اللغات
متاح بالـ
لاهاي – الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان:
28 كانون الأول/ديسمبر 2024 – أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً جديداً يسلط الضوء على استمرار الكارثة الإنسانية الناتجة عن الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في سوريا، وذلك رغم فتح جميع مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد. وأكدت أنَّه وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّ هناك ما لا يقل عن 112,414 شخصاً لا يزالون مختفين قسراً على يد نظام الأسد، على الرغم من الإفراج عن آلاف المعتقلين في الأسابيع الأخيرة.
يشير البيان إلى عمليات الإفراج التي تزامنت مع استعادة المدن الكبرى بعد سلسلة من العمليات العسكرية التي أطلقتها إدارة العمليات العسكرية تحت مسمى “ردع العدوان”. وقد أدت هذه العمليات إلى استعادة السيطرة على مدن رئيسة مثل حلب، حماة، حمص، ودمشق. ومع فتح السجون والفروع الأمنية، تم إطلاق سراح جميع المعتقلين. وقد رصد فريق الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان هذه الأحداث عن كثب، حيث أجرى مئات المقابلات مع المفرج عنهم وأفراد عائلاتهم، بهدف توثيق ظروف احتجازهم ومصيرهم.
الجهود المنهجية لتوثيق المختفين قسراً
منذ عام 2011، كرست الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان جهودها لتوثيق الانتهاكات المتعلقة بالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، من خلال فريق متخصص اعتمد على شهادات الناجين، وشهادات ذوي الضحايا، فضلاً عن الوثائق والأدلة المتاحة. ونتيجة لهذه الجهود، أنشأت الشَّبكة قاعدة بيانات شاملة ومتطورة تحتوي على معلومات دقيقة حول المعتقلين والمختفين قسراً، بما في ذلك مصيرهم المحتمل، مع إجراء تحديث مستمر لهذه البيانات لإصدار إحصاءات دقيقة وتقارير متكاملة.
أدلة تثبت الجرائم المنهجية
رغم الإفراج عن آلاف المعتقلين، يؤكد البيان أنَّ الغالبية العظمى من المختفين قسراً لقوا حتفهم تحت التعذيب، أو في ظروف احتجاز غير إنسانية، أو من خلال الإعدام الميداني. ويستند البيان إلى أدلة دامغة على هذه الجرائم، من بينها:
1. تسجيل الوفيات في السجل المدني: منذ عام 2018، بدأ نظام بشار الأسد بتسجيل آلاف المختفين قسراً على أنَّهم “متوفون” دون تسليم جثامينهم أو إبلاغ عائلاتهم بملابسات وفاتهم.
2. أحكام إعدام جماعية: كشف التقرير عن بيانات موثوقة تفيد بصدور أحكام إعدام جماعية بحقِّ آلاف المختفين قسراً، خاصة في مراكز احتجاز مثل سجن صيدنايا العسكري.
3. عدد المُفرج عنهم: بعد فتح السجون، قُدر عدد المُفرج عنهم بنحو 24,200 شخص. ومع ذلك، تشير قاعدة بيانات الشَّبكة (حتى آب/2024) إلى أنَّ العدد الإجمالي للمعتقلين والمختفين قسراً بلغ 136,614 شخصاً، مما يعني أنَّ أكثر من 112,414 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين.
4. اكتشاف مقابر جماعية: خلال الأسابيع الأخيرة، تم الكشف عن مواقع تحتوي على رفات آلاف الضحايا الذين أعدموا خارج نطاق القانون، ما يؤكد الجرائم الممنهجة التي ارتكبها نظام بشار الأسد.
مع ذلك، تؤكد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ هؤلاء الأشخاص يُعتبرون مختفين قسراً، حيث لم تُسلّم جثامينهم إلى ذويهم، ولم تُكشف تفاصيل دقيقة عن مصيرهم. وأنَّ الكشف عن هذه الحقائق يتطلب جهوداً طويلة ومكثَّفة للوصول إلى الحقيقة الكاملة حول ما حدث لكل فرد من هؤلاء الضحايا.، وأنَّ ذلك يجب أن يتم ضمن إطار محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مع تقديم تعويضات عادلة للضحايا وأسرهم.
توصيات عاجلة لمعالجة القضية
يشدد البيان على ضرورة اتخاذ خطوات فورية وعملية لمعالجة هذا الملف الإنساني، ومن أبرز هذه التوصيات:
• الكشف الكامل عن مصير المختفين قسراً: يجب فتح تحقيقات مستقلة وشفافة لمعرفة ملابسات اختفائهم وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم.
• محاسبة المتورطين: ضمان محاسبة جميع المسؤولين، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.
• تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للعائلات: توفير برامج تأهيل نفسي واجتماعي للعائلات التي فقدت أحباءها.
• الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية: حث الحكومة السورية على الالتزام بالاتفاقيات الدولية، مثل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
دعوة إلى المجتمع الدولي
تدعو الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لضمان تحقيق العدالة والمساءلة للضحايا وعائلاتهم، والعمل على تعزيز حماية حقوق الإنسان في سوريا.