سياسي
بيان صحفي:
(لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل)
باريس – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ القتل خارج نطاق القانون يحصد 96 مدنياً في سوريا في أيار 2021 بينهم 15 طفلاً و11 سيدة، و9 ضحايا بسبب التعذيب، مشيرة إلى أن سوريا بلد غير آمن لإجراء أية “انتخابات” حرة قبل إنهاء النزاع وإجراء انتقال سياسي.
وذكر التقرير الذي جاء في 24 صفحة أنَّ جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وقال إنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 قامت ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، ليصبح بالإمكان توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي تنتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها. كما وزَّع التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمكان الذي قتلوا فيه وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.
ويرصد التَّقرير حصيلة الضحايا المدنيين الذين تمَّ توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيار، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب.
وبحسب التقرير فإنَّ الإحصائيات التي وردت فيه لحصيلة الضحايا الذين قتلوا تشمل عمليات القتل خارج نطاق القانون من قبل القوى المسيطرة، والتي وقعت كانتهاك لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، ولا تشمل حالات الوفيات الطبيعية أو بسبب خلافات بين أفراد المجتمع.
وتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الفاعلة، وأضافَ أن هناك صعوبة كبيرة في تحديد الجهة التي قامت بزراعة الألغام، وذلك نظراً لتعدد القوى التي سيطرت على المناطق التي وقعت فيها تلك الانفجارات، ولذلك فإن التقرير لا يُسند الغالبية العظمى من حالات قتل الضحايا بسبب الألغام إلى جهة محددة، ولم تكشف أيٌّ من القوى الفاعلة في النزاع السوري عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
وفقاً للتقرير فقد شهدَ شهر أيار استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، حيث سجل التقرير مقتل 9 مدنياً بينهم 4 أطفال لتصبح حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب الألغام منذ بداية عام 2021، 105 مدنياً بينهم 39 طفلاً، قضوا في مناطق عدة على اختلاف القوى المسيطرة؛ وهذا بحسب التقرير مؤشر على عدم قيام أيٍ من القوى المسيطرة ببذل أية جهود تذكر في عملية إزالة الألغام، أو محاولة الكشف عن أماكنها وتسويرها وتحذير السكان المحليين منها.
ووفقاً للتقرير فإن استمرار عمليات القتل في مختلف المناطق وبأشكال متعددة، تؤكد أن سوريا من أسوأ إن لم تكن أسوأ دولة في العالم في خسارة المواطنين السوريين عبر عمليات قتل خارج نطاق القانون، بما في ذلك القتل تحت التعذيب، ومع عمليات القتل والتعذيب أجرى النظام السوري انتخابات خاصة به -كما وصفها التقرير-؛ لأنها جرت في بيئة غير آمنة، وتحت تهديد الأجهزة الأمنية، مضيفاً أنه لا بدَّ من إنهاء النزاع السوري، وتوقف عمليات القتل خارج نطاق القانون، وتحقيق انتقال سياسي، ثم بالإمكان البدء بالحديث عن دستور وانتخابات.
قال التقرير إن عمليات التفجيرات عن بعد/ الانتحارية قد استمرت أيضاً في أيار وأسفرت عن مقتل 11 مدنياً بينهم 4 أطفال. كما استمرت قوات النظام السوري بعمليات القصف العشوائي على المدنيين. وأضاف أن مخيم الهول لا يزال يشهد سقوط ضحايا، حيث وثق التقرير في أيار مقتل 5 مدنيين بينهم 3 سيدات تم العثور على جثثهم داخل المخيم، وقد قتلوا على يد جهات لم يتمكن التقرير من تحديدها. وسجل التقرير في أيار مقتل 37 مدنياً بينهم 2 طفلاً و5 سيدات نتيجة رصاص مجهول المصدر. كما وثق مقتل رضيع ومدني، وإصابة 10 أشخاص آخرين بجراح، إثر إطلاق عناصر قوات النظام السوري وميليشياته الرصاص بشكل عشوائي في مدينة حلب، احتفالاً بصدور نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز بشار الأسد. واستعرض التقرير أبرز حوادث وأنماط القتل التي وقعت بحق مواطنين سوريين في أيار.
طبقاً للتقرير فإنَّ فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثَّق في أيار مقتل 96 مدنياً بينهم 15 طفلاً و11 سيدة (أنثى بالغة)، منهم 12 مدنياً بينهم 2 طفلاً، و3 سيدة قتلوا على يد قوات النظام السوري. فيما قتل كل من تنظيم داعش والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني وقوات التحالف الدولي 1 مدنياً، وقتلت هيئة تحرير الشام 3 مدنياً، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 13 مدنياً بينهم 2 طفلاً. كما سجَّل التقرير مقتل 65 مدنياً بينهم 11 طفلاً و8 سيدة على يد جهات أخرى.
وبحسب التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أيار مقتل 9 أشخاص بسبب التعذيب، بينهم 5 على يد قوات النظام السوري، و2 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و1 على يد كل من هيئة تحرير الشام والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.
واعتبر التقرير النظام السوري المسؤول الرئيس عن وفيات المواطنين السوريين بسبب جائحة كوفيد – 19، مُشيراً إلى أنه وحليفه الروسي متَّهمان بشكل أساسي بقصف معظم المراكز الطبية في سوريا وتدميرها، وبقتل المئات من الكوادر الطبية وإخفاء العشرات منهم قسرياً، موضحاً أنَّ قرابة 3329 من الكوادر الطبية لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى النظام السوري بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وأوضح التقرير أنه لا يشتمل على حالات الوفيات بما فيها التي تتسبَّب بها جائحة كوفيد-19، حيث يوثِّق عمليات القتل خارج نطاق القانون بشكل أساسي. مُشيراً إلى أنَّ وزارة الصحة في النظام السوري أعلنت عن وفاة 1770 حالة في سوريا بسبب فيروس كورونا المستجد حتى 31/ أيار/ 2021، واصفاً هذه الإحصائية بغير الدقيقة؛ نظراً لعدم وجود أية شفافية في مختلف الوزارات الحكومية، ونظراً لإشراف الأجهزة الأمنية على ما يصدر عن هذه الوزارات، وهذا هو حال الأنظمة التوتاليتارية بحسب التقرير.
بحسب التقرير فإن الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أن هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وإنَّ استخدام الأسلحة الناسفة لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يُعبِّر عن عقلية إجرامية ونية مُبيَّتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يُخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).
وأضاف التقرير أنه لا يمكن إجراء انتخابات في ظلِّ سيطرة مطلقة للأجهزة الأمنية التي تعمل لصالح مرشح رئاسي هو بشار الأسد، ويجب إنهاء النزاع وإيقاف عمليات القتل، وتحقيق انتقال سياسي وبيئة آمنة، ثم يمكن الحديث عن دستور وانتخابات.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.
وأوصى التقرير لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية تعليق كافة أشكال الدعم إلى أن تلتزم قوات سوريا الديمقراطية بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنساني والقانون الدولي الإنساني.
وأوصى المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والمدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
كما أوصى التقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.