إعادة العلاقة مع نظام متورط بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب انتهاك للقانون الدولي
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الأول 2022، وأشارت إلى أنَّ إعادة العلاقة مع نظام متورط بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب انتهاك للقانون الدولي.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 25 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر كانون الأول 2022، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافةً إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في كانون الأول مقتل 55 مدنياً، بينهم 9 طفلاً و2 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى. كما سجل مقتل 3 أشخاص بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 213 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 8 طفلاً، و4 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الأول، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدمشق تليهما درعا.
وثق التقرير في عام 2022 ما لا يقل عن 92 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 22 من هذه الهجمات كانت على يد قوات الحلف السوري الروسي. كانت 14 من هذه الهجمات على منشآت تعليمية (مدارس ورياض أطفال)، و6 على منشآت طبية، و7 على أماكن عبادة. وبحسب التقرير فقد شهد كانون الأول ما لا يقل عن 4 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، من بينها 1 حادثة اعتداء على مكان عبادة. وجاء في التقرير أنّ شهر تشرين الثاني سجل أعلى حصيلة لحوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنية خلال عام 2022 بنسبة وصلت قرابة 21 % من الحصيلة الإجمالية المسجلة في العام، تلاه شهر نيسان بنسبة بلغت نحو 11 %.
جاء في التقرير أن كانون الأول شهد انخفاضاً نسبياً في وتيرة عمليات القصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا. وسجل التقرير عمليات قصف متفرقة تركزت في المناطق القريبة من خط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما طال القصف قرى وبلدات ريف إدلب الغربي البعيدة عن خطوط التماس. رصد التقرير في جنوب سوريا خروج مظاهرة في 4/ كانون الأول في مدينة السويداء رفعت شعارات نددت بسوء الأحوال المعيشية، كما ردد بعض المتظاهرين شعارات طالبت برحيل النظام، واجهتها قوات النظام السوري بإطلاق الرصاص ما تسبب في مقتل مدني وإصابة 18 آخرين. كما رصد في الأسبوع الأخير من كانون الأول خروج عدة مظاهرات في مدن داعل والصنمين وجاسم شمال درعا وبلدتي تل شهاب والمزيريب غرب درعا، على خلفية اعتقال النظام السوري لسيدة ببلدة النعيمة. ذكر التقرير أن الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري استقدمت منذ بداية كانون الأول تعزيزات أمنية إلى محيط حيي “الأشرفية والشيخ مقصود” في مدينة حلب ومناطق الشهباء شمالي حلب، الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بهدف إطباق الحصار عليها على خلفية خلافات على نقل المحروقات من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى مناطق سيطرة النظام السوري، ما تسبب في ارتفاع أسعار مواد التدفئة.
سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في تنفيذ هجماتها الأرضية على منطقة ريف حلب الشمالي والشرقي، دون تسجيل وقوع ضحايا مدنيين، وتعرضت المنطقة ذاتها إلى هجمات أرضية من قبل قوات النظام السوري، تسببت بخسائر بشرية، وأورد أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت عن إطلاق عملية أمنية تحت مسمى “صاعقة الجزيرة” بمشاركة قوى الأمن الداخلي لشمال وشرق سوريا وقوات التحالف الدولي لمحاربة داعش وذلك للقضاء على خلايا تنظيم داعش، اعتقلت فيها عشرات الأشخاص من خلايا تنظيم داعش، وكانت هذه القوات قد أعلنت حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال في مدينة الرقة منذ 26/ كانون الأول رداً على الهجوم الذي نفذه مسلحون مجهولون يُعتقد أنهم يتبعون لتنظيم داعش، في اليوم ذاته، ضد إحدى مقرات قوات سوريا الديمقراطية داخل مدينة الرقة. كما سجل التقرير استمرار الهجمات الأرضية التي تشنها القوات التركية وفصائل في المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني على عموم مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بريف حلب الشمالي ومناطق منبج وعين العرب بريف حلب الشرقي.
على صعيد التفجيرات، رصد التقرير في كانون الأول انفجار عبوات ناسفة ومخلفات قصف سابق في محافظتي درعا والحسكة ودير الزور، إضافةً إلى سقوط ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، تركزت في محافظة حماة. بلغت حصيلة ضحايا الألغام في كانون الأول 6 مدنيين بينهم 2 طفلاً لتصبح حصيلة ضحايا القتل بسبب الألغام في عام 2022، 128 مدنياً بينهم 69 طفلاً و9 سيدات. وأشار التقرير إلى استمرار عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظتي درعا ودير الزور.
وفقاً للتقرير فقد شهد الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في مناطق سيطرة قوات النظام السوري تدهوراً غير مسبوق، حيث شهدت أسعار المحروقات ارتفاعات جديدة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، تسبب هذا الارتفاع في أسعار المحروقات في ظل ندرة وجودها وتخفيض حكومة النظام السوري لمخصصات هذه المواد في مناطق سيطرتها، بآثار سلبية على جميع الأصعدة المعيشية وزاد الأعباء المفروضة على المدنيين في هذه المناطق، حيث ارتفعت أسعار الخضروات نتيجة ارتفاع كلفة النقل، وتوقفت وسائل النقل العامة والخاصة عن العمل كما توقفت العديد من أفران الخبز الخاصة في مدينة دمشق. وذكر التقرير أن سعر صرف الليرة السورية شهد، في كانون الأول، انخفاضاً حاداً غير مسبوق؛ ما أدى إلى زيادة في أسعار معظم المواد الغذائية والتموينية.
قال التقرير إن معاناة المدنيين في شمال غرب سوريا استمرت في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور على كافة الأصعدة، بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية. وفي 12/ كانون الأول أبلغ برنامج الأغذية العالمية (WFP) المنظمات الإنسانية الشريكة في منطقة شمال غرب سوريا بقرار تخفيض قيمة القسائم النقدية وقيمة سلته الغذائية القياسية الموزعة في المنطقة لتصبح قيمتها 40 دولاراً بدلاً من 60 دولاراً وذلك اعتباراً من كانون الثاني/ 2023. سجل التقرير في كانون الأول عمليات تضييق من قبل فصائل في الجيش الوطني السوري على المدنيين مالكي الأراضي “حقول الزيتون” في منطقة عفرين وريفها، جلهم من المكون الكردي، حيث تقوم الفصائل بفرض إتاوات على حقول الزيتون وفرض رسوم وإتاوات على محاصيل الزيت ضمن المعاصر. أما في شمال شرق سوريا، سجل التقرير استمرار تدهور الوضع المعيشي في المنطقة في ظل الارتفاع في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية وعدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق.
وفق التقرير، استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، وخصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد حجم الاحتياجات، ووصولها إلى مستويات قياسية مع تراجع الدعم المطلوب من قبل المنظمات الإغاثية لتغطية تلك الاحتياجات، وانعدام شبه كامل لفرص العمل والتناقص الكبير في القدرة الشرائية وخصوصاً لدى النازحين القاطنين في المخيمات، وسجل التقرير اندلاع عدة حرائق في مخيمات شمال غرب سوريا وتضرر عدة خيم للنازحين بأضرار مادية بسيطة بسبب غزارة الأمطار وتشكل السيول في مناطق قريبة من مخيمات النازحين بمنطقة سلقين بريف إدلب الجنوبي وإعزاز بريف حلب الشمالي خلال كانون الأول.
ورصد التقرير تفاقم معاناة النازحين في شمال شرق سوريا بعد انتشار مرض الكوليرا خصوصاً في ظل النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب، وبسبب انخفاض فعالية المنظمات الإغاثية التي تقدم الدعم للنازحين وتساهم في تحسين الأمن الغذائي والصحي للأسر. كما جاء في التقرير أن مخيم الركبان للنازحين، الواقع على الحدود السورية – الأردنية شرق محافظة حمص، لا يزال يعاني قاطنوه البالغ عددهم قرابة 7500 شخصاً من أوضاع معيشية صعبة ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية، تفاقمت مع انخفاض درجات الحرارة.
جاء في التقرير أن النظام السوري سمح بعودة بعض العائلات إلى قرية عين الفيجة في محافظة ريف دمشق بعد الحصول على موافقة أمنية من الأمن العسكري ومكتب أمن الحرس الجمهوري، واشترط عليهم عدم إجراء أي تعديلات أو إصلاحات في منازلهم.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…