تزود محافظة حلب بمياه الشرب عبر محطتي الخفسة والبابيري الواقعتان في الريف الشرقي الخاضع حالياً لسيطرة تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية منذ بداية شهر شباط 2014، وقد سبق وأن توقفت هاتان المحطتان يومي الأحد والإثنين 20 و21/ نيسان/ 2014 بسبب امتناع إدارة مؤسسة الكهرباء التابعة للحكومة السورية عن ضخ الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل المضخات، لكن ما لبث أن عادتا للعمل على خلفية إجراء مفاوضات مع الحكومة السورية من جهة ومنظمة الهلال الأحمر، وبعض أهالي مدينة حلب من جهة أخرى.
إن عملية ضخ المياه إلى منازل الأهالي في مدينة حلب تتطلب أن تعمل المضخات الرئيسة في المدينة، وتعتبر المضخة الواقعة في حي سليمان الحلبي أكبرها وأهمها، وجميعها تحتاج إلى الطاقة الكهربائية العالية من أجل التشغيل. في يوم الجمعة 18/ نيسان/ 2014 قطعت “الهيئة الشرعية التابعة لكتائب المعارضة المسلحة” التيار الكهربائي عن مدينة حلب بالكامل سواء المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية أو المعارضة وذلك بعد أن أعلنت الهيئة عن:
“إن على القوات الحكومية أن توقف القصف اليومي بالبراميل والصواريخ على الأحياء السكنية الخاضعة لسيطرة المعارضة، مقابل ذلك تعمل “الهيئة الشرعية” على إعادة خدمة التيار الكهربائي”
بقيت المضخات تعمل بالاعتماد على المولدات الاحتياطية التي تعمل على الديزل؛ ما أدى إلى وصول المياه مرة واحدة كل ثلاثة أيام.
في المدة الواقعة بين الأحد 27/ نيسان حتى الجمعة 2/ أيار، عادت المضخات الكهربائية للعمل بشكل متقطع، وتوقفت في يوم الجمعة بسبب قصف الطائرات المروحية الحكومية إحدى القنابل البرميلية على الطريق الواقع بين مشفى الكندي وقرية العويجة؛ ما تسبب في تدمير الأنبوب الرئيس للمياه، وانتشار المياه في الطرقات، ووصولها إلى دوار الجندول، قام عمال من شركة المياه ومنظمة الهلال الأحمر وبمساعدة بعض السكان المدنيين بإصلاح الأنبوب المتضرر، وعاد ضخ المياه في اليوم التالي بتاريخ 3/ نيسان/ 2014.
في اليوم التالي 4/ نيسان/ 2014 أصدرت الإدارة العامة للخدمات التابعة لجبهة النصرة والهيئة الشرعية لفصائل المعارضة المسلحة قراراً بوقف عمل مضخة سليمان الحلبي، ما أدى لانقطاع المياه عن كافة أحياء حلب سواء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، أو تحت سيطرة القوات الحكومية.
يقول فضل عبد الغني رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
إن استخدام قطع المياه عن الأهالي كأسلوب من أساليب الحرب يرقى إلى “جريمة حرب وهو عمل إجرامي غير مقبول يُهدد حياة قرابة 2 مليون من سكان المدينة، إن مسؤولية احترام الحقوق الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة تتحملها تلك الفصائل بشكل كامل”.
تواصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مع أحد سكان حي الشعار وهو حي واقع تحت سيطرة كتائب المعارضة المسلحة وأفاد الشبكة بروايته:
“منذ نهاية شهر نيسان وحتى اليوم نعاني من تردي وضع شبكة المياه في حلب، وبات انقطاع المياه يترافق مع انقطاع متكرر للكهرباء، ومع بداية شهر أيار ازداد الوضع سوءاً حيث انقطعت المياه بشكل متواصل مدة تزيد عن 8 أيام .
تتبادل قوات النظام وقوات الجيش الحر الاتهامات عن مسؤولية المسبب، لكننا في الواقع نعيش حالة كارثية، فقد نفد مخزون المياه لدينا ولم يبقَ لدينا إلا مياه الآبار، حيث نصطف في طوابير طويلة للحصول على القليل منها.
مياه الشرب الصالحة للاستخدام لم تعد متوفرة، قمنا بشراء خزانات وصهاريج تحمل مياهاً في الغالب ليست صحية إضافة إلى كلفتها المالية الكبيرة”
السيد “إبراهيم فلاح” وهو من سكان حي الشهباء الواقع تحت سيطرة القوات الحكومية تحدث إلى الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن أوضاع المدنيين في ظل انقطاع المياه:
“بدأت الأزمة بعد انقطاع المياه المتواصل لأكثر من 8 أيام في بعض الأحياء، وأكثر من 11 يوماً في أحياء أخرى.
ارتفعت أسعار مياه الشرب المعدنية إلى أكثر من 4 أضعاف، وكذلك أسعار مياه الاستخدام اليومي، التي يتم شراؤها من الصهاريج ارتفع سعرها إلى أكثر من 6500 ليرة سورية للسوتير الواحد سعة 20 لتراً، كما قامت بعض الصهاريج المخصصة لنقل المحروقات بتوزيع المياه بعد طلي داخلها بمادة خاصة، ولا أعلم مدى صلاحية هذه المياه للاستعمال، بعض الناس باتوا يعتمدون على مياه الآبار؛ الأمر الذي اضطر المئات للوقوف أمامها في طوابير لانتظار دورهم، نحن على حافة كارثة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”