النظام السوري انتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية وبلغت العديد من الانتهاكات حدَّ الجرائم ضد الإنسانية
اللغات
متاح بالـ
لاهاي – قالت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير موجز أصدرته اليوم إنَّها قدمت تقريراً إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في دورتها الـ 141، مشيرةً إلى أنَّ النظام السوري انتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية وبلغت العديد من الانتهاكات حد الجرائم ضد الإنسانية.
وقد ناقشت اللجنة في تموز الجاري/ 2024، التقرير الدوري الرابع للجمهورية العربية السورية بشأن التزامها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها اللجنة بمراجعة حالة حقوق الإنسان في سوريا والتزام النظام الحاكم بالعهد، منذ اندلاع الحراك الشعبي في سوريا في آذار 2011.
جاء في التقرير أنَّ النظام السوري برئاسة بشار الأسد لم يقدم أي تقرير للجنة منذ عام 2004، بل قدَّم التقرير الرابع، الذي كان قد حلَّ موعد تقديمه في عام 2009، قدَّمه للجنة في 29/ كانون الأول/ 2021، وهو بالتالي مستمر في إهماله واحتقاره لحقوق الإنسان ومبادئ العهد الدولي السياسية والمدنيَّة، إضافةً إلى ذلك، وعلى اعتبار أنَّ سوريا قد تعرضت لموجة هائلة من انتهاكات حقوق الإنسان على يد السلطة الحاكمة ما بعد اندلاع الحراك الشعبي في سوريا في آذار/ 2011، فكان يفترض باللجنة أن تطلب من النظام السوري إعداد تقارير إضافية عن التقارير الدورية، أو تقديم موعد تقديم التقرير الدوري.
وقال التقرير إنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قامت بمراجعة تقرير حكومة النظام السوري المقدم للجنة، والذي أشار إلى التزام كبير بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية للشعب السوري، وقدمت تقريراً موازياً يتضمن دحضاً للعديد من البنود التي وردت في تقرير حكومة النظام السوري. وأظهر أنَّ سوريا بلغت المستويات الدنيا في العديد من حقوق الإنسان الأساسية، وأصبحت من أسوأ دول العالم في ممارسة أنماط عديدة من الانتهاكات، فمع استمرار النظام السوري بقيادة بشار الأسد في حكم سوريا، وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ارتكاب قوات النظام السوري وبشكل خاص الأجهزة الأمنية عمليات قتل واعتقال وإخفاء قسري، وتعذيب وتضييق على الحريات، وبلغت في كثير منها حدَّ الجرائم ضد الإنسانية، وقد انتهك النظام السوري العديد من بنود العهد، والعديد من حقوق الإنسان ذات الصلة به. وقد استند التقرير المقدم من الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان على قاعدة بياناتها، وركز بشكل أساسي على الحقِّ في الحياة والحقِّ في الحرية والأمان الشخصي، والانتهاكات ذات الصلة بعمليات الاعتقال والاحتجاز غير المشروع والاختفاء القسري، والتعذيب والعقوبات والمعاملة اللاإنسانية، وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وحرية اعتناق آراء سياسية، وتشكيل الأحزاب السياسية، والمشاركة في انتخابات حرَّة، إضافة إلى الانتهاكات ذات الصلة بقضية اللاجئين والنازحين وحرية التنقل، وقدَّم إحصائيات لأبرز تلك الانتهاكات منذ آب/ 2020 حتى حزيران/ 2024. كما تناولَ البنية القانونية والدستورية ونطاق الالتزام الدولي لسوريا بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، موضحاً أنَّ المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سوريا لم تنعكس في دستور/ 2012، ولا في القوانين والتشريعات المحلية، بل إنَّ الدستور الحالي يتضمَّن انتهاكاتٍ صارخة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان.
وخلصَ إلى أنَّ النظام السوري مارس عمليات التعذيب، وكانت منهجية، وواسعة النطاق ووصلت إلى انتهاك حقِّ الحياة وشكَّلت خرقاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وثبت أنَّ النظام السوري على علم تام بها، وعلى يقين بأنَّ ظروف الاحتجاز اللاإنسانية سوف تؤدي حتماً إلى الوفاة، واتخذ قراراً بتنفيذها وفق سلسلة القيادة التي تبدأ من رئيس الجمهورية وترتبط به مباشرةً وزارتا الدفاع والداخلية ومكتب الأمن القومي/ الوطني، وما يرتبط به من الأجهزة الأمنية.
وأوضح كذلك أنَّ سياسة التشريع في سوريا قد جُردت من كافة المعايير الضابطة للتشريعات وخاصةً المرتبطة بالنزاع، وانتهكت القواعد الدستورية والقانونية في كثير من التشريعات، وتفتقر السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب للاستقلالية، ويتحكم بها بشكل كامل السلطة التنفيذية حتى على صعيد اختيار أعضائها، فضلاً عن التحكم في القوانين الصادرة عنها.
ووفقاً لتقريرها الصادر اليوم فإنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قد شاركت في 10/ تموز/ 2024 في جلسة الإحاطة غير الرسمية وقدَّمت إجابات لأعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان حول قضايا وتساؤلات طرحها الأعضاء. وفي اليومين التاليين 11 و12/ تموز انعقدت الجلسات الرسمية بشأن سوريا؛ لاستعراض التقرير الذي قدَّمه النظام السوري. كما شاركت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في جلسة إحاطة رسمية، عبر إرسال مقطع مصَّور تضمَّن بياناً استعرض أبرز ما ورد في تقريرها المقدم للجنة، كما تضمَّن توصيات لها أيضاً.
وقد رحَّب التقرير بما أصدرته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من توصيات، وقدَّم تعقيباً على بعضٍ مما جاء في الملاحظات الختامية.