مقتل ما لا يقل عن 30127 طفلا في سوريا منذ آذار 2011 بينهم 198 بسبب التعذيب، و5229 طفلا ما زال معتقلا أو مختفٍ قسريا
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها السنوي الثاني عشر عن الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا، وجاء في التقرير الصادر بمناسبة اليوم العالمي للطفل أنَّ ما لا يقل عن 30127 طفلاً قد قتلوا في سوريا منذ آذار 2011 بينهم 198 بسبب التعذيب، إضافةً إلى 5229 طفلاً ما زال معتقلاً أو مختفٍ قسرياً.
وقال التقرير – الذي جاء في 68 صفحة – إن سوريا قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993، كما صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل، وأشار التقرير إلى أن جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل إلا أن النظام السوري تفوق على جميع الأطراف من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي، وحمَّل التقرير اللجنة المعنية بحقوق الطفل والمنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل المسؤوليات القانونية والأخلاقية في متابعة أوضاع حقوق الطفل في سوريا ووضع حدٍّ للانتهاكات التي يمارسها النظام السوري.
يقول فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان:
“لقد تبين لنا من خلال قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان الممتدة على مدى 13 عاماً، أنَّ انتهاكات النظام السوري بحق الأطفال في سوريا كانت في قسم كبير منها مقصودة ومدروسة، وتهدف إلى إيقاع أكبر ألم ممكن بحق الأهالي والأحياء والقرى التي عارضت نظام الأسد وطالبت بضرورة التغيير السياسي، فلم يكتفِ النظام بقصف واعتقال الرجال بل تعمَّد في كثيرٍ من الأحيان استهداف أغلى ما لديهم وهم أطفالهم بهدف ردعهم، وإرهابهم، وكذلك إرسال رسالة تهديد إلى أحياء ومناطق أخرى من خطوة الانضمام إلى المطالبة بالتغيير السياسي، وهذا ما يفسر القصف المتكرر للمدارس ورياض الأطفال”.
سلَّط التقرير الضوء على جانب من الأوضاع الكارثية التي وصل إليها الأطفال في سوريا، واستعرض حصيلة لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا ضدَّ الأطفال منذ آذار/ 2011 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023، بشكل رئيس تلك التي وقعت بين تشرين الثاني/ 2022 و20/ تشرين الثاني/ 2023. وذلك حسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وأوردَ في هذا السياق عينة ممثلة بـ 10 روايات، جميعها تم الحصول عليها عبر حديث مباشر مع الشهود وليست مأخوذة من مصادر مفتوحة. وقد استند التقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار والتحقق منها وجمع أدلة وبيانات، إضافةً إلى تحليل مقاطع مصورة وصور نُشرت عبر الإنترنت.
وأشار التقرير إلى تعاون الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع آلية الرصد والإبلاغ في منظمة اليونيسف. كما أشار إلى سعي الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى ترشيح طفلة أو طفل من مناطق سورية مختلفة للحصول على جائزة السلام الدولية للأطفال وذلك تقديراً لجهودهم الاستثنائية في دعم أقرانهم الأطفال ونقل معاناتهم جراء الانتهاكات التي تعرضوا لها على خلفية النزاع المسلح في سوريا.
ركَّز التقرير على الانتهاكات الرئيسية الجسيمة التي تعرض لها الأطفال وعددها سبعة وهي القتل خارج نطاق القانون، الاحتجاز غير المشروع والاعتقال التعسفي والاختطاف والاختفاء القسري، التعذيب، العنف الجنسي، تجنيد الأطفال، والاعتداءات/الهجمات على المدارس ورياض الأطفال كالمدارس والمنشآت الطبية كالمستشفيات ومنع أو عرقلة وصول المساعدات. ووزَّع حصيلة الانتهاكات بحق الأطفال بناءً على جنسهم ذكوراً وإناثاً ووفقاً لأطراف النزاع التي ارتكبتها والسنوات التي ارتكبت فيها وأورد تحليلاً لكلٍّ منها، كما أجرى مقارنةً بين الحصيلة المجملة للانتهاكات ذاتها وبين حصيلة الانتهاكات التي سُجلت في التقرير السنوي للطفل في العام الماضي 2022. وأشار ما إذا كانت هذه الحصيلة قد ارتفعت أو انخفضت أو لم تتأثر مع المخططات البيانية لكُلٍّ منها.
سجَّل التقرير مقتل 30127 طفلاً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011، بينهم 23022 قتلوا على يد قوات النظام السوري، و2049 على يد القوات الروسية، و958 على يد تنظيم داعش، و74 على يد هيئة تحرير الشام، وأضافَ أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قد قتلت 260 طفلاً، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 1009 طفلاً، وقتل 926 طفلاً إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1829 طفلاً قتلوا على يد جهات أخرى. وأظهر تحليل البيانات أنَّ النظام السوري مسؤول عن قرابة 77 % من عمليات القتل خارج نطاق القانون، ووفقاً للمؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا فإنَّ عام 2013 كان الأسوأ من حيث استهداف الأطفال بعمليات القتل تلاه عام 2012 ثم 2014 ثم 2016.
على صعيد الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، والتعذيب قال التقرير إنَّ ما لا يقل عن 5229 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهم 3696 على يد قوات النظام السوري، و47 على يد هيئة تحرير الشام، و803 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و364 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وأضاف التقرير أنَّ 319 طفلاً منهم، كان قد اعتقلهم تنظيم داعش قبل انحساره ولا يزالون قيد الاختفاء القسري حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023. وقد أوردَ التقرير مؤشراً تراكمياً لحصيلة عمليات الاعتقال بحق الأطفال منذ آذار/ 2011، أظهر أنَّ عام 2014 كان الأسوأ، وكانت قرابة 71 % من عمليات الاعتقال التي سُجلت فيه على يد قوات النظام السوري.
تحدث التقرير عن قيام النظام السوري عن إخضاع النظام الأطفال للمحاكم الاستثنائية كمحكمة الميدان العسكرية ومحكمة قضايا الإرهاب دون تخصيص قاضي أحداث خاص بهم باستثناء حالات قليلة معدودة، وصدرت بحقهم العديد من الأحكام القاسية بالسجن لأعوام طويلة وحتى الإعدام. ذكر التقرير أنه تم تسجيل العديد من الحالات التي تم فيها اعتقال الأطفال وهم في عقد حياتهم الأول وأفرج عنهم وهم بالغون. وأن العديد من الأطفال تم نقلهم لحضور جلسات محاكمتهم وهم مقيدون وبثياب مهترئة وتظهر عليهم آثار التعذيب ونقص الغذاء بشكل واضح ووحيدون من دون أن يصحبهم محام أو أحد من ذويهم، ولم يستمع القاضي لأقوالهم أو يراعي سنهم، ويعتبر قضاء الأحداث هو المختص دون سواه في محاكمة الأحداث الجانحين من ناحية الاختصاص الشخصي والنوعي والمكاني، وهو اختصاص مستقل ومطلق ولا يجوز لمحكمة أخرى أن تحاكمهم وإن كانت استثنائية ذات اختصاص بموجب قانون.
وطبقاً للتقرير فغالباً ما يتعرض الأطفال للتعذيب منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وقد يُفضي التعذيب إلى موت الطفل المعتقل وقد لا يُفضي، وقد سجل التقرير مقتل 198 طفلاً بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار/ 2011، بينهم 190 قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، فيما قضى 2 في مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام، و1 لدى كلٍّ من تنظيم داعش والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وقتل 2 طفلاً بسبب التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية و2 طفلاً على يد جهات أخرى.
وثق التقرير تعرض ما لا يقل عن 1681 من المدارس ورياض الأطفال في سوريا لاعتداءات من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة، منذ آذار/ 2011 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023 ووثق ما لا يقل عن 889 حادثة اعتداء على منشآت طبية. واعتبر التقرير أنَّ مخلفات الأسلحة التي استخدمها النظام السوري وحلفاؤه في قصف المناطق غير الخاضعة لسيطرته بشكل واسع ودون تمييز من أبرز المخاطر التي تهدد حياة المدنيين وبشكل خاص الأطفال وتأتي في مقدمتها الذخائر العنقودية ذات الطبيعة العشوائية، وقد سجَّل مقتل ما لا يقل عن 889 طفلاً عبر المئات من حوادث انفجار الألغام الأرضية المضادة للأفراد في سوريا.
وسجل التقرير ما لا يقل عن 24 طفلاً من المختفين لدى قوات النظام السوري تم تسجيلهم على أنهم متوفون في دوائر السجل المدني، وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023، لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يسلم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
سجل التقرير ما لا يقل عن 1493 حالة تجنيد لأطفال ضمن صفوف قوات النظام السوري يتوزعون إلى 1167 ذكراً و326 أنثى، وتسبَّبت عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات النظام في مقتل ما لا يقل عن 67 طفلاً منهم في ميادين القتال، فيما سجل تسريح قرابة 109 أطفال من مجمل حالات التجنيد، ولا يزال ما لا يقل عن 1317 طفلاً قيد التجنيد لدى قوات النظام السوري يتوزعون إلى 1083 ذكراً و234 أنثى، وتشمل جميع حالات التجنيد المسجلة من هم دون سن 18 عام طوال الأعوام الماضية، وبسبب استمرار ارتفاع عمليات التجنيد وانخفاض عمليات التسريح فإنه عادةً لا تتأثر الحصيلة بشكل كبير، إذ أنَّ كلَّ طفلٍ يُسَّرح يقابله تجنيد أطفال آخرون غيره، وأكد التقرير أن قوات النظام السوري عبر المليشيات التابعة لها المحلية والأجنبية مسؤولة عن قرابة 65% من حصيلة عمليات التجنيد بحق الأطفال، تليها قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأطفال جزء أساسي من قواتها.
قال التقرير إن قوات النظام السوري مارست العنف الجنسي تجاه الأطفال بعدة أنماط، وأشار إلى ما لذلك من تداعيات جسدية ونفسية طويلة الأمد على الأطفال الضحايا، وسجل في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 539 حادثة عنف جنسي لأطفال.
وقال التقرير إن هجمات القوات الروسية بالذخائر العنقودية تحديداً قد تسبَّبت في مقتل 67 طفلاً منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، كما تسبَّبت عملياتها العسكرية في تضرر ما لا يقل عن 221 مدرسة وما لا يقل عن 209 منشآت طبية.
واستعرَض التقرير انتهاكات هيئة تحرير الشام، التي إضافةً إلى عمليات القتل والاحتجاز، أنشأت عشرات مراكز تدريب خاصة بالأطفال وألحقتهم بدورات عسكرية وشرعية متزامنة بهدف التأثير على معتقداتهم وقيمهم وحثهم على حمل السلاح والقتال في صفوفها، وغالباً ما اتبعت العديد من أساليب تنظيم داعش في تجنيد الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم لضمان ولائهم وبقائهم مدة أطول. وقد وثق التقرير اعتداء الهيئة على 3 مدارس و2 من المنشآت الطبية حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023.
تحدث التقرير عن استخدام قوات سوريا الديمقراطية الأطفال في عمليات التجنيد القسري على نطاق واسع، على الرغم من توقيع الإدارة الذاتية الكردية على خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة لوقف عمليات تجنيد الأطفال في صفوف قواتها وتسريح من تم تجنيده منهم، وتوقيع وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة على صكِّ التزام مع منظمة نداء جنيف في حزيران 2014 لحظر استخدام الأطفال في الحروب، إلا أن عمليات التجنيد لم تنتهِ، وقد وثَّق التقرير ما لا يقل عن 296 طفلاً لا يزالون قيد التجنيد لدى قوات سوريا الديمقراطية. إضافةً إلى مقتل قرابة 260 طفلاً منذ تأسيس قوات سوريا الديمقراطية. كما سجَّل التقرير اعتداء قوات سوريا الديمقراطية على ما لا يقل عن 37 مدرسة وما لا يقل عن 12 منشأة طبية حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023.
أوردَ التقرير أبرز الانتهاكات التي مارستها جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وقال إنه إضافةً إلى عمليات القتل والاحتجاز، فقد جندت فصائل المعارضة المسلحة الأطفال ضمن صفوف قواتها مستغلةً الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الطفل، وبحسب التقرير فإنَّ 12 طفلاً قتلوا خلال مشاركتهم في ميادين القتال إلى جانب فصائل في المعارضة المسلحة. كما سجل ما لا يقل عن 37 مدرسة و15 منشأة طبية تعرضت لاعتداءات على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني حتى 20/ تشرين الثاني/ 2023.
استعرض التقرير أبرز تداعيات الانتهاكات الجسيمة التي مورست ضد الأطفال على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للطفل وبشكل خاص على التعليم وانتشار عمالة الأطفال واستخدامهم في المخدرات وظروف العيش في المخيمات. وفي هذا السياق أشار التقرير إلى إقحام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً في تجارة المخدرات وبشكل خاص حبوب الكبتاغون المنتشرة في العديد من المناطق السورية وبشكل خاص في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، ويسيطر عليها النظام السوري بشكل مركزي ويتحكم في شبكاتها.
أكَّد التقرير أنَّه على الرغم من ترسانة القوانين الدولية التي تُعنى بحقوق الطفل وتهدف إلى حمايتها في جميع الأوقات، إلا أّنَّ الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا لم تتوقف منذ قرابة أحد عشر عاماً، ولم تحترم أيٌّ من أطراف النزاع تلك القوانين، بمن فيهم النظام السوري الذي صادق على اتفاقية حقوق الطفل، لكنها لم تردعه عن ارتكاب انتهاكات بحق الأطفال يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية عبر القتل خارج نطاق القانون، الإخفاء القسري، التعذيب، وجرائم حرب عبر عمليات التجنيد الإجباري، وأضافَ التقرير أنَّ كثيراً من الانتهاكات التي مارستها بقية أطراف النزاع بحق الأطفال قد تشكل جرائم حرب إن ارتكبت على خلفية النزاع، وانتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان إذا تم ارتكابها بحق الأطفال الخاضعين لهذه القوات.
أوصى التقرير المجتمع الدولي بضرورة تأمين حماية ومساعدة للأطفال المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين، وخصوصاً الفتيات منهن ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً.
وشدَّد التقرير على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة قانونياً وسياسياً ومالياً بحق النظام السوري وحلفائه، وبحق جميع مرتكبي الانتهاكات في النزاع السوري للضغط عليهم للالتزام باحترام حقوق الأطفال. والوفاء بالالتزام بالتبرعات المالية التي تم التعهد بها. ومساعدة دول الطوق وتقديم كل دعم ممكن لرفع سويِّة التعليم والصحة في هذه الدول التي تحتضن العدد الأعظم من الأطفال اللاجئين. كما طالب بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة.
أوصى التقرير أن يتم تنسيق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضرراً، وتجنُّب ضغوط وابتزاز النظام السوري بهدف تسخير المساعدات لصالحه. وتخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الأطفال مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بالفتيات اللاتي تأثرن بالانتهاكات بشكلٍ مباشر.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…