ما لا يقل عن 206 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في عام 2023، 69٪ منها كانت على يد قوات النظام السوري
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي- أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الأول 2023، وقالت إن ما لا يقل عن 206 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية في عام 2023، 69٪ منها كانت على يد قوات النظام السوري.
استعرَض التَّقرير -الذي جاء في 29 صفحة- حصيلة أبرز الانتهاكات التي وثقها في شهر كانون الأول 2023، من حصيلة الضحايا المدنيين، الذين قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، إضافةً إلى حصيلة حالات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، وسلَّط الضوء على عمليات الاعتداء على الأعيان المدنيَّة، التي تمكن من توثيقها.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
سجَّل التقرير في كانون الأول مقتل 91 مدنياً، بينهم 14 طفلاً و13 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد جهات أخرى. كما سجل مقتل 11 شخصاً بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 232 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 17 طفلاً، و6 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في كانون الأول، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدمشق تليهما حلب.
وثق التقرير في عام 2023 ما لا يقل عن 206 حادثة اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، 148 من هذه الهجمات كانت على يد قوات الحلف السوري الروسي. كانت 78 من هذه الهجمات على منشآت تعليمية (مدارس ورياض أطفال)، و18 على منشآت طبية، و33 على أماكن عبادة. وبحسب التقرير فقد شهد كانون الأول ما لا يقل عن 21 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، من بينها 10 حوادث اعتداء على منشآت تعليمية و1 حادثة اعتداء على مكان عبادة. وجاء في التقرير أنّ شهر تشرين الأول سجل أعلى حصيلة لحوادث الاعتداء على المراكز الحيوية المدنية خلال عام 2023 بنسبة وصلت قرابة 42 % من الحصيلة الإجمالية المسجلة في العام، تلاه أيلول بنسبة بلغت نحو 25 %.
سجل التقرير في كانون الأول استمرار في الهجمات الأرضية التي تنفذها قوات النظام السوري على شمال غرب سوريا، ورصد عمليات قصف متفرقة تركزت على قرى وبلدات في ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي، القريبة من خطوط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة، كما طال القصف مدينة إدلب وقرى وبلدات ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي البعيدة عن خطوط التماس، وذكر أن بعض هذه الهجمات استهدفت مناطق مدنية حيوية؛ ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين إضافةً إلى تضرر العديد من المرافق المدنية الخدمية. رصد التقرير استمرار الهجمات الجوية من القوات الروسية على شمال غرب سوريا، التي تركزت على مناطق قريبة من خطوط التماس في محافظة إدلب. كما رصد استمرار خروج احتجاجات مدنية سلمية للشهر الخامس على التوالي في محافظة السويداء الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وكانت المظاهرات تجدد الإشارة إلى مسؤولية بشار الأسد عن تردي الأوضاع في البلاد، وتطالب بتغيير النظام السوري.
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي وحقوقي غير مسبوق تشهده سوريا. وسجل التقرير استمرار في القصف المدفعي التي تنفذه قوات النظام السوري على مناطق في شرق محافظة دير الزور الواقعة على ضفة نهر الفرات الشرقية والتي تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية التي تقوم بقصف مماثل على المناطق الواقعة على الضفة الغربية للنهر والتي تسيطر عليها قوات النظام السوري؛ أسفر هذا القصف المتبادل الذي ترافق مع اشتباكات متقطعة بين عناصر الطرفين عن تضرر في بعض الأبنية السكنية والمرافق العامة دون تسجيل خسائر أو إصابات في صفوف المدنيين.
على صعيد الاشتباكات التي شهدتها مناطق في محافظة دير الزور منذ 27/ آب المنصرم، بين عشائر في محافظة دير الزور والمجلس العسكري في دير الزور من طرف وقوات سوريا الديمقراطية من طرف آخر، سجل التقرير في كانون الأول استمرارها على نحو متقطع حيث إنها تندلع بين الحين والآخر في مناطق شرق دير الزور. وسجل سقوط قذائف مصدرها مواقع تتمركز فيها الميليشيات الإيرانية -ضمن مناطق سيطرة قوات النظام السوري- على عدة مواقع تتمركز فيها قواعد تابعة لقوات التحالف الدولي التي بدورها قامت بهجمات أرضية بالصواريخ على مقرات هذه الميليشيات شرق دير الزور، وسجل استهداف طيران مسير عن بعد قواعد تابعة للتحالف الدولي وأيضاً لمقرات تابعة للميليشيات الإيرانية بريف دير الزور الشرقي –لم يتمكن التقرير من تحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات بطائرات مسيرة حتى لحظة إعداد التقرير-.
على صعيد التفجيرات، سجل التقرير في كانون الأول مقتل 10 مدنيين، بينهم 1 طفلاً و2 سيدة (أنثى بالغة)، إثر انفجار ألغام أرضية، وقد بلغت حصيلة الضحايا بسبب الألغام منذ بداية عام 2023، 114 مدنياً بينهم 26 طفلاً و11 سيدة. وأشار التقرير إلى استمرار عمليات اغتيال مدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظات السويداء ودرعا ودير الزور.
وفقاً للتقرير فقد استمر الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني في مناطق سيطرة قوات النظام السوري بالتدهور على كافة المستويات، وقال إن سياسة التقنين لا تزال تُطبق من قبل حكومة النظام السوري وما زاد من معاناة بعض المناطق هو ارتفاع كلفة الاشتراك الأسبوعي بأمبيرات الموالدات وأضاف أن قطاع المياه شهد زيادةً على أسعار الشرائح للمشتركين. وذكر التقرير أن مناطق سيطرة قوات النظام السوري لا تزال تشهد ارتفاعات مستمرة في كافة الأسعار، وبشكل خاص أسعار المواد الغذائية والخضراوات واللحوم الحمراء ولحم الفروج، وقد شهد قطاع اللحوم الحمراء زيادة غير مسبوقة بعد سماح حكومة النظام السوري بتصدير الأغنام ورؤوس الماشية الأخرى.
طبقاً للتقرير، لا يزال المدنيون يعانون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة في شمال غرب سوريا، بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية، كل ذلك في ظل نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين، وتدهور سعر صرف الليرة التركية وهي العملة المتداولة في شمال غرب سوريا.
أما في شمال شرق سوريا، استمر الوضع المعيشي والأمني بالتدهور، حيث لا تزال المنطقة تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، نتيجة عدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق، وما زال استمرار الاشتباكات في محافظة دير الزور للشهر الرابع على التوالي يؤثر على المدنيين في هذه المناطق ويزيد من معاناتهم في صعوبة تأمين المياه والمستلزمات اليومية من الغذاء والدواء.
رصد التقرير استمرار معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، ووصول الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، إضافةً إلى الارتفاع المستمر في الأسعار وخصوصاً أسعار المواد الغذائية، وانتشار البطالة ضمن المخيمات وانعدام القدرة الشرائية، كما رصد اندلاع الحرائق ضمن مخيمات عدة، و تضرر العديد من مخيمات النازحين في شمال غرب سوريا إثر الأحوال الجوية السيئة التي أدت إلى أضرار متفاوتة في العشرات من خيام النازحين. وسجل التقرير في شمال شرق سوريا، استمرار معاناة النازحين في عدد من مخيمات النازحين العشوائية الواقعة بريف دير الزور الغربي الناتجة عن نقص الخدمات الأساسية وعدم توفر المياه والكهرباء وزاد عليهم دخول فصل الشتاء والأحوال الجوية السيئة المرافقة له.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وأكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي، بشكل خاص القرار رقم 2139، والقرار رقم 2042 المتعلِّق بالإفراج عن المعتقلين، والقرار رقم 2254 وكل ذلك دون أية محاسبة.
وبحسب التقرير فإنَّ عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفَّذتها قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وأوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
كما طالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق، التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
دعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوصى التقرير كلاً من لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
طالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.
كما أكَّد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها. وأضاف أن على قوات سوريا الديمقراطية التَّوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتَّعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تمَّ اعتقالهم بهدف عمليات التَّجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وأخيراً شدَّد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية…