ما لا يقل عن 817 مدنياً صدرت ضدهم قرارات جماعية بالحجز الاحتياطي من قبل النظام السوري في بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق منذ مطلع عام 2024
اللغات
متاح بالـ
لاهاي – أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريراً بعنوان “النظام السوري يستخدم الحجز الاحتياطي على الأموال كأداة عقاب جماعية“، كشفت فيه أنَّ ما لا يقل عن 817 مدنياً صدرت ضدهم قرارات جماعية بالحجز الاحتياطي من قبل النظام السوري في بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق منذ مطلع عام 2024.
يندرج هذا التقرير ضمن إطار التقارير التي تقوم من خلالها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بدراسة القرارات الإدارية ذات الأبعاد القانونية التي تصدرها المؤسسات الرسمية التابعة للنظام السوري وأثرها على الفئات المستهدفة منها، ويركِّز التقرير بشكل خاص على قرارات الحجز الاحتياطي للأموال المنقولة والغير منقولة، التي صدرت منذ مطلع عام 2024 وحتى حزيران/ 2024، ضد أبناء بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق. وذلك بناءً على تسجيل الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قيام وزارة المالية في حكومة النظام السوري بإصدار مئات من قرارات الحجز الاحتياطي الجديدة وغير المسجلة سابقاً ضد أبناء بلدة زاكية في الفترة المشار إليها في التقرير.
قال التقرير الذي جاء في 14 صفحة، إنَّ سياسة الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة من قبل النظام السوري تعد أحد أبرز الأساليب الفعَّالة التي يستخدمها كأداة لتحقيق موارد مالية إضافية لخزينته من خلال الاستيلاء على الأموال المشمولة بالحجز والتصرف بها فيما بعد، وكعقوبة ضد معظم من عارضه وعائلاتهم، عبر تطبيق مزيد من التضييق والقيود القانونية والاجتماعية والاقتصادية ضدهم، وتظهر الوثائق الخاصة بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري التي تحتفظ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بنسخ عنها في أرشيفها، أنَّ المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، والمشردين قسرياً داخل وخارج سوريا من أوسع وأبرز المتأثرين بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن النظام السوري التي تتحول في معظمها لقرارات حجز تنفيذي ومصادرة فيما بعد.
وذكر التقرير أنَّه منذ نهاية عام 2023 بدأت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان برصد توجيه وتركيز هذه السياسة ضد مناطق محددة، كانت خارجة عن سيطرته وخضعت لاتفاقيات تسوية، لتكون أكثر تمييزية وشمولية ومبنية على أساس أمني وانتقامي، ومفتقرة لمبادئ العدالة والشفافية في جميع الإجراءات المتعلقة بها ومتجاوزة للقوانين الدولية والتشريعات المحلية.
بحسب التقرير، فإنَّه منذ بداية عام 2024 كثَّفت الجهات الرسمية التنفيذية في النظام السوري إصدار القرارات الخاصة بالحجز الاحتياطي للأموال المنقولة والغير منقولة ضد أهالي بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق، وذلك من خلال القرارات التي أصدرتها وزارة المالية، استندت هذه القرارات بشكل أساسي إلى المرسوم التشريعي رقم /63/ لعام 2024، بالإضافة إلى الكتب/ البرقيات الصادرة عن الفرع 285 وهو فرع التحقيق التابع لإدارة المخابرات العامة “أمن الدولة” في مدينة دمشق. ولم تصدر هذه القرارات عن أية جهة قضائية، وإنَّما من خلال الصلاحيات الواسعة التي منحها النظام السوري للعديد من الجهات الرسمية التنفيذية لديه في إصدار قرارات الحجز الاحتياطي أو الإداري على الأموال والممتلكات ومصادرتها، وبشكل رئيس وزارة المالية بذريعة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد توسعت هذه الصلاحيات ليشمل الحجز على أموال زوجات المطلوب الحجز عليهم، وذلك بخلاف الحجز القضائي الذي يشمل فقط الذمة المالية للمحجوز عليه دون غيره.
وثَّق التقرير ما لا يقل عن 13 قراراً جماعياً بالحجز الاحتياطي شملت ما لا يقل عن 817 مدنياً، بينهم 273 سيدة، و12 طفلاً صدرت عن وزارة المالية لدى النظام السوري في محافظة ريف دمشق منذ كانون الثاني 2024 وحتى حزيران 2024، وكان شهر شباط 2024 الأعلى من حيث عدد قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية لدى النظام السوري، والأعلى من حيث حصيلة المدنيين الذين استهدفوا بتلك القرارات. وتضمَّنت هذه القرارات لوائح بأسماء لأشخاصٍ مختفين قسرياً في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، ومفقودين، وأشخاصٍ أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية، وآخرين ملاحقين من قبل الأجهزة الأمنية، بما في ذلك المهجرين والنشطاء.
وأظهرت المخططات البيانية الواردة في التقرير أنَّ الفئة الأوسع التي استهدفها النظام السوري بقرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عنه في بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق هم ممن أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية لدى اللجنة العسكرية والأمنية التي شكَّلها النظام السوري عقب سيطرته على بلدة زاكية في كانون الثاني 2017، مما يؤكد أنَّ النظام السوري يتبع سياسة عقاب ممتدة مع أهالي البلدة، ثم المشردون قسرياً من مهجرين داخلياً أو لاجئين خارج سوريا. مؤكداً أنَّ وزارة المالية أو أي جهة رسمية أخرى تابعة للنظام السوري، لم تقم بإبلاغ المستهدفين الذين طالتهم قرارات الحجز بشكل رسمي، وعلم معظم المستهدفين فيها عبر علاقاتهم مع العاملين في دوائر السجل العقاري والبلدية، وآخرون علموا بها بعد انتشار بعض هذه الوثائق على وسائل التواصل الاجتماعي، أو عن طريق الصدفة أثناء إجرائهم لمعاملات عقارية في مديرية السجل العقاري في محافظة ريف دمشق.
استنتج التقرير أنَّ قرارات الحجز الاحتياطي التي أصدرتها وزارة المالية ضد أهالي بلدة زاكية في محافظة ريف دمشق لا تستند في الأصل إلى أية معايير قضائية، وإنَّما جاءت عبر قرارات أمنية، مما يؤكد أنَّ الأجهزة الأمنية تتحكم في كافة مفاصل مؤسسات الدولة وتسخرها وفق مصالحها. وأنَّ القانون المتعلق بإدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب حكم قضائي مبرم أكثر التشريعات سوءاً في ناحية سلب الملكية.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة الإسراع في تطبيق الحل السياسي في سوريا استناداً إلى بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2118، و2254، مما يساهم في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإيقاف التعذيب وإنهاء المحاكم الاستثنائية الأمنية. وإدانة هيمنة النظام السوري على السلطات الثلاث، وفضح ممارساته في وضع قوانين ينهب من خلالها ممتلكات النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين.
كما دعا المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى تقديم صورة واضحة عن مدى وحشية القوانين التي أصدرها النظام السوري إلى مجلس الأمن ومختلف دول العالم، إلى غير ذلك من توصيات.