من بينهم 17 شخصاً من اللاجئين العائدين من لبنان
اللغات
متاح بالـ
بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل):
لاهاي – قالت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ ما لا يقل عن 213 حالة احتجاز تعسفي بينهم 8 أطفال، و1 سيدة، قد تمَّ توثيقها في تشرين الأول/أكتوبر 2024، وأشارت إلى أنَّ النظام السوري اعتقل 17 شخصاً من المعادين قسرياً من لبنان.
التقرير، الذي جاء في 19 صفحة، أوضح أنَّ الاعتقالات التعسفية المستمرة أدت إلى زيادة كبيرة في حالات الاختفاء القسري، ما جعل سوريا واحدة من أسوأ الدول على مستوى العالم في إخفاء مواطنيها. وأضاف التقرير أنَّ النظام السوري يسيطر بشكل مطلق على السلطتين التشريعية والقضائية، مما أتاح له إصدار قوانين ومراسيم تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، إضافة إلى انتهاكها مبادئ الدستور السوري لعام 2012. كما أشار التقرير إلى أنَّ النظام قام بشرعنة جريمة التعذيب، رغم أنَّ الدستور وقانون العقوبات يحظران التعذيب والاعتقال التعسفي، إلا أنَّ بعض النصوص القانونية تتعارض مع ذلك، مثل القانون رقم /16/ لعام 2022، الذي يشرعن الإفلات من العقاب.
واستعرض التقرير حصيلة عمليات الاعتقال التعسفي وعمليات الإفراج من مراكز الاحتجاز، موضحاً أنَّ الحالات الموثَّقة لا تشمل عمليات الخطف التي لم يُحدد الجهة المسؤولة عنها، ولا الأشخاص المحتجزين بسبب جرائم جنائية كالمخدرات والقتل، حيث ركز التقرير على الحالات ذات الطابع السياسي أو المرتبطة بالنزاع المسلَّح. كما أشار إلى القوانين والمراسيم التي أصدرتها أطراف النزاع المتعلقة بقضايا الاعتقال والاختفاء القسري خلال الفترة المذكورة، معتمداً على منهج وصفي وتحليلي.
وفقاً للتقرير، تم توثيق 194 حالة اختفاء قسري من بين 213 حالة احتجاز تعسفي. حيث كانت 131 حالة منها على يد قوات النظام السوري، بينهم 3 أطفال و1 سيدة. كما وثّق التقرير 18 حالة اعتقال على يد فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني، و43 حالة على يد قوات سوريا الديمقراطية، بينهم 4 أطفال، إضافة إلى 21 حالة على يد هيئة تحرير الشام بينهم 1 طفل.
أظهر التحليل الجغرافي للبيانات أنَّ محافظة حلب سجلت العدد الأعلى من حالات الاعتقال التعسفي، تليها محافظة دمشق تليها محافظتي ريف دمشق وحمص، تليها محافظة إدلب، ثم دير الزور، ثم حماة. وأبرز التقرير مقارنة بين حصيلة الاعتقالات وعمليات الإفراج، حيث أشار إلى أنَّ عمليات الإفراج تمثَّل 30 % وسطياً من حالات الاعتقال المسجلة، مما يعني أنَّ عمليات الاحتجاز تفوق عمليات الإفراج بشكل كبير، خاصة لدى النظام السوري، ما يعزز الاستنتاج بأنَّ الاعتقال التعسفي هو نهج مستمر لدى جميع أطراف النزاع، وخاصةً في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري.
أشار التقرير إلى رصد عمليات اعتقال/احتجاز استهدفت اللاجئين العائدين من لبنان، الذين فروا من تصاعد الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان منذ 23 أيلول/سبتمبر. جرت هذه الاعتقالات عند المعابر الحدودية الرسمية وغير الرسمية بين سوريا ولبنان، حيث تم اقتياد معظمهم إلى مراكز الاحتجاز الأمنية والعسكرية في محافظات حمص ودمشق وحلب. وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال ما لا يقل عن 17 شخصاً من اللاجئين، معظمهم من أبناء محافظة إدلب، وكان السبب الرئيس وراء الاعتقال هو التجنيد الإلزامي والاحتياطي ودخول البلاد بطريقة غير رسمية.
أوضح التقرير أنَّ قوات النظام السوري نفذت عمليات اعتقال/احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين لم تستثنِ الأطفال منهم، بذريعة الانتماء لتنظيم داعش، وذلك إثر حملة دهم واعتقال قامت بها عناصر تابعة لفرع الأمن الجوي التابع لقوات النظام السوري داخل المشفى الوطني في مدينة السويداء.
كما أشار التقرير إلى أنَّ قوات النظام السوري نفذت عمليات اعتقال موسعة طالت مدنيين في محافظات ريف دمشق ودمشق وحماة وحلب، تحت ذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية. تمت معظم هذه الاعتقالات خلال حملات دهم جماعية أو عند نقاط التفتيش، كما شملت أشخاصاً سبق أن أجروا تسويات لأوضاعهم الأمنية. وأكد التقرير أنَّ هذه الاعتقالات كانت في كثير من الأحيان تهدف إلى الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية.
وأضاف التقرير أنَّ النظام السوري ما زال مستمراً في انتهاك قرار محكمة العدل الدولية الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، والذي صدر بناءً على طلب كندا وهولندا في إطار تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب. تستمر انتهاكات النظام عبر عمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.
من جهة أخرى، وثَّق التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، حيث نفذت حملات دهم جماعية استهدفت مدنيين بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش. بعض هذه العمليات تمت بدعم من مروحيات التحالف الدولي. كما تم رصد اعتقالات طالت مدنيين بتهمة التعامل مع الجيش الوطني، وأخرى استهدفت مدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، خاصة في محافظة حلب كما أشار التقرير إلى أنَّ قوات سوريا الديمقراطية نفذت عمليات اعتقال استهدفت مدنيين أثناء مشاركتهم في التظاهرات الشعبية المناهضة لقوات سوريا الديمقراطية التي تنتقد المناهج التعليمية التي فرضتها في مناطق سيطرتها وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة منبج في ريف محافظة حلب.
أشار التقرير أيضاً إلى استمرار خطف الأطفال من قبل قوات سوريا الديمقراطية، حيث يتم تجنيدهم قسرياً في معسكراتها، مع منع عائلاتهم من التواصل معهم أو معرفة مصيرهم.
بحسب التقرير، شهد شهر تشرين الأول/أكتوبر عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام استهدفت مدنيين، وتركزت هذه العمليات في محافظة إدلب وبعض مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرتها. شملت الاعتقالات نشطاء إعلاميين وسياسيين ووجهاء محليين، وكان معظمها بسبب انتقادهم لسياسات الهيئة في إدارة المناطق التي تسيطر عليها. تمت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية، عبر مداهمات واقتحام المنازل، حيث تم تكسير الأبواب وخلعها، أو من خلال خطف الأشخاص من الطرقات أو نقاط التفتيش المؤقتة. سجل التقرير أنَّ معظم هذه العمليات جاءت ضمن حملات دهم جماعية، أو عند نقاط التفتيش التابعة للهيئة في محافظة إدلب، حيث استهدفت أشخاصاً على خلفية مشاركتهم في المظاهرات المناهضة للهيئة. كما وثَّق التقرير اعتقالات استهدفت أشخاصاً على خلفية انتمائهم لحزب التحرير الإسلامي المعارض للهيئة، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة إدلب.
من جهة أخرى، قامت فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني بتنفيذ عمليات اعتقال تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء، حيث تركزت هذه العمليات بشكل جماعي واستهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري أو قوات سوريا الديمقراطية. رصد التقرير حالات اعتقال ذات طابع عرقي، تركزت في مناطق سيطرة الجيش الوطني في محافظة حلب، وغالباً ما تمت هذه الاعتقالات دون إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة المخوَّل قانونياً بتنفيذ عمليات الاعتقال. أشار التقرير إلى اعتقالات استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، خاصة في قرى تابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب. كما سجل التقرير عمليات اعتقال استهدفت نازحين عادوا إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وتركزت في مدينة عفرين.
الإفراجات:
على صعيد الإفراجات، وثَّق التقرير إفراج النظام السوري عن 9 أشخاص، بينهم 1 طفل. حالة واحدة فقط كانت مرتبطة بقانون العفو 7/2022 الصادر عن النظام السوري، فيما تم الإفراج عن 2 شخص آخرَين من مراكز الاحتجاز في محافظة دمشق بعد انتهاء مدة حكمهم التعسفي. هؤلاء الأشخاص كانوا قد قضوا عاماً واحداً في مراكز الاحتجاز، ولم يرتبط الإفراج عنهم بأي مراسيم عفو سابقة. بالإضافة إلى ذلك، سجل التقرير الإفراج عن 6 أشخاص بينهم 1 طفل، بعد أيام قليلة من اعتقالهم دون أن يتم تقديمهم للمحاكمة. معظم المفرج عنهم كانوا من أبناء محافظتي دمشق ودرعا، وقد أمضى معظمهم مدة احتجازهم في الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري.
وفقاً للتقرير، أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن 11 شخصاً بينهم 2 طفل، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم عدة أيام حتى ثلاثة أشهر، وكان معظمهم من أبناء محافظتي دير الزور وحلب.
كما وثَّق التقرير إفراج هيئة تحرير الشام عن 6 أشخاص بينهم 1 طفل من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب، حيث تراوحت مدة احتجازهم بين عدة أيام إلى أربعة أشهر، دون توجيه تهم واضحة لهم.
من جهة أخرى، أفرجت فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني عن 8 أشخاص، من مراكز الاحتجاز التابعة لها. تراوحت مدة احتجازهم بين عدة أيام إلى عدة أشهر، دون تقديمهم لمحاكمات أو توجيه تهم واضحة لهم. وأشار التقرير إلى أنَّ الإفراج عن معظمهم جاء بعد ابتزاز ذويهم مالياً مقابل إطلاق سراحهم.
أفاد التقرير بأنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أصبحت مصدراً موثوقاً للعديد من هيئات الأمم المتحدة، حيث استندت إليها عدة قرارات دولية، من بينها مشروع قرار حالة حقوق الإنسان في سوريا A/C.3/78/L.43، الذي تم التصويت عليه في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقد أدان القرار استمرار النظام السوري في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة، وأكد أنَّ عدد المعتقلين تعسفياً بلغ أكثر من 135,000، مشيراً إلى مسؤولية النظام عن الاختفاء القسري المنهجي، والذي يصنف كجريمة ضد الإنسانية.
أوضح التقرير أنَّ قضية المعتقلين والمختفين قسراً لم تشهد أي تقدم يُذكر رغم إدراجها في العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، مثل خطة كوفي عنان وبيان وقف الأعمال العدائية في شباط/فبراير 2016، وقرار مجلس الأمن رقم (2254) في كانون الأول/ديسمبر 2015.
أكد التقرير أنَّ النظام السوري لم يلتزم بأي من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنَّه خرق عدة مواد في الدستور السوري. فقد استمر في توقيف مئات الآلاف من المعتقلين دون مذكرات اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تهم لهم، مع حرمانهم من توكيل محامين أو تلقي زيارات عائلية. وحوَّل 68 % من هؤلاء المعتقلين إلى مختفين قسرياً دون إبلاغ عائلاتهم بمكان احتجازهم.
وأشار التقرير إلى أنَّ النظام السوري لا يزال مستمراً في عمليات التعذيب والاحتجاز التعسفي، ولم يُظهر أي تجاوب مع قرار التدابير المؤقتة الصادر عن محكمة العدل الدولية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. كما أضاف التقرير أنَّ النظام لا يزال يحتجز 136,614شخصاً تحت ظروف الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري، ما يؤكد استمرار انتهاكه لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها سوريا في عام 2004.
أشار التقرير أيضاً إلى أنَّ قوات سوريا الديمقراطية، وهيئة تحرير الشام، وفصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني كلها ملزمة بتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، ورغم ذلك ارتكبت انتهاكات واسعة عبر عمليات الاعتقال والإخفاء القسري.
اختتم التقرير بتوجيه توصيات إلى مجلس الأمن الدولي بضرورة متابعة تنفيذ قراراته السابقة (2042، 2043، 2139)، كما طالب بتشكيل لجنة أممية حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري في سوريا، والعمل على الكشف عن مصير 112,000 مختفٍ، 85 % منهم لدى النظام السوري. كما أكد التقرير على أهمية الضغط الدولي للكشف عن سجلات المعتقلين، والسماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة أماكن الاحتجاز. كذلك، شدد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، والتوقف عن استخدام المعتقلين كرهائن حرب.