نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ورقة بعنوان “تحليل نقدي لاستجابة القانون لطالبي اللجوء المعرضين للخطر من جهات غير حكومية”، أكّد فيها الباحث فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن القانون الدولي استقرَّ على اعتبار طالبي اللجوء الفارين من الفاعلين خارج إطار الدولة يستحقون صفة لاجئ، كما ناقش استجابة كل من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني العرفي لحقوقهم، وقدّمت الورقة “سوريا” كنموذج حالة.
وعدَّت الدراسة -التي جاءت في 14 صفحة- الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين 1951 نقلة نوعية فيما يتعلق بالوضع القانوني للاجئ، وذلك لكونها أوردت لأول مرة تعريفاً قانونياً للاجئ في القانون الدولي، واستعرضت كيف تطور تعريف اللاجئ، فقد حصل التباس في التعريف الذي قدمته الاتفاقية، باقتصاره على الفارين من اضطهاد الحكومة أو المجموعات التابعة لها، ولم يزل هذا الالتباس في برتوكولها الملحق عام 1967 ولم يضمن فيه الفارين من اضطهاد المجموعات خارج نطاق الدولة.
وأشارت الدراسة إلى تعريف مصطلح “الاضطهاد”، الوارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998، واعتبرته المبرر الأساسي الذي يؤهل الأفراد لنيل صفة اللاجئ.
وقالت إن عدداً من خبراء القانون لاحظوا غموضاً وقصوراً في تعريف اللاجئ، وتنبهوا إلى عدم شمولية الصراعات، ذلك على وجه التحديد في اتفاقية 1951، الأمر الذي دفع نحو عدة محاولات إقليمية من أجل صياغة تعريف أكثر شمولية من جهة، وأكثر خصوصية من جهة ثانية، وهكذا تقدم النقاش حول مفهوم اللاجئ، وتطور بشكل تدريجي وجمعي وبمبادرات إقليمية ساهمت في تبلور هذا المفهوم على نحو أفضل من وجهة نظر الباحث، وفي هذا السياق أوردت الدراسة تسلسلاً يوضح أبرز مراحل النقاش وتطور المفهوم وصولاً إلى الزمن الحالي.
وأوضحت الدراسة أنّ الصكوك الإقليمية مثل “اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول مشكلات اللاجئين في إفريقيا 1969، وكذلك إعلان قرطاجنة بشأن اللاجئين لدول أمريكا اللاتينية 1984، وقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1997، وخطة عمل المكسيك 2004، وإعلان برازيليا 2010″، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، جميعها شكلت ما استقرَّ عليه القانون الدولي في زمننا الحالي من اعتبار المدنيين الفارين من النزاعات المسلحة غير الدولية ومن الحروب الأهلية وبالتالي من الفاعلين خارج إطار الدولة على أنهم لاجئون، وأصبح هؤلاء يتمتعون بكل ما للاجئ من حقوق وبشكل خاص بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي العرفي.
واستعرضت الدراسة استجابة القانون الدولي لطالبي اللجوء من المجموعات خارج نطاق الدولة وذلك في كل من: القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون العرفي الدولي.
وعلى صعيد الحراك الشعبي في سوريا عام 2011، بيّنت الدراسة أنّ الحراك تحوّل إلى نزاع مسلح غير دولي في نيسان/ 2012، وما يزال هذا النزاع مستمراً، وقد خلف أسوأ موجة لجوء وتشريد عرفتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية بحسب تصريحات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، حيث تشير إحصائيات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى وجود 5.6 مليون لاجئ سوري، و6.6 مليون نازح داخل سوريا.
ووفقاً للدراسة، تسبَّب إهمال مجلس الأمن للنزاع السوري في تولد عدد كبير من الفاعلين خارج نطاق الدولة، لكن يمكن حصرها جميعاً في أربع مجموعات رئيسة: وهي أولاً، عدد كبير من فصائل المعارضة المسلحة بدأت بالتشكل منذ نهاية عام/ 2011. ثم جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة 24/ كانون الثاني/ 2012، قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (وحدات حماية الشعب) تموز/ 2012. ورابعاً تنظيم داعش 13/ نيسان/ 2013. كما دخلت قوات غير نظامية وساندت القوات الحكومية مثل قوات حزب الله اللبناني، وعدد كبير من الفصائل الإيرانية والعراقية بتسهيل أو طلب من النظام السوري، ويتم اعتبار هذه القوات ملحقة بالقوات الحكومية.
وأشارت الدراسة إلى أن المجموعات الأربعة السابقة قامت على نحوٍ متفاوت بحسب درجة واتساع الانتهاكات التي مارسها كل منها بتشريد مئات آلاف السوريين داخلياً، وتعرض قسم منهم إلى التشريد داخل سوريا والتهديد من أكثر من جهة واحدة، واضطر قسم منهم إلى الفرار خارج سوريا.
وقابل الباحث عددًا كبيرًا من طالبي اللجوء الفارين من اضطهاد واحدة أو أكثر من هذه القوات الأربعة، وبشكل خاص الذين وصلوا إلى أوروبا، وقد حصل جميع من تحدثَ معهم على صفة لاجئ وذلك بعد أن تم التحقيق معهم في السبب الذي دفعهم إلى الفرار خارج سوريا.
وفي السياق، قالت الدراسة إن الدول الأوروبية التزمت بشكل عام بمنح من تمكن من الفرار من الجماعات خارج نطاق الدولة، والوصول إلى أراضيها، التزمت بمنحه صفة لاجئ، وكذلك فعلت المفوضية السامية لحقوق اللاجئين فقد سجلت آلاف الفارين من المجموعات خارج نطاق الدولة على أنهم لاجئين في كل من الأردن والعراق ولبنان.
وأكدت الدراسة أن اختيار القانون الدولي عدم التمييز بين اللاجئ من اضطهاد الدولة واللاجئ من اضطهاد المجموعات المسلحة يُعد نقلة مهمة في حقوق الإنسان، كما أنّ عدم إعادة اللاجئ الفار من أي منهما إلى أراضي دولة ما زال الصراع والنزاع المسلح جارياً فيها يعتبر أمراً حيوياً لضمان العودة الآمنة، ونوّهت إلى اعتبار لجنة التحقيق الدولية المستقلة للجمهورية العربية السورية التابعة للأمم المتحدة في عدة تقارير صدرت عنها بأن ظروف عودة اللاجئين السوريين ما زالت غير آمنة.
وأخيراً، أوضحت الدراسة كيف استجابت الدول عملياً لنموذج اللاجئين السوريين الفارين من اضطهاد المجموعات خارج نطاق الدولة، وكيف التزمت مختلف الدول حول العالم، والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين بعدم التمييز بين اللاجئين السوريين الفارين من اضطهاد الدولة والفارين من اضطهاد المجموعات خارج نطاق الدولة.
وبيَّنت الدارسة عدم إعادة أي من الدول اللاجئين السوريين أو الطلب منهم العودة على الرغم من انتهاء سيطرة بعض الجماعات خارج نطاق الدولة، وسيطرة الحكومة السورية عليها، ولفتت إلى أنَّ تطور القانون الدولي قد حمى عشرات آلاف اللاجئين السوريين الذين فروا من اضطهاد المجموعات خارج نطاق الدولة من أن تفرض عليهم عودة قسرية، وربما يتعرضون بذلك لخطر أكبر.
للاطلاع على الورقة يرجى زيارة الرابط.
للاطلاع على المقالة كاملة