موجات الصقيع تفاقم من معاناة المشردين قسريا في شمال غرب سوريا ولا عودة مع بقاء ممارسات الأجهزة الأمنية اللاإنسانية
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الثاني 2022، وأشارت إلى أن موجات الصقيع تفاقم من معاناة المشردين قسرياً في شمال غرب سوريا ولا عودة مع بقاء ممارسات الأجهزة الأمنية اللا إنسانية.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 27 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر كانون الثاني 2022، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافة إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، ويُسلِّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في كانون الثاني مقتل 69 مدنياً، بينهم 18 طفلاً و4 سيدة (أنثى بالغة)، و2 من الكوادر الطبية، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى، كما سجل مقتل 8 أشخاص بسبب التعذيب. إضافة إلى مجزرة واحدة، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 143 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 2 طفلاً قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الثاني، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظتي ريف دمشق فدرعا.
وبحسب التقرير فقد شهد كانون الثاني ما لا يقل عن 9 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، كانت 3 منها على يد القوات الروسية، و2 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و1 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و3 على يد جهات أخرى.
جاء في التقرير أن كانون الثاني شهد استمرار العملية العسكرية التي تشنها قوات الحلف السوري الروسي على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا منذ منتصف العام المنصرم 2021، كما لم تتوقف الهجمات الأرضية لقوات النظام السوري، وتركزت على منطقة جبل الزاوية ومحيطها وبلدات وقرى ريف إدلب الجنوبي، وأضاف أنه في الأيام الأولى لعام 2022 كثف سلاح الجو الروسي من هجماته على مناطق في شمال غرب سوريا، لتتراجع كثافتها لاحقاً بشكل تدريجي، حيث رصد غياب الطيران الحربي الروسي عن أجواء المنطقة في الربع الأخير من الشهر. واستهدفت جل الغارات الروسية مقرات عسكرية تابعة لهيئة تحرير الشام، كما استهدفت مراكز حيوية وتجمعات مدنية في شمال غرب سوريا.
وبحسب التقرير تعرضت قرى وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، في النصف الثاني من كانون الثاني لهجمات من قبل قوات سوريا الديمقراطية تسببت بخسائر بشرية وأضرار مادية في المنشآت.
على صعيد التفجيرات، رصدنا في كانون الثاني عدة تفجيرات، لم نتمكن من تحديد مرتكبها، في محافظتي حلب وحماة.
كما سجل استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام ومخلفات الذخائر في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وقد بلغت حصيلة ضحايا الألغام في كانون الثاني 4 مدنياً بينهم 3 طفلاً. ورصد التقرير عمليات اغتيال لمدنيين في قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم لكن يعتقد أنهم يتبعون لتنظيم داعش. كما سجل عمليات اغتيال على يد أشخاص لم يتمكن من تحديد هويتهم في محافظات درعا وحلب ودير الزور، جراء تردي الأوضاع الأمنية، إضافة لاستمرار عمليات الاغتيال في مخيم الهول.
قال التقرير إن تنظيم داعش قام في 20/ كانون الثاني بتفجير سيارتين مفخختين إحداهما استهدفت بوابة سجن غويران (سجن الصناعة) والثانية على بعد قرابة 200 متر عن السجن في حي غويران بمدينة الحسكة، تلا الانفجارين هجوم مسلحين تابعين لتنظيم داعش بالأسلحة الرشاشة على السجن الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، استمرت الاشتباكات بين عناصر قوات سوريا الديمقراطية وعناصر تنظيم داعش عدة ساعات بالتزامن مع استعصاء لسجناء عناصر تنظيم داعش انتهت بسيطرة عناصر التنظيم على السجن بشكل كامل، امتدت الاشتباكات بعد ذلك إلى حيي غويران والزهور في مدينة الحسكة بعد انتشار عناصر تنظيم داعش في هذه الأحياء، قام خلالها طيران التحالف الدولي بشن غارات استهدفت مواقع تجمع عناصر تنظيم داعش في الحيين، وأبرز المواقع كان مبنى كليتي الاقتصاد والهندسة المدنية/ جامعة الفرات في الحسكة. وفي 26/ كانون الثاني أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن إعادة السيطرة الكاملة على سجن غويران واستسلام جميع عناصر تنظيم داعش. وطبقاً للتقرير فقد تسببت الاشتباكات في نزوح ما لا يقل عن 40 ألف مدني من أحياء غويران والزهور الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية باتجاه مركز مدينة الحسكة وريف الحسكة الشرقي.
وفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي في كانون الثاني في عموم مناطق سوريا تزامناً مع العواصف الثلجية وانخفاض درجات الحرارة إلى مستويات قياسية مقارنة بالسنوات الماضية، حيث ازدادت معاناة المدنيين في ظل الأحوال الجوية القاسية والنقص الحاد في مواد التدفئة وارتفاع أسعارها.
في شمال غرب سوريا، كان تردي الوضع الاقتصادي ورفع أسعار الخدمات الأساسية سبباً في خروج عدة مظاهرات في المنطقة. وبحسب التقرير ما زالت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الأساسية، إضافة إلى الشح في مادة الخبز، مما يفاقم من تردي الأوضاع المعيشية فيها. كما خرجت عدة مظاهرات في مدن وبلدات وقرى ريف دير الزور على مدار الشهر للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي والإفراج عن المعتقلين.
على صعيد جائحة كوفيد- 19 شهد كانون الثاني انخفاضاً في حصيلة الإصابات المسجلة بفيروس كوفيد- 19 في عموم مناطق سوريا مقارنة بأشهر سابقة. حيث تم الإعلان رسمياً من قبل وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري عن 1124 حالة إصابة، و92 حالة وفاة في كانون الثاني. فيما سجلت حالات الإصابات والوفاة بفيروس كورونا المستجد في شمال غرب سوريا في كانون الثاني حتى الـ 30 منه وفق ما أعلنه نظام الإنذار المبكر EWARN 116 حالة إصابة و44 حالة وفاة. وبلغت الإصابات بفيروس كورونا في شمال شرق سوريا وفق هيئة الصحة في الإدارة الذاتية 289 حالة إصابة و20 وفاة.
على صعيد اللجوء والنزوح والتشريد القسري شهدت منطقة شمال غرب سوريا بما فيها من مخيمات النازحين في كانون الثاني موجات صقيع وعواصف ثلجية ومطرية تسببت في انهيار العديد من الخيام وتضرر خيام أخرى بشكلٍ كامل أو جزئي، كما تسبب تراكم الثلوج بإغلاق الطرق بين المخيمات، وباتت بعض هذه المخيمات معزولة بشكل كامل عن محيطها. كما رصد التقرير اندلاع حرائق عدة في مخيمات النازحين في مناطق شمال غرب سوريا، جراء اعتماد قاطني المخيمات على الوقود المكرر وغير الصالح للتدفئة، وسجل عدة وفيات بينهم أطفال جراء هذه الحرائق.
في مخيم الهول، سمحت قوات سوريا الديمقراطية في 16/ كانون الثاني بخروج دفعة من قاطني المخيم الواقع في ريف الحسكة الشرقي، مؤلفة من 53 عائلة -قرابة 217 فرد- من أبناء قرى وبلدات ريف دير الزور، وهي الدفعة الثانية والعشرون منذ قرار الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية بإفراغ مخيم الهول، الصادر في تشرين الأول/ 2020. كما اندلع حريقان في المخيم في كانون الثاني لم نتمكن من تحديد سببهما.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…
للاطلاع على التقرير كاملاً