الانتقال السياسي الديمقراطي المطلب الأساسي للحراك الشعبي منذ 12 عاماً
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
باريس – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لانطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا إنها وثقت مقتل 230224 مدنياً بينهم 15272 بسبب التعذيب واعتقال تعسفي/ إخفاء قسري لـ 154817 شخصاً، وتشريد قرابة 14 مليون سوري، لافتةً إلى أن الانتقال السياسي الديمقراطي هو المطلب الأساسي للحراك الشعبي منذ 12 عاماً.
قال التقرير -الذي جاء في 40 صفحة- إن الشعب السوري قد نزل إلى الشوارع قبل اثني عشر عاماً، للمطالبة بحقه في التغيير السياسي من حكم العائلة إلى انتخابات ديمقراطية، وبالحرية من تسلط الأجهزة الأمنية وبالكرامة، وقابل النظام السوري هذه المظاهرات بإطلاق الرصاص الحي، وبحملات اعتقالات واسعة طالت المئات من المتظاهرين، وتعرض المعتقلون للتعذيب الوحشي، ومات العديد منهم تحت التعذيب، وقسم آخر تعرض للاختفاء القسري وما زال العديد منهم مختفياً حتى الآن، ولم يقم مجلس الأمن ولا المجتمع الدولي بردع النظام السوري عن هذه الانتهاكات التي وصلت إلى جرائم ضد الإنسانية، مما ساهم في تحول الحراك الشعبي إلى نزاع مسلح داخلي؛ مما تسبب في طول مدة الكارثة السورية.
يقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“تعد الذكرى السنوية الثانية عشرة للحراك الشعبي ضد النظام السوري تذكيراً صارخاً بالمعاناة المستمرة للشعب السوري، وبطول أمد هذا النزاع وعجز المجتمع الدولي ومجلس الأمن عن إيجاد حل له، أو عدم رغبته في ذلك، لقد تُرك الشعب السوري وحيدا ًفي مواجهة أحد أقسى الأنظمة الاستبدادية على وجه الكرة الأرضية، وكذلك مواجهة انتهاكات أطراف النزاع الأخرى، ولم يتقدم مسار الانتقال السياسي خطوة واحدة منذ سنوات طويلة، لقد حان الوقت لإيجاد حل للكارثة السورية، ولن يكون ذلك دون محاسبة النظام السوري المتسبب الرئيس فيما وصلت إليه سوريا والسوريين من معاناة وتشريد لأكثر من نصف الشعب السوري”.
ذكَّر التقرير بالكلفة البشرية الهائلة التي خسرها السوريون في نضالهم نحو الحرية والديمقراطية ودولة القانون، واستعرض حصيلة أبرز الانتهاكات منذ آذار/ 2011 حتى آذار/ 2023، والتي تعرَّض لها الشعب والدولة السورية، جراء استمرار النزاع المسلح الداخلي، مؤكداً على أن الانتهاكات بحق السوريين لم تتوقف منذ عام 2011، وأن المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن الدولي قد فشل بشكل مطلق في إيجاد حل للنزاع السوري يضمن انتقالاً سياسياً بشكل ديمقراطي، ويهيئ الظروف أمام عودة النازحين واللاجئين ويؤدي إلى رفع العقوبات المفروضة والبدء في عودة الأمن والاستقرار.
قال التقرير إن عموم المناطق في سوريا شهدت تغيراً كبيراً وتدريجياً في توزع مناطق السيطرة، تبعاً للتطورات العسكرية، وأوضح أن مختلف أطراف النزاع والقوى المسيطرة ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان في سبيل بسط سيطرتها العسكرية على منطقة محددة أو الحفاظ على مناطق نفوذها، ويتصدر النظام السوري وحلفاؤه بقية الأطراف بفارق شاسع، وفي هذا السياق قدم التقرير خريطة تظهر مؤشراً يعكس بشكل تقريبي حجم وكثافة أبرز الانتهاكات التي شهدتها المحافظات السورية منذ اندلاع الحراك الشعبي في آذار/ 2011.
سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن230224 مدنياً بينهم 30007 طفلاً و16319 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، قتل 201055 بينهم 22981 طفلاً، و11976 سيدة على يد قوات النظام السوري. فيما قتلت القوات الروسية 6950 بينهم 2048 طفلاً، و977 سيدة. وقتل تنظيم داعش 5054 بينهم 958 طفلاً، و587 سيدة. فيما قتلت هيئة تحرير الشام 517 بينهم 74 طفلاً، و79 سيدة. وقتل الحزب الإسلامي التركستاني 4 مدنيين. وبحسب التقرير فقد قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 4206 بينهم 1007 طفلاً، و885 سيدة. وقتلت قوات سوريا الديمقراطية 1420 بينهم 250 طفلاً، و169 سيدة. وسجل التقرير مقتل 3051 بينهم 926 طفلاً، و658 سيدة على يد قوات التحالف الدولي. و7967 بينهم 1763 طفلاً، و988 سيدة على يد جهات أخرى. وقد عرض التقرير المؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا وتوزع الحصيلة على مدى السنوات الـ 12 الماضية، وأظهر تحليل البيانات أن 91% من الضحايا قد قتلوا على يد قوات النظام السوري وحلفائه، كما أن قرابة 56 % من الضحايا قد قتلوا في العامين الثاني والثالث على اندلاع الحراك الشعبي (منذ آذار/ 2012 حتى آذار/ 2014)، وأضاف التقرير أن قرابة 52 % من حصيلة الضحايا المدنيين قد قتلوا في محافظات ريف دمشق وحلب وحمص.
وفقاً للتقرير فإنَّ من بين الضحايا 874 من الكوادر الطبية، قرابة 83 % منهم قتلوا على يد قوات الحلف السوري الروسي. و714 من الكوادر الإعلامية، قتل نحو 78 % على يد قوات النظام السوري.
وثق التقرير ما لا يقل عن 154817 شخصاً، بينهم 5199 طفلاً و10169 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منهم 135253 بينهم 3691 طفلاً، و8473 سيدة على يد قوات النظام السوري. و8648 بينهم 319 طفلاً، و255 سيدة على يد تنظيم داعش. و2426 بينهم 46 طفلاً، و44 سيدة على يد هيئة تحرير الشام. و3977 بينهم 364 طفلاً، و873 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. و4513 بينهم 779 طفلاً، و524 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية. وعرض التقرير رسوماً بيانية أظهرت المؤشر التراكمي لهذه الحصيلة وتوزعها بحسب السنوات منذ آذار 2011، إضافةً إلى توزعها على المحافظات السورية.
سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 15272 شخصاً بسبب التعذيب بينهم 197 طفلاً و113 سيدة (أنثى بالغة) بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، كان 14449 بينهم 174 طفلاً، و74 سيدة على يد قوات النظام السوري. أي قرابة 99% من الحصيلة الإجمالية. فيما سجل مقتل 32 شخصاً بينهم 1 طفل، و14 سيدة على يد تنظيم داعش. و32 بينهم 2 طفلاً على يد هيئة تحرير الشام. و53 بينهم 1 طفل، و2 سيدة على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. إضافة إلى 90 بينهم 1 طفل، و2 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية. و27 بينهم 2 طفل، و1 سيدة على يد جهات أخرى.
استعرض التقرير حصيلة أربعة أنواع من الأسلحة: البراميل المتفجرة، الأسلحة الكيميائية، الذخائر العنقودية، الأسلحة الحارقة، وقال إن طيران النظام السوري المروحي وثابت الجناح ألقى ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً، وذلك منذ أول استخدام موثق لهذا السلاح في 18/ تموز/ 2012؛ تسببت في مقتل 11087 مدنياً، بينهم 1821 طفلاً و1780 سيدة.
وسجل التقرير 222 هجوماً كيميائياً في سوريا، منذ أول هجوم موثق لهذا السلاح في كانون الأول/ 2012، نفَّذ النظام السوري 217 هجوماً، فيما نفَّذ تنظيم داعش 5 هجمات. وقد تسبَّبت جميع الهجمات في مقتل 1510 أشخاص بينهم 205 طفلاً و260 سيدة (أنثى بالغة) جميعهم قضوا في هجمات شنَّها النظام السوري، إضافة إلى إصابة 11212 شخصاً، 11080 منهم أصيبوا في هجمات شنها النظام السوري و132 أصيبوا في هجمات شنها تنظيم داعش.
وعلى صعيد الذخائر العنقودية قال التقرير إن النظام السوري وحليفه الروسي قد استخدما هذه الذخائر بشكل مكثف، وسجل 496 هجوماً منذ أول استخدام موثَّق لهذا السلاح في تموز/ 2012، كان 251 هجوماً منها على يد قوات النظام السوري، و237 هجوماً على يد القوات الروسية، إضافةً إلى 8 هجمات روسية/ سورية. وبحسب التقرير فقد تسبَّبت تلك الهجمات في مقتل 1053 مدنياً بينهم 394 طفلاً و219 سيدة (أنثى بالغة).
وسجل التقرير ما لا يقل عن 171 هجوماً بأسلحة حارقة على مناطق مدنيَّة سكنيّة، كان 41 منها على يد قوات النظام السوري. و125 على يد القوات الروسية. و5 على يد قوات التّحالف الدولي.
وفقاً للتقرير فقد عمدت جميع أطراف النزاع لإلحاق أضرار بالمراكز الحيوية، ولم يقتصر الاعتداء عليها على عمليات القصف فقط، بل امتدَّ أيضاً إلى تحويل أطراف النزاع العشرات من هذه المراكز الحيوية إلى ثكنات عسكرية أو مراكز اعتقال في المناطق التي تسيطر عليها؛ ما يجعلها عرضةً لاستهدافها من قبل أطراف النِّزاع الأخرى. وقد سجل التقرير منذ آذار/ 2011 ما لا يقل عن 874 حادثة اعتداء على منشآت طبية، و1416 على أماكن عبادة. كما سجل تضرر 1611 مدرسة، بعضها تعرض لأزيد من اعتداء. وأوضح التقرير أن الحلف السوري الروسي الإيراني يتحمل مسؤولية قرابة 87 % من حصيلة هذه الحوادث.
ذكر التقرير أن أزيد من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ، لافتاً إلى تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تشير إلى أن قرابة 13.3 مليون سوري قد أجبر على النزوح داخلياً أو اللجوء إلى دول أخرى منذ آذار/ 2011. وفي سياق متصل أشار إلى أن الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6/ شباط/ 2023 قد تسبب في تشريد قسري داخل سوريا لقرابة 90 ألفاً بحسب الأمم المتحدة. كما تحدث التقرير عن قضية تسييس ملف المساعدات الإنسانية منذ عام 2014؛ مذكراً أنها ليست بحاجة إلى إذن من مجلس الأمن، وموضحاً أن تأخر وصول المساعدات الأممية لأيام بعد الزلزال تسبب في زيادة عدد الضحايا الذين ماتوا تحت الأنقاض، وساهم بشكل جدي في تفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية في منطقة شمال غرب سوريا.
طبقاً للتقرير فقد أصدر النظام السوري منذ آذار/ 2011 ما لا يقل عن اثنين وعشرين مرسوماً للعفو، لكنها جميعاً أفرجت فقط عن 7351 معتقلاً، وما زال لدى النظام السوري ما لا يقل عن 135253 ألف مواطنٍ ما بين معتقلٍ ومختفٍ قسرياً. وقال التقرير إن معضلة الاختفاء القسري شبح يلاحق ذوي المختفين، وهناك تخوف على مصير قرابة 112 مواطناً سورياً لا يزالون حتى الآن قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا.
أكَّد التقرير أن سوريا ليست آمنة على سكانها ولا لعودة اللاجئين، حيث يتعرض اللاجئون العائدون إلى أنماط الانتهاكات نفسها التي يعاني منها السكان المقيمين في سوريا، وعزا التقرير ذلك بشكل أساسي إلى غياب القانون وهيمنة القمع والاستبداد وتمركز السلطات. وفي سياق متصل سجل التقرير منذ مطلع عام 2014 حتى آذار/ 2023 ما لا يقل عن 2504 حالة اعتقال تعسفي بينها 257 طفلاً و199 سيدة (أنثى بالغة)، بحق لاجئين عادوا من دول اللجوء أو الإقامة إلى مناطق إقامتهم في سوريا، جميعهم تم اعتقالهم على يد قوات النظام السوري. إضافة إلى اعتقال ما لا يقل عن 984 نازحين عادوا إلى مناطق يسيطر عليها النظام السوري أيضاً، من بينهم 22 طفلاً و18 سيدة.
وقال التقرير فإن تطبيع العلاقات مع النظام السوري يعتبر إهانة للدولة التي تقوم بذلك، قبل أن يكون إهانة لملايين الضحايا السوريين، كما أنه انتهاك للقانون الدولي لأنه عبارة عن دعم لنظام ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق شعبه، وما زال مستمراً حتى الآن، وأشار إلى أن السنوات الـ 3 الأخيرة قد شهدت محاولات لإعادة تعويم النظام السوري سياسياً، قادت تلك المحاولات روسيا، وحليفتها الجزائر، وأوضح أن هذه المحاولات لم تقتصر على الدول بل تعدتها إلى مسؤولين في منظمات أممية إضافة إلى منظمات دولية.
استنتج التقرير أن كافة أطراف النزاع في سوريا قد انتهكت كلاً من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والنظام السوري وحلفائه هم المرتكب للكمِّ الأكبر من الانتهاكات. وأكَّد أن قوات النظام السوري ارتكبت انتهاكات متعددة من القتل خارج نطاق القانون، والتَّعذيب، والتشريد القسري، وغير ذلك من الجرائم التي ترقى إلى جرائم ضدَّ الإنسانية؛ بسبب منهجيتها وسِعَةِ نطاقها معاً. كما ارتكبت جرائم حرب عبر القصف العشوائي، وتدمير المنشآت والأبنية. وقد فشل في مسؤوليته في حماية شعبه من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وإن من مسؤولية المجتمع الدولي التدخل باتخاذ إجراءات حماية بطريقة جماعية وحاسمة وفي الوقت المناسب.
وأضافَ أن القوات الروسية خرقت قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 عبر عمليات القصف العشوائي، وانتهكت العديد من بنود القانون الإنساني الدولي مُرتكبةً عشرات الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب.
أوصى التقرير أعضاء مجلس الأمن بالتَّوقف عن استخدام حق النقض لحماية النظام السوري، الذي ارتكب على مدى اثني عشر عاماً آلاف الانتهاكات، التي تُشكل في كثير منها جرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم حرب. وطالب بالكشف عن مصير قرابة 112 ألف مختفٍ قسرياً في سوريا، 86 % منهم لدى النظام السوري.
كما طالب بنقل المسألة السورية من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وتطبيق مبدأ اتحاد من أجل السلام، وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. والعمل بشكل جدي على تحقيق الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف واحد وقرار مجلس الأمن رقم 2254، سعياً نحو تحقيق الاستقرار ووحدة الأراضي السورية وعودة اللاجئين والنازحين الكريمة والآمنة. وأوصى برفع اليد عن التحكم بدخول المساعدات الأممية العابرة للحدود، فهي تدخل ضمن نطاق الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الشؤون الإنسانية.
وطالب التقرير المجتمع الدولي إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة مخصصة لمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب على وجه السرعة لإيقاف مسلسل الإفلات من العقاب. وتشكيل ضغط حقيقي على روسيا وإيران واعتبارهما شريكَين رئيسَين في الانتهاكات التي ترتكب في سوريا.
وأوصى التقرير المجتمع الدولي بإيقاف أية عملية إعادة قسرية للاجئين السوريين، لأن الأوضاع في سوريا ما تزال غير آمنة، والضغط في سبيل تحقيق انتقال سياسي يضمن عودة تلقائية لملايين اللاجئين.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…