القوانين تستهدف ثلاث فئات: 12 مليون مشرد قسريا، و112 ألف مختف قسريا، ونصف مليون من القتلى غير المسجلين في السجل المدني
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي – قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم تحت عنوان “مجمل القوانين التي سيطر النظام السوري من خلالها على الملكية العقارية والأراضي في سوريا قبل الحراك الشعبي في آذار 2011 وبعده”، إن القوانين تستهدف بشكل أساسي ثلاث فئات، 12 مليون مشرد قسرياً، و112 ألف مختفٍ قسرياً، ونصف مليون من القتلى لم يسجل معظمهم في السجل المدني.
القوانين التي سيطر النظام السوري من خلالها على الملكية العقارية والأراضي في سوريا:
تناول التقرير -الذي جاء في 50 صفحة- مجمل القوانين التي سيطر النظام السوري من خلالها على الملكية العقارية والأراضي في سوريا قبل الحراك الشعبي في آذار 2011 وبعده، وقال إن النظام السوري عبر تحكمه المطلق في السلطات التشريعية والقضائية، يستطيع عبر مجلس الشعب المهيمن عليه أن يصدر ما يشاء من قوانين، إضافةً إلى سيطرته على المحكمة الدستورية، كما أنَّ بإمكان رئيس النظام السوري إصدار ما يريد من مراسيم دون العودة إلى مجلس الشعب. وأوضح أن ما صدر من مراسيم وقوانين بعد انطلاق الحراك الشعبي في آذار/2011 يعتبر الأشد خطراً على الملكيات العقارية للشعب السوري، مشيراً إلى أن هذه القوانين يمكنها أن تطال جميع أبناء الشعب السوري، لكنَّ التقرير يؤكد أنها تستهدف ثلاث فئات بشكل أساسي ومباشر، وهذه الفئات هي: أولاً، المشردون قسرياً (اللاجئون والنازحون) والبالغ عددهم قرابة 12.3 مليون مواطن سوري بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وثانياً، المختفون قسرياً البالغ عددهم قرابة 112 ألف مواطنٍ سوري بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يتحمل النظام السوري المسؤولية المباشرة عن اختفاء أكثر من 85 % منهم. وثالثاً، القتلى من المدنيين والعسكريين والبالغ عددهم قرابة نصف مليون مواطن سوري، والذين لم يُسجل الغالبية العظمى منهم أنهم ماتوا في دوائر السجل المدني. وبحسب التقرير فإنه مما لا شك فيه أنَّ الغالبية العظمى من هذه الفئات معارضون للنظام السوري، وكانوا ضحايا للانتهاكات التي مارسها منذ آذار/2011، أي أن هذه القوانين تهدد قرابة نصف الشعب السوري.
جاء التقرير في ستة فصول، وعرض في البداية مفاهيم عامة حول العقار والملكية العقارية في سوريا، بما في ذلك أشكال توثيق وحماية الملكية العقارية، ثم قدم قراءة نقدية في القوانين واللوائح العقارية الصادرة عن النظام السوري قبل آذار 2011، وفي فصله الثالث تحدث التقرير عن قوانين التطوير العقاري في سوريا بعد آذار 2011 وانعكاساتها على الملكية العقارية، ثم أورد القوانين المتعلقة بالمعاملات والسجلات العقارية، وتناول التقرير في فصله الخامس قوانين ذات تأثيرات غير مباشرة على حقوق الملكية العقارية في سوريا بعد الحراك الشعبي في آذار/2011، ثم تحدث عن الأدوات التي اتبعها النظام السوري للسيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية.
استحداث أو تعديل عدد من قوانين التطوير العقاري محاولة دائمة للحفاظ على الوضع العقاري غير المستقر:
قال التقرير إن النظام السوري منذ مرحلة حافظ الأسد، حاول من خلال استحداث أو تعديل عدد من قوانين التطوير العقاري أن يفرض على المجتمع السوري واقعاً جديداً في كل مرحلة، وذلك في محاولة دائمة للحفاظ على الوضع العقاري غير المستقر، وللسعي إلى خلق ثغرات يستطيع من خلالها النظام وأعوانه الاستحواذ على الملكيات العامة والخاصة على حد سواء، ولهذا نجده حتى قبل الحراك الشعبي في آذار/2011 يسنُّ قوانين مختلفة غرضها الظاهر تنظيم المسألة العقارية والملكيات، لكن هدفها الأساسي هو الاستيلاء على الملكيات العقارية في مختلف أرجاء سوريا، وفي هذا السياق تحدَّث التقرير عن الأرضيات القانونية التي أوجدها النظام السوري قبل آذار/2011 وكيف استخدمها للاستحواذ على ما يريد، وأوردَ أهم القوانين التي تتعلَّق بالملكية والمسألة العقارية.
أبرز قوانين التطوير العقاري التي سنها النظام السوري في سوريا بعد آذار 2011:
طبقاً للتقرير فقد وظَّف النظام السوري تبعات الحراك الشعبي والذي تحوَّل إلى نزاع مسلح داخلي تسبب في تشريد ملايين السوريين، بسبب رئيس وهو الانتهاكات التي مارسها النظام السوري أولاً، وبقية أطراف النزاع ثانياً، وظَّف تبعات ذلك لصالحه في مسألة الملكية العقارية، بحيث جعل من تبعات النزاع المسلح سبباً من أجل الحصول على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الفوائد على المدى الطويل، وفي هذا الإطار ولهذا عمل على سنِّ مجموعة جديدة من قوانين الملكية العقارية، وقد عرض التقرير أبرز قوانين التطوير العقاري التي سنها النظام السوري في سوريا بعد آذار 2011، وسلط الضوء على أهدافها. وفي سياق متصل أشار التقرير إلى أنَّ كلاً مِن قانون التطوير والاستثمار العقاري الصادر سنة 2008 وما تبعه من قانون 25 لعام 2011 وقانون التخطيط 23 لعام 2015، والقانون رقم 10 لعام 2018، تتكامل كلها في إطار واحد هو توفير الصيغة القانونية الملائمة للنظام السوري مع حلفائه، لاستكمال السيطرة على أملاك المعارضين. وأضاف أن صدور العديد مِن القوانين العقارية كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتطورات الميدانية للصراع العسكري في سوريا، بحيث كان النِّظام بعد سيطرته على منطقة ما يقوم بإصدار مرسوم تشريعي مرتبط بالتنظيم العقاري لأجل وضع يده على الأملاك الشاغرة الموجودة في هذه المناطق وتحويلها إلى الموالين له.
تتبعَ التقرير الخطوات التي قام بها النظام السوري للاستحواذ على الملكيات العقارية من خلال المراسيم التشريعية التي كان يصدرها سواء بخصوص بنية السجلات العقارية أو بخصوص المعاملات العقارية ككل. واستعرض أهم المراسيم والقوانين في هذا الإطار، ولفتَ إلى أن النظام السوري يسعى من خلال ترسانة قانونية إلى تطويق أي حقوق قد يطالب بها العائدون من نازحين ولاجئين في مرحلة زمنية، ويهيئ الأرضية لتكون معظم المناطق خاضعة لسلطته المباشرة من خلال الوحدات الإدارية وغير المباشرة من خلال المُرقيين والمتعهدين العقاريين، الذين يدينون له بالولاء التام.
تحدث التقرير عن أن هناك عدداً من القوانين التي أقرها أو قام النظام السوري بتشريعها بعد آذار/2011، وكانت تأثيراتها كبيرةً جداً في الشأن العقاري، ذلك أن النظام السوري قد ربط الوثائق والسجلات العقارية بهذه القوانين بشكل غير مباشر، بهدف جعل كل معارض سياسي يبحث عن حقوقه العقارية التي شرعها الدستور يصطدم بخطر اعتقاله بناءً على هذه القوانين، والتي أورد التقرير أبرزها.
استخدام النظام السوري أدوات عدة إلى جانب القوانين والتشريعات التي وضعها بهدف السيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية:
وفقاً للتقرير فقد استخدم النظام السوري أدوات عدة إلى جانب القوانين والتشريعات التي وضعها بهدف السيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية، وكان من أبرز هذه الأساليب، استغلال النظام للدمار واسع النطاق، وبحسب التقرير فقد تبيَّن في العشرات مِن المناطق التي هاجمها النظام السوري أنَّ التدمير كان هدفاً بحد ذاته، لإجبار الأهالي على الرحيل، ولإحداث أكبر دمار ممكن، ومن ثم نهب المناطق المدمرة والمشرد أهلها والسطو على ممتلكاتهم عبر القوانين التي أصدرها. كما تحدث التقرير عن تأثير إشكالية الوثائق المدنية الناقصة على المسألة العقارية، لافتاً إلى أن النظام السوري منع مئات الآلاف من معارضيه من الحصول على أبسط حقوقهم التي تكفلها لهم القوانين المحلية والدولية، بما في ذلك الحصول على أوراقهم الثبوتية، كما أنه اشترط حضورهم الشخصي، وهم مشردون داخل أو خارج سوريا، ويخشون في حال عودتهم أن يتم اعتقالهم وتعذيبهم، وهذا ما أدى إلى خلق معضلتين أساسيتين: الأولى تتمثل في تغييب حقوق جيل كامل من المعارضين الذين قام النظام السوري بتشريدهم أو قتلهم أو إخفائهم قسرياً، وجيل ثانٍ ولد في أثناء الصراع المسلح في المناطق التي كانت خاضعة للمعارضة ولم يتم تسجيل الغالبية العظمى من هؤلاء المواليد أو منحهم الهويات الشخصية.
حرمان الكرد من الجنسية السورية إحدى الأدوات التي اتبعها النظام للسيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية:
وطبقاً للتقرير فقد كان حرمان الكرد من الجنسية السورية إحدى الأدوات التي اتبعها النظام للسيطرة على الأراضي والممتلكات العقارية، وقد انعكس ذلك بشكل مباشر على حقهم في التملك العقاري. كما تطرق التقرير الى استغلال النظام الصعوبات التي تواجه المرأة السورية في قضايا الملكية والسكن للاستحواذ على حقوقها، لافتاً إلى أن أثراً إضافياً يقع على عاتق المرأة السورية، بسبب التحديات الخاصة التي تواجهها. وأخيراً أشار التقرير إلى افتعال مسألة التصاريح الأمنية التي استحدثتها الحكومة التابعة للنظام السوري عبر تعميم أصدرته في عام 2015 يقضي بجعل جميع المعاملات العقارية بحاجة إلى موافقة أمنية مسبقة. وقال إنَّ النظام استخدم هذه الموافقات كسلاح حرب في وجه المعارضين السياسيين.
القوانين والتشريعات التي سنها النظام السوري بعد آذار/ 2011 جاءت في إطار واحد، هو استغلال حالة النزاع المسلح الداخلي وتسريع عملية الاستيلاء على ممتلكات السوريين المعارضين له:
خلص التقرير إلى أن سيطرة النظام على العملية التشريعية مِن خلال جمعه السلطات (التشريعية، القضائية، التنفيذية) في يده جعل من القوانين التي صدرت بخصوص الملكيات العقارية سواء خلال مرحلة ما قبل آذار/ 2011 أو ما بعده تتسم بكونها خادمة لرؤية النظام ومشاريعه في الاستيلاء على الأملاك العقارية للسوريين وبشكل خاص الفئات الثلاثة: المشردين، المختفين قسرياً، القتلى غير المسجلين في السجل المدني.
وقال إن معظم القوانين والتشريعات التي سنها النظام السوري بعد آذار/ 2011 جاءت في إطار واحد، هو استغلال حالة النزاع المسلح الداخلي، وتسريع عملية الاستيلاء على ممتلكات السوريين المعارضين له، وبالأخص منهم الفئات الثلاثة. وأضاف أن النظام السوري لم يكتفِ بما وضعه من ترسانة قانونية للاستيلاء على أملاك المعارضين، بل قام أيضاً باستغلال قوانين غير مباشرة مثل “قانون الإرهاب” لكي يمنع المعارضين والفئات الثلاثة مِن التصرف بممتلكاتهم داخل سوريا من خلال العديد من الإجراءات البيروقراطية التي تجعل من التصرف في الملكية أمراً مستحيلاً.
واستنتج أن معظم القوانين العقارية التي تخص الملكيات هي قوانين متداخلة وغير واضحة بسبب الازدواجية وتنازع الاختصاص وضياع المرجعية بين الهيئات التنفيذية المسؤولة عن تطبيق هذه القوانين ومن هذه الهيئات: وزارة الإسكان ووزارة الإدارة المحلية بما فيها مجالس المحافظات والبلديات، وإدارة المصالح العقارية، ووزارة الدفاع، والهيئات واللجان المحدثة بموجب كل القوانين العقارية. وأضافَ أنَّ معظم القوانين التي أصدرها النظام السوري بخصوص التنظيم العقاري وإنشاء المناطق التنظيمية خاصة منها قانون 66 لعام 2012 وقانون 10 لعام 2018 جاءت بهدف واحد هو تسريع عملية نقل الملكية العقارية مِن المعارضين إلى جهات موالية للنظام الأمر الذي يضمن للأخير الاستفادة الاقتصادية والسياسية مِن الوضع القائم.
أكد التقرير بأن النظام السوري ومن أجل ضمان سيطرته المستقبلية على أملاك وأراضي الفئات الثلاثة، قام بوضع العديد من العراقيل الإدارية أمام وكلاء وأقارب هذه الفئات، منها تعقيد الإجراءات الإدارية، كاستخراج شهادات الوفاة للمتوفين واستحالة إثبات الوضعية القانونية للقتلى الذين لا يقوم بتسجيلهم في سجلات النفوس المدنية، واستحداث الموافقات الأمنية بالنسبة للاجئين والنازحين.
وخلصَ إلى أن معظم القوانين العقارية التي أصدرها النظام السوري تنتهك العديد من حقوق الإنسان، عبر مصادرة الملكيات وزيادة الضرائب والرسوم واشتراط الموافقات الأمنية لكثير من الإجراءات العقارية.
أوصى التقرير المجتمع الدولي والأمم المتحدة بإدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث، وفضح ممارساته في وضع قوانين ينهب من خلالها ممتلكات النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين. كما طالبهم بالتنسيق مع المنظمات الحقوقية لدعم عملية توثيق ما وضعه النظام من مراسيم وقوانين وفضح مدى انتهاكها للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإدانة كافة التبعات الناجمة عنها. وأكد أنه لا يمكن معالجة جذور المسألة العقارية في سوريا مع بقاء النظام السوري؛ لأنه السبب الأساسي وراء التعقيدات التي وصلت إليها، ويبقى الانتقال السياسي هو بداية الحل للمسألة العقارية في سوريا.
ودعا التقرير الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في سوريا إلى إيقاف تقديم أموال للنظام السوري من برامج إعادة بناء وتأهيل الأبنية، واستحداث آلية جديدة لذلك حتى لا توظف هذه الأموال في عملية انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو النازحين أو تدعم الكيانات التي تنتهكُ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…