تمرير المساعدات الأممية عبر النظام السوري المتورط في تشريد ملايين المواطنين وفي نهب المساعدات يشكل فشلاً دولياً فاضحاً
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آب 2021، وأشارت إلى أن تمرير المساعدات الأممية عبر النظام السوري المتورط في تشريد ملايين المواطنين وفي نهب المساعدات يشكل فشلاً دولياً فاضحاً.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 20 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر آب 2021، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على الهجمات العشوائية واستخدام الأسلحة غير المشروعة (الذخائر العنقودية، الأسلحة الكيميائية، البراميل المتفجرة، الأسلحة الحارقة) وعلى عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في آب مقتل 94 مدنياً، بينهم 32 طفلاً و10 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 7 أشخاص بسبب التعذيب. وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 207 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 7 طفلاً و14 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آب، كانت النسبة الأكبر منها على يد المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني وجميعها في محافظة حلب.
وبحسب التقرير فقد شهد آب ما لا يقل عن 9 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 4 منها على يد قوات النظام السوري، و1 على يد كل من القوات الروسية، وقوات سوريا الديمقراطية، و2 إثر انفجارات لم يتمكن التقرير من تحديد مصدرها و1 من قبل مجهولين.
كما سجل التقرير هجوماً واحداً بأسلحة حارقة نفَّذه النظام السوري على أطراف قرية الزيادية بريف حماة الغربي.
جاء في التقرير أن آب شهد استمرار العملية العسكرية لقوات الحلف السوري الروسي على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا للشهر الثالث على التوالي، والتي تركزت على منطقة جبل الزاوية ومحيطها، وقرب خطوط التماس معتمداً على الهجمات الأرضية. وأشار إلى تصاعد وتيرة الهجمات الجوية الروسية على منطقة جبل الزاوية منذ 5/ آب، وتركز معظمها على أطراف بلدات البارة وكنصفرة في القطاع الجنوبي والشرقي من جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وبحسب التقرير استمرت الحملة العسكرية لقوات النظام السوري على منطقة درعا البلد وحيي طريق السد والمخيمات في مدينة درعا، إضافة إلى قصف مدن وبلدات في ريف درعا الغربي كمدينة طفس وبلدات اليادودة والمزيريب وقرية العجمي، وقد شهدت أحياء مدينة درعا محاولات تقدم عدة من قبل قوات النظام السوري تصدى لها المقاتلون المحليون. فيما استمر النظام السوري في حصاره أحياء مدينة درعا (منطقة درعا البلد وحيي طريق السد والمخيمات) للشهر الثاني على التوالي، وفي 5/ آب قام بإغلاق حاجز السرايا بالسواتر الترابية ومنع خروج المدنيين النازحين إلى منطقة درعا المحطة بشكل كامل.
ووفقاً للتقرير فقد شهد آب هجمات لقوات سوريا الديمقراطية براجمات الصواريخ والمدفعية على ريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني، استهدفت بها مراكز بعض المدن مثل عفرين والباب، وقرى قريبة من خطوط التماس بين تلك القوات وفصائل الجيش الوطني، وأسفر القصف عن خسائر بشرية ومادية. وعلى صعيد التفجيرات، قال التقرير إن مدينتي رأس العين بريف الحسكة الشمالي الغربي وتل أبيض بريف الرقة الشمالي الغربي قد شهدتا تفجيرات ألحقت أضراراً مادية في البنى التحتية. وأضافَ أن شهر آب شهدَ استمراراً في حوادث قتل المدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وفي هذا السياق سجل التقرير حوادث عدة؛ تسببت في مقتل 15 مدنياً بينهم 6 طفلاً و1 سيدة. كما رصد التقرير حوادث انفجار مخلفات قصف سابق تسببت في مقتل مدنيين في شمال غرب سوريا.
طبقاً للتقرير فقد تسبَّبت الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له على أحياء في مدينة درعا في تردي الأوضاع المعيشية جراء الغلاء في أسعار المواد الغذائية وشُح الأدوية وحليب الأطفال، كما قد توقف الفرن الوحيد في المنطقة عن العمل في 9/ آب بسبب نفاذ مادتي الطحين والوقود.
وعلى صعيد الوضع المعيشي في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري فقد شهد معظمها تصاعداً في حالات السخط الشعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الوضع الأمني المتردي وانتشار عصابات السرقة والقتل، إضافة لسوء الخدمات وانقطاع الوقود والتزاحم على أفران الخبز. أما في شمال غرب سوريا تشهد أسعار المواد الأساسية التموينية والخضراوات ارتفاعاً كبيراً متأثرة بتقلبات سعر صرف الليرة التركية واحتكار التجار.
وبحسب التقرير فقد أصدرت هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ عدة بيانات تمنع بموجبها دخول بعض السلع والمواد لاسيما الخضراوات من مناطق عفرين بريف حلب الشمالي الغربي إلى مناطق ريف إدلب عبر معبر الغزاوية بريف حلب الغربي. فيما تشهد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وعلى وجه الخصوص ريف دير الزور استمراراً في أزمة توفر مادة الخبز بسبب ارتفاع سعر كيس الطحين وقلة الأفران العاملة وارتفاع تكاليف الإنتاج.
على صعيد جائحة كوفيد- 19 سجل التقرير في آب ارتفاعاً ملحوظاً في تسجيل إصابات وحالات وفاة بالفيروس، وعلى وجه الخصوص في منطقة شمال غرب سوريا، حيث تم تسجيل الحصيلة الشهرية الأعلى من الإصابات منذ الإعلان عن ظهور الجائحة هناك في تموز/ 2020. ووفقاً للتقرير فقد أعلنت وزارة الصحة في حكومة النظام السوري عن 1952 حالة إصابة و99 حالة وفاة في شهر آب. وفي ظل تفشي الجائحة وعودة الفيروس للانتشار بشكل واسع، أبدى التقرير تخوفاً من انتشاره بين النازحين من أهالي درعا المقيمين في مراكز الإيواء في منطقة درعا المحطة بشكل مكتظ، والذين تمنعهم قوات النظام السوري من الخروج منها. وبحسب التقرير فقد سجلت حالات الإصابات والوفاة بالفيروس في شمال غرب سوريا في آب وفق ما أعلنه نظام الإنذار المبكرEWARN 11438 حالة إصابة و38 حالة وفاة مرتبطة بجائحة كوفيد-19؛ وأشار إلى أن النصف الثاني من آب قد شهدَ قفزات غير مسبوقة على صعيد حصيلة الإصابات اليومية المسجلة بالفيروس؛ نظراً لانتشار المتحور دلتا في ظل غياب الإجراءات الاحترازية، وقد وصلت إلى 1262 حالة تم تسجيلها في يوم 29/ آب، وهي الحصيلة اليومية الأعلى منذ الإعلان عن ظهور الحالة الأولى لكوفيد-19 في شمال غرب سوريا. أما في شمال شرق سوريا فقد بلغت الإصابات المسجلة بفيروس كورونا في آب وفق هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 1800 حالة إصابة و20 حالة وفاة.
نوَّه التقرير إلى دخول ثلاث شاحنات تحمل مواد إغاثية عبر برنامج الغذاء العالمي WFP، من مناطق سيطرة النظام السوري إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام في 30/ آب، وذلك عبر معبر ميزناز ومعارة النعسان بريف إدلب الشمالي الشرقي، تبعتها 12 شاحنة في اليوم التالي. تعتبر هذه القافلة هي الخطوة الأولى في تطبيق قرار دخول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس، الأمر الذي تم إقراره في قرار مجلس الأمن رقم 2585
طبقاً للتقرير فقد شهدت أحياء درعا البلد وحي طريق السد ومخيم اللاجئين الفلسطينيين ومخيم النازحين من الجولان المحاصرة في مدينة درعا حركة نزوح مشياً على الأقدام باتجاه أحياء أخرى في مدينة درعا تخضع لسيطرة قوات النظام السوري، كما شهدت بلدات ريف درعا الغربي منذ 30/ آب حركة نزوح جراء تصعيد الحملة العسكرية عليها. وعلى الرغم من عدم التوصل لاتفاق بين قوات النظام السوري من طرف وأهالي الأحياء المحاصرة بمدينة درعا إلا أن قافلتين تقلان عسكريين ومدنيين خرجتا من مدينة درعا باتجاه الشمال السوري عبر معبر أبو الزندين الفاصل بين مناطق سيطرة قوات النظام السوري والجيش الوطني.
جاء في التقرير أن قوات النظام السوري قد استمرت في سياسة الاستيلاء على المنازل في محافظة درعا، والتي بدأتها في 27/ تموز المنصرم 2021. وذلك بعد فرار المدنيين منها؛ إثر دخول هذه القوات إلى مناطقهم، وتحوّلها لخطوط اشتباك بين قوات النظام السوري وميليشياته من طرف، ومقاتلين من المنطقة من طرف آخر.
وبحسب التقرير فقد استمرت في شهر آب عمليات القتل على يد مسلحين مجهولين في مخيم الهول الذي يقع شرق مدينة الحسكة حيث وثق مقتل 8 مدنيين بينهم 2 سيدة.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.