خسائر بشرية هائلة على طريق الحرية والكرامة
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا إنها وثقت مقتل 228647 مدنياً بينهم 14664 بسبب التعذيب واعتقال تعسفي/ إخفاء قسري لـ 151462 شخصاً، وتشريد قرابة 14 مليون سوري، لافتةً إلى خسائر بشرية هائلة على طريق الحرية والكرامة.
قال التقرير -الذي جاء في 30 صفحة- إنَّ الحراك الشعبي الذي اندلع ضد النظام السوري في آذار/ 2011، تركَّزت مطالباته على الحقِّ في التعبير عن الرأي بحرية، وفي تداول السلطة، والحقِّ في الكرامة الإنسانية، وكلها مبادئ حقوقية أساسية، لا يتصور أن تحيا مجتمعات العصر الحديث بدونها، إلا أنَّ النظام السوري ردَّ على المظاهرات السلمية بالرصاص الحي، وحملات اعتقال وتعذيب وإخفاء قسري، استمرت أشهراً طويلة، ولفتَ التقرير إلى تحوُّلِ الحراك الشعبي إلى نزاع مسلح داخلي، تدخلت فيه العديد من دول العالم، لكنَّ جذر القضية في سوريا يبقى مطالب شعبية بحقِّ الشعب السوري في أن ينتخب قياداته، وألَّا يُحكَم كالقطيع من قبل عائلة واحدة، وأن يتمتع بحقوقه الأساسية ويمتلك ثرواته ويحاسب حكومته.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“على مدى أحد عشر عاماً قدَّم السوريون تضحيات هائلة من أجل استعادة دولتهم من الفردية والدكتاتورية، إلى أن تكون ملكاً لجميع أبناء الشعب، يختارون حكَّامهم بديمقراطية وكرامة، ويتحمل النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي المسؤولية الأساسية عن عرقلة الانتقال الديمقراطي، وتكريس حكم الاستبداد، لكن الغرب أيضاً لم يبذل جهوداً كافية في حماية السوريين ومساعدتهم في تحقيق الانتقال نحو الديمقراطية، لا يمكن أن يقبل السوريون بعد كل هذه التضحيات أقل من محاسبة مرتكبي الانتهاكات وتحقيق مطالبهم المحقة”.
ذكَّر التقرير بالكلفة البشرية الهائلة التي خسرها السوريون في نضالهم نحو الحرية والديمقراطية ودولة القانون، واستعرض حصيلة أبرز الانتهاكات التي تعرَّض لها الشعب والدولة السورية، جراء استمرار النزاع المسلح الداخلي، وفشل المجتمع الدولي الذريع في حلِّ النزاع السوري وتحقيق انتقال سياسي. وقال التقرير إن مجلس الأمن الدولي أصدر 27 قراراً متعلقاً بالشأن السوري ولم يتم تنفيذ مجمل ما وردَ فيها بما في ذلك قضية المعتقلين والأسلحة الكيميائية. وأكَّد التقرير على أن النظام السوري لا يزال يحتفظ بأسلحة دمار شامل.
سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 228647 مدنياً، بينهم 29741 طفلاً، و16228 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2022، قتل 200367 بينهم 22941 طفلاً، و11952 سيدة على يد قوات النظام السوري. فيما قتلت القوات الروسية 6928 بينهم 2042 طفلاً، و977 سيدة. وقتل تنظيم داعش 5043 بينهم 958 طفلاً، و587 سيدة. فيما قتلت هيئة تحرير الشام 508 بينهم 71 طفلاً، و77 سيدة. وقتل الحزب الإسلامي التركستاني 4 مدنيين. وبحسب التقرير فقد قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني: 4189 مدنياً بينهم 998 طفلاً، و882 سيدة. وقتلت قوات سوريا الديمقراطية 1348 مدنياً بينهم 238 طفلاً، و165 سيدة. وسجل التقرير مقتل 3048 مدنياً بينهم 925 طفلاً، و658 سيدة على يد قوات التحالف الدولي. و7212 مدنياً بينهم 1568 طفلاً، و930 سيدة على يد جهات أخرى. وقد عرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا وتوزع الحصيلة على مدى السنوات الـ 11 الماضية، وأظهر تحليل البيانات أن 91% من الضحايا قد قتلوا على يد قوات النظام السوري وحلفائه، كما أن قرابة 56 % من الضحايا قد قتلوا في العامين الثاني والثالث على اندلاع الحراك الشعبي (منذ آذار 2012 حتى آذار 2014)، وأضاف التقرير أن قرابة 52 % من حصيلة الضحايا المدنيين قد قتلوا في محافظات ريف دمشق وحلب وحمص.
وفقاً للتقرير فإنَّ من بين الضحايا 869 من الكوادر الطبية، قرابة 84 % منهم قتلوا على يد قوات الحلف السوري الروسي. كما سجل منذ آذار 2011 مقتل 711 من الكوادر الإعلامية، قتل نحو 78 % على يد قوات النظام السوري.
وثق التقرير ما لا يقل عن 151462 شخصاً، بينهم 5093 طفلاً 9774 سيدة (أنثى بالغة)، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2022، كان 132667 بينهم 6358 طفلاً، و8096 سيدة على يد قوات النظام السوري. و8648 بينهم 319 طفلاً، و255 سيدة على يد تنظيم داعش. و2336 بينهم 46 طفلاً، و44 سيدة على يد هيئة تحرير الشام. و3783 بينهم 361 طفلاً، و857 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. و4028 بينهم 709 طفلاً، و522 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية. واستعرض رسوماً بيانية أظهرت المؤشر التراكمي لهذه الحصيلة وتوزعها بحسب السنوات منذ آذار 2011، إضافة إلى توزع حصيلة من لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على المحافظات السورية تبعاً للمحافظة التي شهدت حادثة الاعتقال، وأظهر تحليل البيانات أن الحصيلة الأعلى ممن لا يزالون قيد الاعتقال أو الإخفاء القسري كانت في الأعوام الثلاثة الأولى بعد اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية. وقد كان لمحافظة دمشق النصيب الأكبر من هذه الحصيلة بـقرابة 19% تلتها حلب بقرابة 15 %.
سجل التقرير منذ آذار/ 2011 مقتل ما لا يقل عن 14664 شخصاً، بينهم 181 طفلاً، و93 سيدة (أنثى بالغة)، بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، كان 14449 بينهم 174 طفلاً، و74 سيدة على يد قوات النظام السوري. و32 بينهم 1 طفلاً، و14 سيدة على يد تنظيم داعش. و29 بينهم 2 طفلاً على يد هيئة تحرير الشام. كما سجل التقرير مقتل 50 شخص بسبب التعذيب بينهم 1 طفلاً، و2 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. و79 بينهم 1 طفلاً، و2 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية. و25 بينهم 2 طفلاً، و1 سيدة على يد جهات أخرى.
استعرض التقرير حصيلة أربعة أنواع من الأسلحة: البراميل المتفجرة، الأسلحة الكيميائية، الذخائر العنقودية، الأسلحة الحارقة، وقال إن طيران النظام المروحي وثابت الجناح ألقى ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً، وذلك منذ أول استخدام موثق لهذا السلاح في 18/ تموز/ 2012؛ تسببت في مقتل 11087 مدنياً، بينهم 1821 طفلاً و1780 سيدة.
وسجل التقرير 222 هجوماً كيميائياً في سوريا، منذ أول هجوم موثق لهذا السلاح في كانون الأول/ 2012، نفَّذ النظام السوري 217 هجوماً، فيما نفَّذ تنظيم داعش 5 هجمات. وقد تسبَّبت جميع الهجمات في مقتل 1510 أشخاص بينهم 205 طفلاً و260 سيدة (أنثى بالغة) جميعهم قضوا في هجمات شنَّها النظام السوري، إضافة إلى إصابة 11212 شخصاً، 11080 منهم أصيبوا في هجمات شنها النظام السوري و132 أصيبوا في هجمات شنها تنظيم داعش. وطبقاً للتقرير فإن النظام السوري ما زالَ حتى الآن يمتلك أسلحة كيميائية لم يعلن عنها، وتخوَّف التقرير من أن يكرر النظام استخدامها ضد الشعب السوري.
وعلى صعيد الذخائر العنقودية قال التقرير إن النظام السوري وحليفه الروسي قد استخدما هذه الذخائر بشكل مكثف، فقد سجل 495 هجوماً منذ أول استخدام موثَّق لهذا السلاح في تموز/ 2012، كان 250 هجوماً منها على يد قوات النظام السوري، و237 هجوماً على يد القوات الروسية، إضافة إلى 8 هجمات روسية/ سورية. وبحسب التقرير فقد تسبَّبت تلك الهجمات في مقتل 1042 مدنياً بينهم 389 طفلاً و217 سيدة (أنثى بالغة).
وسجل التقرير ما لا يقل عن 171 هجوماً بأسلحة حارقة على مناطق مدنيَّة سكنيّة، منذ آذار/ 2011، كان 41 منها على يد قوات النظام السوري. و125 على يد القوات الروسية. و5 على يد قوات التّحالف الدولي.
وفقاً للتقرير فقد عمدت جميع أطراف النزاع لإلحاق أضرار بالمراكز الحيوية، ولم يقتصر الاعتداء عليها على عمليات القصف فقط، بل امتدَّ أيضاً إلى تحويل أطراف النزاع العشرات من هذه المراكز الحيوية إلى ثكنات عسكرية أو مراكز اعتقال في المناطق التي تسيطر عليها؛ ما يجعلها عرضة لاستهدافها من قبل أطراف النِّزاع الأخرى. وقد سجل التقرير منذ آذار/ 2011 ما لا يقل عن 869 حادثة اعتداء على منشآت طبية، و1407 على أماكن عبادة. كما سجل تضرر 1597 مدرسة، بعضها تعرض لأزيد من اعتداء. وأوضح التقرير أن الحلف السوري الروسي الإيراني يتحمل مسؤولية قرابة 86 % من حصيلة هذه الحوادث.
قال التقرير إن أزيد من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ لافتاً إلى تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تشير إلى أن قرابة 13.4 مليون سوري قد أجبر على النزوح داخلياً أو اللجوء إلى دول أخرى منذ آذار/ 2011. وأكَّد التقرير أن سوريا ليست آمنة على سكانها ولا لعودة اللاجئين، حيث يتعرض اللاجئون العائدون إلى أنماط الانتهاكات نفسها التي يعاني منها السكان المقيمين في سوريا، وعزا التقرير ذلك بشكل أساسي إلى غياب القانون وهيمنة القمع والاستبداد وتمركز السلطات. وفي سياق متصل سجل التقرير منذ مطلع عام 2014 حتى آذار/ 2022 ما لا يقل عن 2346 حالة اعتقال تعسفي بينها 249 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة)، بحق لاجئين عادوا من دول اللجوء أو الإقامة إلى مناطق إقامتهم في سوريا، جميعهم تم اعتقالهم على يد قوات النظام السوري. إضافة إلى اعتقال ما لا يقل عن 907 نازحين عادوا إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري أيضاً، من بينهم 22 طفلاً و17 سيدة.
طبقاً للتقرير فقد شهدت السنتان الأخيرتان محاولات لإعادة تعويم النظام السوري سياسياً، قادت تلك المحاولات روسيا، وحليفتها الجزائر، وبطلب من الأولى بذلت الجزائر جهوداً حثيثة من أجل إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية. وأوضح التقرير أن هذه المحاولات لم تقتصر على الدول بل تعدتها إلى منظمات دولية.
استنتج التقرير أن كافة أطراف النزاع في سوريا قد انتهكت كلاً من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والنظام السوري وحلفاؤه هم المرتكب للكمِّ الأكبر من الانتهاكات. وأكَّد أن قوات النظام السوري ارتكبت انتهاكات متعددة من القتل خارج نطاق القانون، والتَّعذيب، والتشريد القسري، وغير ذلك من الجرائم التي ترقى إلى جرائم ضدَّ الإنسانية؛ بسبب منهجيتها وسِعَةِ نطاقها معاً. كما ارتكبت جرائم حرب عبر القصف العشوائي، وتدمير المنشآت والأبنية.
وأضافَ أن القوات الروسية خرقت قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 عبر عمليات القصف العشوائي، وانتهكت العديد من بنود القانون الإنساني الدولي مُرتكبة عشرات الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب.
أوصى التقرير أعضاء مجلس الأمن بالتَّوقف عن استخدام حق النقض لحماية النظام السوري، الذي ارتكب على مدى أحد عشر عاماً آلاف الانتهاكات، التي تُشكل في كثير منها جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب. وطالب باللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المعتقلين من الموت داخل مراكز الاحتجاز، ووضع حدٍّ لوباء الاختفاء القسري المنتشر في سوريا، وإيقاف عمليات التعذيب والموت بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري. والكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ قسرياً في سوريا، 85 % منهم لدى النظام السوري.
كما طالب بنقل المسألة السورية من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وتطبيق مبدأ اتحاد من أجل السلام، وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. والعمل بشكل جدي على تحقيق الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف واحد وقرار مجلس الأمن رقم 2254، سعياً نحو تحقيق الاستقرار ووحدة الأراضي السورية وعودة اللاجئين والنازحين الكريمة والآمنة.
وطالب التقرير المجتمع الدولي إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة مخصصة لمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب على وجه السرعة لإيقاف مسلسل الإفلات من العقاب. وتوسيع العقوبات السياسية والاقتصادية ضد النظام الروسي بسبب ارتكابه جرائم حرب في سوريا، وبسبب استمراره في خرق العقوبات المفروضة على النظام السوري، ومساعدته في خرق قرارات مجلس الأمن. كما طالب بتشكيل ضغط حقيقي على روسيا وإيران واعتبارهما شريكَين رئيسَين في الانتهاكات التي ترتكب في سوريا.
وأوصى التقرير المجتمع الدولي بإيقاف أية عملية إعادة قسرية للاجئين السوريين، لأن الأوضاع في سوريا ما تزال غير آمنة، والضغط في سبيل تحقيق انتقال سياسي يضمن عودة تلقائية لملايين اللاجئين.
كما طالب جامعة الدول العربية بالرفض المطلق لعودة النظام السوري إلى الجامعة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…