باريس – بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
بدعوة من منظمة سام للحقوق والحريات الشبكة السورية لحقوق الإنسان تشارك في ندوة عن الانعكاسات القانونية للحكم الصادر عن محكمة كوبلنز ضد الضابط السوري أنور. ر
الخميس 3/ شباط/ 2022، شاركت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في ندوة من تنظيم منظمة سام للحقوق والحريات بعنوان “الانعاكاسات القانونية للحكم الصادر من المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنز الألمانية ضد الضابط السوري أنور. ر على مرتكبي جرائم الحرب في العالم العربي” للحديث عن نتائج وانعاكاسات محاكمة أنور. ر، الذي استلم منذ كانون الثاني/ 2011 حتى أيلول/ 2012، رئاسة دائرة التحقيق في فرع الأمن 251 (فرع الخطيب)، التابع لجهاز المخابرات العامة في النظام السوري، بعد إدانته في 13/ كانون الثاني/ 2022، بالتعذيب، و27 جريمة قتل وحالة عنف جنسي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وأدارت الندوة الأستاذة حورية مشهور، وزيرة سابقة لحقوق الإنسان في اليمن، وحاضرَ فيها كل من الأستاذ عبد المجيد مراري، رئيس قسم الشرق الأوسط في منظمة آفدي الدولية، والدكتور فرانسوا دوروش طبيب ورئيس منظمة عدالة وحقوق بلا حدود في فرنسا، والأستاذ فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وتحدث الأستاذ عبد الغني عن دور الولاية القضائية العالمية وتطبيقها مذكراً بالسياق التاريخي للأحداث منذ انطلاق الحراك الشعبي في سوريا في آذار/ 2011، والذي تلاه ارتكاب قوات النظام السوري، والأطراف الأخرى بعد تحوله إلى نزاع مسلح، انتهاكات تصل حدَّ جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أن استخدام روسيا لحق النقض في مجلس الأمن وقف عائقاً في وجه تحويل القضية السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ودعم استمرار الإفلات من العقاب حتى الآن، وبقي الباب الوحيد للمحاسبة هو الولاية القضائية العالمية التي هي جزء من القانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف لمحاسبة مرتكبي الجرائم الفظيعة وهو واجب على كل حكومات الدول التي تحترم القانون الدولي.
وأضاف عبد الغني أن الولاية القضائية العالمية تعنى بالمحاسبة الجنائية فقط وهي جزء من عملية المحاسبة، وأوضح أن هناك العديد من الدعاوى والقضايا التي رفعت ضد مرتكبي انتهاكات مقيمين في دول أوروبية ينتمون لتنظيمات إسلامية متشددة والبعض من فصائل في المعارضة المسلحة تورطوا في انتهاكات وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. إلا أن قضية أنور. ر حظيت بزخم إعلامي أكبر بسبب المنصب الذي شغله في كيان النظام السوري كونه رئيس دائرة التحقيق في الفرع 251، وقد سبقت محاكمة أنور محاكمة عنصر آخر في صفوف قوات النظام السوري هو إياد. غ.
وأشار عبد الغني إلى أن وجود ناجين من التعذيب وشهود في ألمانيا ساعد في بناء القضية ضد أنور، وهنا يأتي دور المنظمات الحقوقية مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان للمساهمة في تعزيز ملف القضية بالبيانات والمعلومات الموثقة، وقد شاركت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ملفاً يتضمن بيانات لـ 58 مواطناً سورياً ماتوا بسبب التعذيب في فرع الخطيب في أثناء حقبة تولي أنور. ر رئاسة دائرة التحقيق وتم تسليم الملف إلى المدعي العام الألماني عبر شريكنا المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان الذي قام مع شركائه من المحامين بدعم 14 شخصاً مدَّعٍ ضد أنور.
وقال عبد الغني إن أهمية إدانة أنور. ر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تكمن في أنها إدانة للنظام السوري كاملاً فتعريف هذه الجرائم يؤكد أنها ترتكب ضمن منظومة وسياسة واسعة النطاق وليست فردية ويتحمل مسؤوليتها القادة والأفراد ولا تقبل حجة تنفيذ الأوامر كدفاع بحسب القانون الدولي الإنساني.
وأكَّد عبد الغني أن محاكمة الطبيب علاء م. التي تجري في الوقت الراهن في محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا، ستكون إدانة مختلفة ومهمة؛ فقد قام الطبيب علاء، كما غيره من الكوادر الطبية في المشافي العسكرية التابعة للنظام السوري، بتعذيب المعتقلين بدل علاجهم، الأمر الذي أدى في العديد من الحالات إلى مقتل المعتقل بسبب التعذيب.
واختتم الأستاذ عبد الغني مداخلته بالتأكيد على أنه على الرغم من أن إدانة أنور. ر هي خطوة إيجابية، إلا أنه يجب عدم تضخيم الإنجاز لأنها مجرد خطوة صغيرة على الطريق الصحيح وعلى طريق المحاسبة، وهي لا تغطي على عجز وفشل المجتمع الدولي في إيقاف الانتهاكات المستمرة منذ أكثر من 11 عاماً حتى اليوم. ولن تشكل أي ردع لدى النظام السوري لإيقاف التعذيب، العنف الجنسي، وكشف مصير المختفين قسرياً، حيث لا تزال عمليات الاعتقال التعسفي والقتل تحت التعذيب مستمرة لأنها سياسة دولة، لا تتوقف إلا عند رحيل ومحاسبة الصفوف العليا في النظام السوري، وتحقيق الانتقال السياسي نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ولذا نأمل أن توقظ هذه الإدانة العملية السياسية في سوريا من جمودها العميق.
تأتي هذه المشاركة في إطار جهود الشبكة السورية لحقوق الإنسان لنشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ودعم جهود توثيق الانتهاكات والتقارير المرتكزة إليها، وزيادة الوعي بأهمية ومركزية دور الضحايا وضرورة تعاون المجتمع السوري من أجل فضح المتورطين، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومحاربة ثقافة الإفلات من العقاب.
بالامكان الاستماع إلى الندوة كاملة مع الأسئلة النقاشية عبر هذا الرابط.